نور الدين يلديز.. مفتي تركيا العثمانية وتلميذ سيد قطب
عمر فاروق– محلل وكاتبي مختص في الإسلام السياسي
في إطار الدور الاستعماري التوسعي الذي تلعبه تركيا تحت قيادة أردوغان و”حزب العدالة والتنمية”، وظفت عدًا من الرموز الدينية لدعم الخطاب الفكري المؤيد لمواقفها ومشاريعها السياسية في الهيمنة والسيطرة على الشعوب الإسلامية والعربية.
صنعت تركيا مؤسسات دينية تستقطب وتجند من خلالها الشباب العربي، واستخدامهم كوقود في معاركها في الخارج، لاسيما أنها حظيت بدور فاعل في تدعيم عسكرات القتال داخل سوريا والعراق وليبيا بالمزرتزقة الذين تدربوا على أيدي المخابرات التركية مؤسساتها.
ومن أشهر الداعاة الذين يستخدمهم أردوغان في توطين سياسته الإستعمارية، نورالدين يلديز، المعروف بمفتي الرئيس أردوغان أوالدولة العثمانية الجديدة، والمتأثر بأفكار حسن البنا وسيد قطب، وأبوالحسن الندوي والإخواني السوري عبدالفتاح أبوغدة.
ساهم نور الدين يلديز، في إنشاء عدد من المؤسسات التي تتخذ طابعًا دينيًّا، تقوم بنشر أفكار الإخوان داخل تركيا وخارجها، إضافة إلى سيطرته على منصب الأمين العام لاتحاد علماء تركيا، وإدارته لموقع مجلس الفتوى، فضلًا عن تأسيسه وأدارته لجمعية “النسيج الاجتماعي”،التي تمتلك معسكرات في غابات مدينة إسطنبول لتجنيد الشباب العربي وتدريس كتب حسن البنا وسيد قطب.
كانت جمعية “النسيج الاجتماعي”، الملاذ الآمن لعناصر الإخوان المصريين الهاربين إلى تركيا عقب ثورة 30 يونيو 2013، واستضافتهم داخل معسكراتها في إسطنبول،بجانب تأسيس مركز لتدريبي إخوان سوريا الذين يقاتلون في صفوف الميليشيات المدعومة من أنقرة، تحت مسمى “معسكر مدرسة الدعاة”.
عقب ثورات الربيع العربي، نشر الموقع الرسمي لجمعية “النسيج الاجتماعي”، في 7 يونيو2011، أن الرئيس الفخري للجمعية نور الدين يلديز، استقبل وفدًا من قيادات ومسؤولي قيادات الإخوان في تركيا ومصر وسوريا، في مدينة ديار بكر جنوب شرق تركيا، لمناقشة مناهج التعليم في الدول العربية وتكريس فكرة الخلافة ضمن تلك المناهج وإلغاء الحدود بين الدول وحل الخلافات بين الدول الإسلامية.
وفي 29 مارس2012 أجرى زيارة لمدة يومين إلى الأردن، زار خلالها مقر جماعة الإخوان بعمّان، والتقى مع الأمين العام للجماعة بالأردن همام سعيد.
بعد اغتيال السفير الروسي لدى تركيا، في 19 2016، أثبتت الصحافة التركية أن الضابط القاتل مولود ميرت ألتن تاش، كان يحضر دروس نور الدين يلديز باستمرار.، ويحتفظ بعدد كبير من كتبه داخل مكتبة منزله.
وعن العلاقة الوثيقة بين قيادات تنظيم القاعدة ورموز جماعة الإخوان، وصف “مفتى أردوغان”، عبد الله المحيسني زعيم تنظيم القاعدة السابق في سوريا، بأنه “شخصية تستحق دعم جميع المسلمين”،ووفقًا لصحيفة NRC الهولندية، في أغسطس2018، وذلك عقب أشهر قليلة من مقطع فيديو للمحيسني، في 27 مايو2018، قال فيه: “على الأخوة قراءة كتب الشيخ التركي نور الدين يلديز”.
كان موقع هيئة الإغاثة الإنسانية التركية، (المتهم الرئيسي بنشر الإرهاب في العمق الإفريقي والعديد من الدول العربية)، نظم مؤتمرًا في ديسمبر2016، بعنوان “مؤتمر القادة المسلمين الشباب – حسن البنا”، بمشاركة كل من نور الدين يلديز، ومحمود حسين الأمين العام لجماعة الإخوان في مصر، ومدير مديرية الشباب والرياضة في بلدة إسكودار بإسطنبول يعقوب أوكوز، بحسب شبكة “ناشيونال ريفيو”.
وحول استراتيجية المخابرات التركية في تجنيد الدعاة ورجال الدين لتحقيق أهدافها، ذكرت دراسة صادرة عن مركز “مناهضة التطرف الأوروبي” ( مقره ستوكهولم)، أن الاستخبارات التركية تستخدم أسلوب المنح الدراسية وتبادل الزيارات الخاصة بالجمعيات الخيرية والدينية كستار لأنشطتها الرامية إلى اختراق المجتمعات العربية والإسلامية، وتجنيد شبابها، واستخدمهم كعملاء لجهاز المخابرات بعد عودتهم إلى موطنهم.
وتعد منظمة الشباب التركي Turkey Youth Foundation (TÜGVA) التي أسستها ويديرها بلال أردوغان نجل الرئيس التركي في مقدمة المنظمات غير الحكومية التركية التي تمول برنامج المنح التعليمية التركية، وذلك بمعاونة عدد من المنظمات التركية غير الحكومية، من بينها “رابطة أتراك المهجر” و”معهد يونس عميري للإغاثة” و”المركز التركي للغات والثقافة” و”الخطوط الجوية التركية”.
ويعتبر نجل الرئيس التركي اللاعب الأهم في عملية تصدير مفاهيم ونظريات “الإسلام الراديكالي” التي تعكس توجهات وأفكار الرئيس التركي ويعاون بلال أردوغان في القيام بتلك المهمة أفراد من المقربين من عائلة الرئيس التركي الذي عبر عن اعتزازه في مناسبات عديدة بدور تلك المنظمة ووصف القائمين عليها بأنهم “صناع الحضارة الجديدة”.
وتقوم مؤسسة “ديانه”، وهي منظمة إغاثية تركية مدعومة من وزارة الشئون الدينية والأوقاف التركية، بدور مهم في استقبال الدارسين في المعاهد التركية، فضلًا عن وكالة التنسيق والتعاون الدولي التركية.
وبحسب الدراسة، يستغل النظام التركي القيادات الدينية في إسباغ قداسة على مفاهيم (الإسلام الراديكالي) التي يتبناها الرئيس التركي وفي مقدمتهم حريتن كرمان المعروف في تركيا بشيخ الفتوى، حيث قال “إن شرط تمام إيمان المسلم لا يتحقق إلا باعتناق تعاليم الإسلام الراديكالي كما يراها أردوغان خليفة المسلمين”.
بجانب الدور الذي يقوم به نور الدين يلديز، تقوم كذلك “جمعية الحكمة” بنفس الدور، والتي تأسست عام 2002 بمنطقة الفاتح في إسطنبول، على يد جمال الدين كريم، رجل الأعمال التركي من أصل سوري، ويتولى رئاستها التنفيذية حاليا، الإخواني المصري، عبد العزيز إبراهيم.
طرحت “جمعية الحكمة”، عددًا من المشاريع الفكرية، التي تتبنى أفكار سيد قطب، وحسن البنا، وأبو الأعلى المودودي، ومشروع دولة الخلافة، التي تستهدف التركيز على المراهقين والأشبال والفيتات، والشباب.
عملت “جمعية الحكمة”، على الهيمنة على الجاليات العربية، واللاجئيين العرب، الذين تضرروا من مناطق الصراع في سوريا والعراق واليمن وليبيا، وتعتبر أول منظمة تركية تنضم لما يسمى بـ”اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا”، المظلة الرسمية لجماعة الإخوان في الغرب.
وفي عام 2005، 2006 أسند لـ”جمعية الحكمة”، تنظيم الاجتماعات الخاصة بالمجلس الأوروبي للفتوى والبحوث، والتي استضافتها إسطنبول، وشارك فيها يوسف القرضاوي، وعدد من قيادات التنظيم الدولي، ودخلت شراكة مع بعض المؤسسات الإخوانية، مثل الاتحاد العالمي للطلاب، واتحاد الجمعيات الأهلية بالعالم الإسلامي الخاضع لسيطرة لحزب العدالة والتنمية.
ومن ضمن المنظمات التي تلعب دور في تجنيد الشباب العربي من داخل اسطنبول،”اتحاد المنظمات الأهلية”، الذي تم تأسيسه في أسطنبول، ويضم أكثر من 350 منظمة تابعة لحماعة الإخوان حول العالم، ويسند إليه جمع التبرعات وأموال الزكاة والصداقات، ويشرف عليه اثنين من قيادات التنظيم الدولي، وهما غزوان المصري، وجمال كريم الدين، من أصل سوري ويحملان الجنسية التركية، ويترأسه الإخواني على كورت.
يمثل “اتحاد المنظمات الأهلية الإسلامية”، حلقة الوصل بين المؤسسات الإخوانية لتمرير أموال الجماعة داخل منطقة الشرق الأوسط، والعالم الإسلامي، ويرتبط بعلاقات شراكة واسعة مع اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، واتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، وغيرها من المؤسسات الدولية التابعة لجماعة الإخوان في الغرب.
يضم الاتحاد عددا من المؤسسات المصرية، مثل مؤسسة مصر 25 لرعاية طلاب العلم، واتحاد الجمعيات المصرية في تركيا، واللجنة الإسلامية للمرأة والطفل، “بيت الحكمة” للاستثمارات والنزاعات، وجمعية “المواساة” للأعمال الخيرية، وجمعية “أيادي الخير”.