هل تستثمر الشركات الأمريكية في النفط السوري؟

قسم البحوث والدراسات الاستراتجية 04-12-2025
عكس الاجتماع الذي أجراه الجولاني، يوم الثلاثاء، مع شركة “شيفرون” الأمريكية، لبحث فرص التعاون في مجال استكشاف النفط والغاز في السواحل السورية، تغيرا جوهريا في توجه الدولة السورية، فبعد أن كان النظام السوري السابق قد وقع مع شركات روسية عقودا على التنقيب في السواحل السورية، يتجه نظام الجولاني لتغيير الاتفاقيات ومنح العقود لشركات أمريكية.
ويبدو أن الشركات الأمريكية قد رفعت من وتيرة اهتمامها بقطاع النفط السوري، وتحديدا بعد اقتراب توقيت الإعلان عن رفع العقوبات الأمريكية “قيصر” بشكل نهائي عن سوريا.
وذكرت وكالة الأنباء السورية “سانا” أن الاجتماع “التمهيدي” جرى بحضور المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك حضر الاجتماع، ووزير الخارجية السوري الشيباني، ووفد من شركة “شيفرون” برئاسة نائب الرئيس التنفيذي لقطاع التطوير رانك ماونت.
مقاربة أمريكية متبدلة
ويشير الملاحظين والباحثين إلى تزامن الاجتماع مع التحولات المتسارعة في ملفات الطاقة والسياسة والدبلوماسية، والحديث عن تعاون محتمل بين الولايات المتحدة الأمريكية ونظام الجولاني في مجال استكشاف النفط والغاز قبالة السواحل السورية لا يمكن عزله عن السياق الدولي، ولا عن مقاربة واشنطن المتبدلة تجاه الشرق الأوسط، ولا عن حسابات دمشق التي تبحث عن قنوات انفتاح جديدة تخفف من ضغط الأزمة الممتدة منذ سنوات.
ورغم أن الخطوة لا تشكل إعلانا رسميا عن بدء استثمارات أمريكية فعلية، فإن مجرد الحوار مع واحدة من أكبر شركات الطاقة في العالم يعكس تطورا لافتا، ويوضح أن واشنطن التي اعتمدت طيلة السنوات الماضية على أدوات الضغط والعقوبات، تبدو اليوم أكثر انفتاحا على مقاربة مرنة تبقي لها حضورا في ملف حساس مثل قطاع الطاقة في شرق المتوسط، وهذا الانفتاح، إن تطور، قد يشير إلى رغبة أمريكية في إعادة تموضع هادئ داخل سوريا عبر البوابة الاقتصادية بدل السياسية أو العسكرية.
ومن جهة ثانية، فحكام دمشق الجدد يرون أن أي انفتاح على شركات غربية كبرى يمنح إشارات مهمة للأسواق الدولية، ويعزز فكرة أن الاقتصاد السوري قابِل للعودة التدريجية إلى خارطة الاستثمار، حتى لو كانت الطريق طويلة ومعقدة.
كما يرى الخبراء أن التعاون مع شركة بحجم “شيفرون” يقرأ كخطوة تمنح قطاع الطاقة السوري قيمة إضافية، وتعيد وضعه على رادار الشركات العالمية التي كانت تتجنب الاقتراب من الساحة السورية بسبب المخاطر الارهابية في سوريا.
ولكن يرى خبراء آخرون انه لا يمكن الجزم بأن الاستثمارات الأمريكية بدأت فعليا بالدخول إلى سوريا، لكن بوابة الحوار قد فتحت فعلا بعد زيارة الجولاني لواشنطن، وإن السياق الدولي والإقليمي يدفع الأطراف إلى إعادة حساباتها، بحثا عن ترتيبات أكثر واقعية وفائدة، ومع تعقد مشهد الطاقة عالميا، قد تجد الشركات الأمريكية في الساحل السوري فرصة استراتيجية تستحق المتابعة، وقد تجد دمشق في هذه الخطوة نافذة لإعادة بناء قطاع يعد من أهم ركائز مستقبلها الاقتصادي.
الشركات الأمريكية في الصدارة
في المقابل، يرى المستشار الأول لوزارة الاقتصاد والصناعة السورية أسامة قاضي، أن اجتماع الجولاني بشركات أمريكية يؤكد أن الاستثمارات الأمريكية بدأت تصل سوريا، ويقول “يمكن اعتبار أن الشركات الأمريكية ستكون في صدارة الشركات الأجنبية التي تستثمر في مجال الطاقة السورية”.
وفي المقابل يقول خبراء أن ما سبق يبدو أقرب إلى رسم حدود النفوذ الاستثماري للأمريكيين أكثر من قابليته للتنفيذ في المدى القريب.
وهذا يرجح بالأساس الى الهيمنة الكاملة على حقول النفط الخاضعة لسيطرة التحالف الدولي بقيادة واشنطن في شمال شرقي سوريا، كما يبدوا ان شركة “شيفرون” تسعى إلى تثبيت عقود الاستثمار في حقول شمال شرق سوريا بشكل منفصل عن التعقيدات السياسية، لتجنب تكرار تجربة العراق حيث توقفت الاستثمارات بسبب الخلاف بين حكومة بغداد وإدارة إقليم كردستان العراق.



