نفاق أوروبي وانجرار وراء وجهات نظر سلبية في التعامل مع روسيا
بروكسل-بلجيكا-23-02-2021
أكد الممثل الاعلى للسياسة الخارجية والأمن بالإتحاد الأوروبي، نائب رئيس المفوضية، جوزيب بوريل، أن وزراء خارجية الإتحاد توصلوا “إلى اتفاق سياسي لفرض إجراءات تقييدية ضد المسؤولين عن اعتقال وإدانة واضطهاد (المعارض) ألكسي نافالني” لدى عودته إلى روسيا.
وأشار بوريل، في مؤتمر صحفي بالفيديو في نهاية مجلس الشؤون الخارجية في بروكسل، إلى أن الإجراءات ستدخل الآن مرحلة “العمل الإداري”.
ورأى رئيس الدبلوماسية الأوروبي أن روسيا “تبتعد عن أوروبا”. وقال أن الوزراء أقروا “بالإجماع” أن موسكو “غير مهتمة بالتعاون” مع الإتحاد الأوروبي، واختارت بدلاً من ذلك مسار ما أسماه “الصدام” و”القطيعة” مع التكتل الموحد.
في مقابل موقف الإتحاد الأوروبي، يرى مراقبون أن”ما من أمر يثير غضب البعض مثل إعطائهم جرعة جيدة من الحقيقة”..هذا ما ظهر بالفعل في ردّة فعل الإتحاد الأوروبي عندما قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إنه لا يمكن اعتبار الإتحاد “شريكاً موثوقاً به” في هذه الفترة.
وعلى مرّ عقود كان خنوع أوروبا لسياسات واشنطن المعادية لروسيا، فضلاً عن تدخل الاتحاد الأوروبي في الشؤون السيادية لروسيا، السبب الرئيسي لتصريح لافروف أمام منسق السياسة الخارجية في الإتحاد جوزيف بوريل،في أثناء زيارته الرسمية لموسكو.
لقد كان ردّ الكرملين أمراً طبيعياً في سياق السياسة التي انتهجتها أوروبا تجاه روسيا، خاصة تهديدها المستمر بفرض المزيد من العقوبات على موسكو.
ومنذ أن قام الإتحاد الأوروبي بتوسيع عضويته، خلال الأعوام السابقة، إلى أن وصل العدد الحالي إلى 27 دولة، اكتسب سياسة أكثر تعقيداً وغير متماسكة وعقيمة تجاه روسيا، ويمكن القول إن العامل الرئيسي هو عضوية بولندا ودول البلطيق في إستونيا وليتوانيا ولاتفيا التي انضمّت إلى الإتحاد الأوروبي في عام 2004 مع ست دول أخرى في ما كان أكبر حالات التوسّع للكتلة.
وتتميّز بولندا ودول البلطيق بسياسة العداء الشديد تجاه روسيا، أو ما يمكن تسميته “رهاب روسيا”، وهنا يشار إلى أنه عندما عاد جوزيف بوريل من زيارته الأخيرة إلى موسكو، قاد السياسيون من الدول المذكورة أعلاه، الدعوات إلى استقالته وفرض المزيد من العقوبات على روسيا. هذه الدول هي التي حركت وجهات النظر المعادية لروسيا، بما في ذلك الادّعاءات بأن لدى موسكو خططاً للعدوان عليها، وأنها تشكّل تهديداً أمنياً وشيكاً.
لقد استفادت واشنطن بشكل كبير من حالة “رهاب روسيا” لزيادة نفوذها على أوروبا، وتعتبر بولندا ودول البلطيق من أشد المؤيدين لحشد قوات الناتو على طول الحدود الروسية، كما تعارض هذه الدول بشدة المزيد من تطوير إمدادات الغاز الروسي من خلال مشروع “نورد ستريم 2” بينما تروّج للوقود البديل، مثل الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة، بالرغم من أن الأخير سيكون أكثر تكلفة بالنسبة للمستهلكين والصناعة والشركات.
ووصل العداء غير العقلاني تجاه روسيا، إلى درجة أن سياسيين من بولندا ودول البلطيق يعارضون حتى تسجيل الإتحاد الأوروبي لاستخدام لقاح (سبوتنيك) بالرغم من فعاليته المثبتة ومشكلات التوريد المعلقة لتلقيح المواطنين في الإتحاد الأوروبي.
يقول عضو البرلمان الأوروبي الآيرلندي ميك والاس: “إن السياسيين في بولندا ودول البلطيق مهووسون بإطلاق وجهات نظر سلبية حول روسيا”، ويضيف أنه “بالرغم من أن تأثيرهم على السياسة الأوروبية صفر، لأن فرنسا وألمانيا هما المحركان الرئيسيان للسياسة، ومع ذلك، فهم مصدر توتر في العلاقات مع روسيا”.
تاريخياً، يقول والاس، إن الاتحاد الأوروبي سمح بدخول دول أوروبا الشرقية تلك في صفوفه لسببين: تعزيز أرباح الشركات الأوروبية من خلال الوصول إلى مجموعة من العمالة الرخيصة، وثانياً، لتسهيل توسّع الناتو والمجمع الصناعي العسكري.
لكن “ثمن” هذه المكاسب المزعومة كان على حساب العلاقات الأوروبية الروسية، وهذا ما ينعكس في النفاق الأوروبي والإزدواجية.. فمن ناحية، يحتاج الإتحاد الأوروبي إلى روسيا لتزويدها بالوقود، ومن ناحية أخرى، فإن التعصّب الأعمى والأحكام المسبقة ضد روسيا وجدت متنفساً لها من الدول الأعضاء اليمينية الرجعية.
لذا فإن موسكو محقة في إخبار الأوروبيين المراوغين بأنه لا يُعتمد عليهم، لأنهم غير جديرين بالثقة.