أخبار العالمالشرق الأوسطبحوث ودراسات

إيران تُضاعف استعدادها: 2000 صاروخ دفعة واحدة

يكشف هذا المقال الذي نشرته صحيفة نيويورك تايمز بعض المعطيات حول استعدادات إيران الدفاعية لمواجهة أي عدوان مستقبلي. واعتبر مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية “علي واعظ” في حديثه مع اتب المقال “إن رد إيران على أي هجوم إسرائيلي قادم سيكون أقل تقييدًا بكثير مما كان عليه في يونيو”.

كما أكد على أن المسؤولين الإيرانيين أبلغوه أن مصانع الصواريخ تعمل على مدار الساعة (24/24)، مضيفًا: “إذا اندلعت حرب جديدة، فهم يأملون بإطلاق ألفي صاروخ دفعة واحدة لإغراق الدفاعات الإسرائيلية، بدلاً من 500 صاروخ على مدى 12 يومًا كما فعلوا في يونيو”.

وبالرغم من مغالطات كاتب المقال حول نتائج حرب الـ 12 يوماً، بحيث عكس حالة إسرائيل كطرف مأزوم يريد إنهاء المواجهة العسكرية بأسرع وقت جراء الخسائر الجسيمة التي لحقت بها. إلا أنه يشير الى فعالية الغموض الذي تستخدمه إيران فيما يتعلق ببرنامجها النووي، وبما يتعلق بمصير مخزونها من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60%. مبيناً كثيرون في المنطقة يخشون أن تصبح الحرب بين إيران وإسرائيل حتمية.

إيران تُضاعف استعدادها: 2000 صاروخ دفعة واحدة

يؤكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الضربات الأميركية قد “سحقت” برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني هذا الصيف، لكن مسؤولين ومحللين إقليميين باتوا أقل اقتناعًا بهذه الرواية في الأشهر اللاحقة، محذرين من أن اندلاع جولة جديدة من الحرب بين إسرائيل وإيران ليس سوى مسألة وقت.

الاتفاق النووي المبرم عام 2015، والذي كان يهدف إلى تقييد تخصيب إيران لليورانيوم، انتهى الشهر الماضي. العقوبات القاسية على إيران أُعيد فرضها، والمفاوضات حول برنامجها النووي تبدو ميتة على الأقل في الوقت الراهن. أما مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب – الذي يكفي لصنع 11 سلاحًا نوويًا – فهو إما مدفون تحت الأنقاض كما تقول طهران، أو نُقل إلى مكان آمن كما تعتقد إسرائيل.

كما يبدو أن إيران تواصل العمل في موقع تخصيب جديد يُعرف باسم “جبل المعول”(Pickaxe Mountain)، وقد رفضت السماح للمفتشين الدوليين بدخوله أو دخول أي مواقع أخرى يُشتبه في استخدامها نوويًا، باستثناء تلك المعلنة رسميًا.

النتيجة: جمود خطير – لا مفاوضات، ولا يقين بشأن المخزون الإيراني، ولا رقابة مستقلة. وكثيرون في الخليج يرون أن ذلك يجعل ضربة إسرائيلية جديدة ضد إيران شبه حتمية، نظرًا إلى إيمان المسؤولين الإسرائيليين منذ زمن بأن البرنامج النووي الإيراني يشكل تهديدًا وجوديًا.

وقال “علي واعظ”، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، إن رد إيران على أي هجوم إسرائيلي قادم سيكون أقل تقييدًا بكثير مما كان عليه في يونيو. وأوضح أن مسؤولين إيرانيين أبلغوه أن مصانع الصواريخ تعمل على مدار الساعة (24/24)، مضيفًا: “إذا اندلعت حرب جديدة، فهم يأملون بإطلاق ألفي صاروخ دفعة واحدة لإغراق الدفاعات الإسرائيلية، بدلاً من 500 صاروخ على مدى 12 يومًا كما فعلوا في يونيو”.

ولا توجد أدلة على أن هجومًا جديدًا وشيك، لكنه أضاف: “إسرائيل تشعر أن المهمة لم تُنجز، ولا ترى سببًا لعدم استئناف الصراع، لذلك تضاعف إيران استعدادها للجولة المقبلة”.

إيران اليوم أكثر عزلة عن الغرب مما كانت عليه منذ عقود. أما القوى العربية الإقليمية – مثل السعودية ومصر والإمارات – فقد عززت نفوذها على واشنطن والرئيس ترامب، جزئيًا عبر الروابط الاقتصادية وجزئيًا عبر تعاونها مع الولايات المتحدة في محاولة لإيجاد تسوية دائمة لحرب غزة. الرئيس الجديد لسوريا سيتوجه إلى البيت الأبيض يوم الاثنين طلبًا للدعم الأميركي، بعد أن كانت دمشق في عهد الأسد – الذي انهار نظامه العام الماضي – حليفًا استراتيجيًا لإيران.

في الوقت نفسه، تسعى هذه القوى الإقليمية إلى الحفاظ على علاقاتها مع إيران، كما تقول سانام وكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في “تشاتام هاوس”. فهي لا ترغب في حرب إقليمية جديدة، وتدرك أن إيران – رغم ضعفها – ما زالت قادرة على خلق عدم استقرار عبر قواتها المباشرة أو وكلائها في لبنان والعراق واليمن والخليج وأماكن أخرى.

وتقول سوزان مالوني، الخبيرة في الشأن الإيراني ومديرة برنامج السياسة الخارجية في معهد بروكينغز: “إيران أضعف مما كانت عليه منذ الغزو الأميركي للعراق، لكنها ليست ضعيفة إلى حد فقدان التأثير. فإيران الضعيفة أسهل على دول الخليج في التعامل معها وإبقائها قريبة، لأنها في لحظة يأسها قد تصبح أكثر خطورة”.

وقد حذر المسؤولون الإسرائيليون منذ يونيو من أنهم مستعدون لمهاجمة إيران مجددًا إذا اقتربت من إنتاج سلاح نووي – وهو ما تنفيه طهران دومًا. الإسرائيليون يدركون أن البرنامج النووي الإيراني تضرر لكنه لم يُدمّر بالكامل، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن ترامب أوقف الحرب في يونيو قبل أن تنتهي كما كانت إسرائيل ترغب.

وقال الباحث ه. أ. هيليير، من “مركز التقدم الأميركي” في واشنطن و”المعهد الملكي للخدمات المتحدة” في لندن: “إسرائيل تريد ضمان احتواء البرنامج النووي الإيراني، ولن تحصل على ذلك عبر المفاوضات، لذا أعتقد أن نيتها تتجه إلى الضرب مجددًا. الإيرانيون يعيدون البناء، ولكن بمجرد تجاوزهم خطًا معينًا، ستهاجمهم إسرائيل مرة أخرى”.

كما تسعى الدول العربية إلى العمل مع ترامب لفرض بعض الضوابط على إسرائيل، التي باتت تطمح إلى الهيمنة الإقليمية بعد تدميرها لغزة وحماس وحزب الله وإلحاق الأذى بإيران. ويحاول المسؤولون العرب تشجيع مفاوضات نووية جديدة بين إيران والولايات المتحدة، وإن كان التفاؤل في هذا الشأن ضعيفًا.

وقال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي الثلاثاء إن “العداء الأميركي لإيران متأصل”. وأضاف في كلمة بمناسبة ذكرى اقتحام السفارة الأميركية في طهران في 4 نوفمبر 1979: “الطبيعة المتغطرسة لأميركا لا تقبل إلا بالاستسلام”. وبدت كلماته وكأنها تهدف إلى قطع الطريق أمام أي مفاوضات جديدة مع واشنطن حول البرنامج النووي.

الأسبوع الماضي، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن واشنطن قدمت “شروطًا غير مقبولة ومستحيلة”، منها إجراء محادثات مباشرة ووقف كامل وقابل للتحقق لتخصيب اليورانيوم. وقد رفض مجددًا كلاً من المفاوضات المباشرة وإنهاء التخصيب. لكنه أكد أن إيران ما زالت منفتحة على محادثات غير مباشرة بشروط محددة، منها ضمان عدم وقوع هجمات عسكرية أو ضغوط اقتصادية إضافية، وتعويضها عن أضرار الحرب – وهي مطالب ترفضها واشنطن. وقال عراقجي في حديث مع قناة الجزيرة إن أي هجوم إسرائيلي مستقبلي سيواجه “عواقب وخيمة”.

وفي ظل هذا الجمود الدبلوماسي، يدور في إيران جدل حول كيفية المضي قدمًا وسط غياب الخيارات الجيدة، كما يقول واعظ. فبعض المسؤولين الإيرانيين يريدون التسوية وعقد اتفاق مع ترامب، معتبرين أن البلاد غير قادرة حتى على إبقاء الأضواء مشتعلة، وأن استمرار المواجهة يخدم إسرائيل وقد يؤدي إلى انهيار الحكومة تحت ضغط الشارع.

في المقابل، يدعو آخرون إلى المواجهة، إذ يرون أنه من المستحيل التعامل مع ترامب الذي انسحب من اتفاق 2015 وقصف إيران مجددًا لمساعدة إسرائيل وسط مفاوضات نووية جديدة.

لكن المعسكرين يتفقان على أن جولة جديدة من المواجهة مع إسرائيل حتمية. وقال واعظ: “البلاد تضاعف استعدادها للجولة المقبلة، وتأمل أن تفضي إلى توازن جديد يمحو شعور الضعف الإيراني”.

وقال رافائيل غروسي، مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لصحيفة فايننشال تايمز الأسبوع الماضي إن المنظمة تعتقد أن معظم مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب نجا من الحرب، لكن وضعه غير واضح في غياب التفتيش. وقدّر أن لدى إيران نحو 400 كغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهي نسبة قريبة من درجة السلاح.

وقال واعظ إن الدول العربية تركز الآن على غزة، بينما يبقى الملف النووي الإيراني مصدر قلق. وتسعى السعودية لتعزيز أمنها عبر معاهدة دفاع مشترك مع باكستان وُقعت في سبتمبر، كما تأمل في ضمانات أمنية أميركية شبيهة بتلك التي حصلت عليها قطر بعد قصف إسرائيل لقادة حماس هناك، ما أثار غضب ترامب.

وأوضحت فاكيل أن المواقف الإقليمية تحمل تمايزات دقيقة؛ فتصور ضعف إيران وتراجعها يشكل فرصة لدفعها إلى التراجع رسميًا عن دعم وكلائها. وأضافت أن دول الخليج تفكر على المدى الطويل: “هناك نافذة فرصة لعقد تسويات أكبر مع إيران وهي في حالة ضعف وعزلة، لكن في الوقت نفسه هناك قلق من أنه في جولة جديدة من الحرب مع إسرائيل، قد تكون إيران أقل ضبطًا لنفسها”.

المصدر: نيويورك تايمز – Newyork Times

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق