أخبار العالمأمريكاإفريقيا

هذه تونس الزيتونة يا راعي البقر……….

أيها السيناتور الأمريكي… توقف قليلًا عن الصراخ، فصوتك يضيع بين صخب التاريخ. أنت تتحدث وكأن تونس ولاية تابعة لكم، وكأن الزيتونة الكبرى تنتظر فتوى من مجلس شيوخك، أو كأن قرطاج التي علمت العالم فنون البحر والسياسة تنتظر تصريحًا من راعي بقر جاء متأخرًا آلاف السنين.

أتعرف ما معنى الزيتونة؟

إنها الجامعة التي خرّجت العلماء قبل أن يعرف بلدك شكل المدارس. إنها الحضارة التي صاغت العقل والفكر يوم كان أجدادكم يطاردون البيسون في البراري. تونس ليست مستعمرة جديدة كي تضعها في جيبك الخلفي بجانب مسدسك، تونس أكبر من ذلك بكثير.

أنتم تقولون ديمقراطية؟

بالله عليك، أي ديمقراطية هذه التي بنيت على إبادة الهنود الحمر وسرقة أراضيهم؟

أي ديمقراطية تلك التي قامت على ظهور العبيد الذين جلبتموهم بالسلاسل؟

 وأي عدل تتحدثون عنه وأنتم أول من دعم الطغاة والديكتاتوريات طالما مصالحكم بخير؟

يا راعي البقر… إن كنتم تتقنون فنون الغزو والنهب، فنحن أبناء الزيتونة نتقن فنون الكلمة، وفنون الصمود، وفنون البقاء.

حضارتنا ليست بطاقة ائتمان ولا صفقة في البورصة، حضارتنا ممتدة منذ قرطاج حتى القيروان، ومن ابن خلدون حتى اليوم.

تونس التي قاومت الرومان والوندال والعثمانيين والفرنسيين، قادرة أن تضعكم في حجمكم الطبيعي: دولة طارئة عمرها بضع مئات من السنين تتوهم أنها مرجعية أخلاقية للعالم. بينما الحقيقة أنكم مجرد إمبراطورية من ورق، تصنع الحروب حين تفلس، وتزرع الفوضى حين تخسر نفوذها.

فدع عنك خطبك أيها السيناتور، فنحن لسنا بحاجة لدروس من بلاد لم تعرف إلا كيف تبني سجونًا أكبر من مدارس، وتصدّر الموت أكثر من الدواء، وتفاخر بجبروت سلاحها بينما شعوبها تموت من الإدمان والجريمة.

هذه تونس الزيتونة يا راعي البقر… بلد لا يُشترى ولا يُباع، بلد يقف شامخًا بتاريخ من العلم والجهاد والمقاومة. وإن كانت أمريكا اليوم تتوهم أنها الشرطي العالمي، فتونس تعرف أن الشعوب هي من تكتب التاريخ، لا أبواق السيناتورات المتعجرفين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق