أخبار العالمأمريكاالشرق الأوسط

“هذه ليست حربنا”: انقسام داخلي نادر في واشنطن حول الحرب بين إسرائيل وإيران وسط محاولات لوقف التدخل الأميركي

حرّك تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران مشهداً سياسياً أميركياً مضطرباً، تميّز بتباينات داخل الحزبين الكبيرين، ومحاولات متقاطعة لتفادي التورّط في حرب جديدة في الشرق الأوسط. وبينما أثارت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب المتناقضة بشأن احتمال انخراط بلاده في هذا الصراع ارتباكاً سياسياً، سارع مشرّعون من الديمقراطيين والجمهوريين إلى بناء تحالف نادر لتقييد أي تحرك عسكري أميركي خارج مظلة الكونغرس.

برز هذا التلاقي غير المألوف تحت ما يوصف في واشنطن بـ«ظاهرة حدوة الحصان»، حيث تتلاقى رؤى التيارات اليمينية المتشددة واليسار التقدمي، مدفوعة بمخاوف مشتركة من الانزلاق نحو «حرب أبدية» جديدة لا تخدم المصالح الأميركية.

مشاريع تشريعية تعيد السلطة إلى الكونغرس

تقدّم النائب الجمهوري توماس ماسي والنائب الديمقراطي التقدمي رو خانا بمشروع قانون يؤكد على أن قرار الحرب يعود حصرياً للكونغرس، ما لقي دعماً فورياً من شخصيات بارزة مثل النائبة ألكسندريا أوكاسيو كورتيز. كما أيدت النائبة الجمهورية مارجوري تايلور غرين المشروع، مؤكدة رفضها لتوريط الولايات المتحدة في حروب خارجية لا تحقق شعار “أميركا أولاً”.

هذا التوجه تكرس بمواقف حادة من كل من غرين والسيناتور المستقل برني ساندرز، إذ قدّم الأخير مشروع قانون يمنع استخدام أموال دافعي الضرائب في أي عمل عسكري ضد إيران من دون تفويض صريح من الكونغرس، مدعوماً بزملائه إليزابيث وارن وكريس فان هولان. وقال ساندرز إن حرباً كهذه ستكون كارثية إنسانياً ومالياً، وستسهم في مزيد من زعزعة الاستقرار بالمنطقة.

من جانبه، أعاد السيناتور الديمقراطي تيم كاين طرح مشروع تفويض الحرب الذي يضع قيوداً دستورية على دور الرئاسة في شن الحروب، قائلاً: “المصلحة الوطنية لا تبرر الانخراط في صراع مع إيران إلا إذا شكّل تهديداً مباشراً لأمن الأميركيين”.

انقسام داخل الحزب الجمهوري… وترمب في مأزق وعوده

رغم هذا التوافق العابر للحزبين، تظهر انقسامات واضحة داخل الحزب الجمهوري، حيث يطالب “صقور” الحزب بدعم مباشر لإسرائيل في ضرب إيران، بما في ذلك خيارات هجومية. ويثير هذا الانقسام تساؤلات حول قدرة الكونغرس على تمرير قوانين تحد من صلاحيات الرئيس في مثل هذه الحالات.

ترمب، الذي بنى شعبيته على تعهدات بوقف الحروب الخارجية، يواجه اليوم معضلة الحفاظ على تماسك وعوده الانتخابية، بينما يكرّر تأكيده على منع إيران من امتلاك سلاح نووي. وقد بدا التوتر واضحاً حين ردّ غاضباً على تصريحات المذيع المحافظ تاكر كارلسون، الذي حذّر من أن حرباً مع إيران “ستنهي رئاسته”، فكتب ترمب على “تروث سوشيال”: “هلا ذكّر أحدكم تاكر أن إيران لا يمكنها امتلاك سلاح نووي؟”.

لكن النائبة غرين، التي لا تخفي إعجابها بكارلسون، دافعت عنه بقوة، معتبرة أن رفض الحروب الدائمة لا يعني “غربة أطوار” بل يمثل صميم المصلحة الوطنية.

استراتيجية أم ارتباك؟

أمام التصريحات المتباينة داخل الحزب الجمهوري وتهديدات التورط في حرب إقليمية واسعة، يبقى الغموض سيد الموقف: هل يعكس تردد ترمب نقاشاً داخلياً حقيقياً أم أنه يستخدم التناقض كأداة استراتيجية لإبقاء الخيارات مفتوحة؟

الجواب قد يتضح في الأسابيع المقبلة، لكن المؤكد أن ملامح الإجماع النادر في الكونغرس بدأت تتشكل حول عنوان واحد: “هذه ليست حربنا”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق