من وعد بلفور إلى تهويد الضمائر الى خيانة التطبيع… الأرض ليست للبيع
إعداد قسم البحوث والدراسات الاستراتجية والعلاقات الدولية
رغم الفتن والمحن، يمر علينا 106 أعوام على “وعد بلفور”، وفي ظل إقدام أنظمة عربية على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل. فما لبثت هذه اللعنة تحل على المخيم العربي وتبتلع عقول الحكام وتلبسهم ثوب العار والطغيان والتهويد، حيث سعى الكيان الصهيوني الى دس العملاء وزرع الفتن والدسائس وتهويد الضمائر، حتى أصبحت الخيانة متوغلة في كل دواليب الدولة وعلى رأس الحكومات والوزارات والمجالس والدواوين.
خدمة لمصالح الغرب الصهيوني وتهيئة لأرض التطبيع وربط العلاقات مع اسرائيل وتناقل أسرار الدولة والمعلومات التي لا يفصح عنها فكانت قاعدة بيانات مخترقة.
من وعد بلفور إلى التطبيع.. هذه الأرض ليست للبيع
عبر الأجيال وفي المخيلة والأذهان حمل الشعب التونسي وزر القضية الفلسطينية على عاتقه وصارت تونس قلعة للكفاح فمنذ عام 1948، تطوّع أكثر من 2600 تونسي لدعم الفلسطينيين، واتجهوا إلى فلسطين سيراً على الأقدام عبر ليبيا فمصر، وكانت أعداد من التونسيين قد وصلت إلى فلسطين قبل ذلك لمقاتلة العصابات الصهيونية.
وعام 1982، بعد إخراج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، احتضنت تونس قيادات وأعضاء في الفصائل الفلسطينية على رأسهم زعيم المنظمة ياسر عرفات وبقوا فيها حتى سنة 1992.
وأقدمت إسرائيل خلال سنوات 1985 و1988 و1991 على شنّ غارات على مكاتب لمنظمة التحرير في تونس استشهد فيها فلسطينيون وتونسيون، كما اغتالت على الأراضي التونسية القيادي خليل الوزير (أبو جهاد)، في منزله الكائن في جهة سيدي بوسعيد.
وفي سياق مشاركة التونسيين في قتال إسرائيل، انضم العشرات إلى فصائل مقاومة فلسطينية ولبنانية لمحاربة إسرائيل في لبنان، تم تسليم رفات 11 منهم، سنة 2008، عندما جرت صفقة تبادل أسرى بين حزب الله وإسرائيل بوساطة ألمانية.
وأشهر التونسيين الذين وهبوا حياتهم لقضية قتال إسرائيل ميلود ناجح، الذي اقتحم في 26 نوفمبر 1987 معسكر قيادة المنطقة الشمالية للجيش الإسرائيلي باستخدام طائرة شراعية؛ وعمران المقدمي 1988 بعد اقتحامه موقعاً عسكرياً إسرائيلياً داخل مستعمرة دان في شمال هضبة الجولان؛ وعمر قطاطسنة الذي أصيب برصاص الجيش الإسرائيلي، عام 1992، أثناء إمداد فلسطينين دفعتهم إسرائيل باتجاه حدود لبنان لترحيلهم، بالمؤونة.
ولم يقتصر النضال التونسي بجانب الفلسطينيين على سنوات القرن الماضي، فقد شيّعت تونس سنة 2016 المهندس محمد الزواري، العضو في “كتائب الشهيد عز الدين قاسم”، الجناح العسكري لحركة حماس، والذي اغتاله الموساد الإسرائيلي في صفاقس.
لم تتوانى المواقف التونسية على مر السنين في السعي نحو تدويل القضية الفلسطينية وإعادتها الى الواجهة السياسية الدولية، رغم ماعانته تونس من ضغوط دولية مرهقة بفعل الدسائس والمؤامرات فوصل الحد الى القيام بالاغتيالات وتصفية كل يد تونسية ارتبطت بحركة الكفاح والتحرر الفلسطيني. وما اثار حفيظة هؤلاء موقف الرئيس التونسي قيس سعيد والذي حمل خطابه معنى الثأر والكفاح والمقاومة مخاطبا الجماهير القومية العربية في كل انحاء العالم ند للند وفي تحد تام ضد العدو والحكام المطبعين فانطلقت المقاومة النفسية والإيديولوجية والحربية وعششت في كل فكر متحرر عاشق للحرية .
ما شهدته العاصمة التونسية من مواقف حازمة ومسيرات وتظاهرات ووقفات احتجاجية منددة بالعدوان الإسرائيلي على غزة. حاملة شعار “سُنّوا فوراً قانون تجريم التطبيع مع العدوّ الصهيوني”. لمن ذلك لن يمر مرور الكرام وهذا يعلمه الجميع اذ تحبك الكمائن والفتن والمصائد لتكتلات دولية تريد إسكات الصوت التونسي الثائر والمعروف بثوراته بل بطوفانه .
ان “وعد بلفور” هو الاسم الشائع لرسالة بعثها وزير الخارجية البريطاني، آرثر جيمس بلفور، في 2 نوفمبر 1917، إلى اللورد (اليهودي) ليونيل وولتر دي روتشيلد، وقال فيها إن حكومته ستبذل غاية جهدها لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
وبموجب هذا الوعد، أُنشئت إسرائيل، عام 1948، على أراضٍ فلسطينة محتلة، ما تسبب بتشريد قطاع كبير من الشعب الفلسطيني، وعدم تمكنه من تأسيس دولته المستقلة حتى الآن.
أن “كل من يطبع خرج عن إرادة شعبه ورسالته، فالسوادن لن تكون نزهة للكيان الصهيوني، والشعب الإماراتي والبحريني يأبى هذه الخيانات، وإن فرضُت عليه بالطغيان والاستبداد الذي يمارسه حكامه”.
الحكام الذي يحملوا وزر وعد بلفور، ضمن استراتيجية غربية استعمارية، لذا فهي تتحمل المسؤولية الأخلاقية والإنسانية والسياسية في محاولة أن يقتلع الشعب الفلسطيني من أرضه، مسوقا أن هذه الأرض بلا شعب لشعب بلا أرض، وهذه أكبر كذبة بالتاريخ.
إن المسلسل التطبيعي يثبت أن مطامع الكيان (إسرائيل) تتجاوز فلسطين لتمتد إلى عواصم عربية والأدهى والأمر أن الدول التي سلمت مفاتيحها… الى الصهاينة ستكون هي ذاتها في مقدمة كل احتلال .