من هي كتيبة المجاهدين الفرنسيين في سوريا؟ ومن هو أميرهم “عمر أومسن”؟

إعداد بدرة قعلول رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتجية الأمنية والعسكرية 23-10-2025
كتيبة المجاهدين الفرنسيين في سوريا
السلطات الفرنسية منزعجة جدا بما يسمى كتيبة أو مجاهدين فرنسيين في سوريا، هؤولاء يتوجدون حسب المصادر والتقارير في شمال غرب سوريا، ولا يتجاوز عددهم المائة والخمسون بحسب تقارير استحباراتية فرنسية وسورية.
وبحسب التقارير يعيش أكثر من مائة وخمسون مقاتلاً فرنسياً انضموا الى “هيئة تحرير الشام” خلال الحرب مع النظام السابق، وقد تمّ استقطابهم من المجموعات الإرهابية وأغلبهم قد سافر من فرنسا الى سوريا بجوازات سفر فرنسية وبعدها انظموا الى الإرهابيين متعددي الجنسيات وخاصة “هيئىة تحرير الشام” الإرهابية.
هذه المجموعة تثير قلقل السلطات الفرنسية بشكل كبير ففرنسا دائما لا تريد أن يرتبط أسمها بالإرهاب بالرغم من أنها تغاضت عليهم عندما كانوا في سوريا، المهم بالنسبة لفرنسا اليوم ضمان عدم عودتهم الى فرنسا.
وبحسب مصادر ميدانية فإن أقلية قد ألقت السلاح وأنتهى دورها بترضيات معينة من مجموعة “الجولاني” ولكن الأغلبية اليووم عادت للقتال والبروز وخاصة تخوين الجولاني وجماعته الذين “نكثوا العهد معهم وتفاهموا مع الأمريكان والغرب لتصفيتهم.
فلا يزال القتال بالنسبة لهذه الكتيبة “الطموحة” مستمراً بقيادة “أميرهم عمر أومسن” وهو فرنسي الجنسية، وبحسب المعطيات فهو يستمر في تجنيد واستقطاب “مقاتلين” من فرنسى بالتحديد، والهدف كما يعلنه هذا الإرهابي “الأمير” أصبح أوسع من تحرير الشام بل الهدف اليوم أصبح عالمي “تحرير العالم بأسره”.
وبحسب المصادر الميدانية فالكتيبة موجودة في إدلب ويتجولون بكل ثقة في النفس ويتكلمون اللغة الفرنسية، وإدلب تقع في المنطقة الشمالية الغربية من سوريا، التي كانت معقلاً لمعارضة نظام بشار الأسد خلال الحرب، حيث يقيم معظم “الجهاديين” الفرنسيين الـ150 الذين ما زالوا يعيشون بحرية في سوريا. وبحسب بعض المصادر فلقد وصلةا الى إدلب في شهر يوليو 2017، “لإنقاذ السكان” من جيش “بشار الأسد” وشاركوا في القتال ضمن فصائل مختلفة مرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش.
وبعد الإطاحة بالنظام السوري وبحسب المصادر الميدانية منهم من أعطيت له وظيفة وتمت ترضيته وهم اقلية وبالتالي تخلى عن سلاحه، ولكن معضمهم لم يتخلى عن سلاحه ولا يزال يهدد ويرفع السلاح علانية في المنطقة فهؤلاء يحاولون الانضمام إلى المنطقة العراقية السورية وبالطبع لم تتم ترضيتهم ولا إعطائهم الجنسية السورية.
وفي شهر ديسمبر الماضي 2024 وبعد أن وضع الجولاني على رأس السلطة في سوريا طمأن جماعته الإرهابية متعددة الجنسيات وقال أنه سيعطيهم الجنسية السورية لأنهم قد شاركوا معه في الإطاحة بنظام بشار الأسد. ولكن الوقائع الى اليوم تقول لم يفي الجولاني بوعوده وتركهم ينتظرون بل وطلب منهم تسليم سلاحهم، وبالتالي وجدوا أنفسهم في خطر داهم، لأنهم لا يمكن ان يرجعوا الى فرنسا التي لا تريدهم أصلا ولا يمكن أن تقبل بهم، ومن ناحية أخرى يمكن أن تدخلهم السجون أن عادوا وستكون أحكامهم كبيرة جدا، كما يمكن للجولاني ان يصفيهم أو يسلمهم الى القضاء الفرنسي.
تدرك مجموعة “كتيبة المقاتلين الفرنسيين” أنها تنتظرهم أحكاما تفوت 30 عاماً من السجن وتهمهم الإنتماء الى تنظيم إرهابي والقتل فهم بحسب القضاء الفرنسي “ارهابيين”. وقد كانت المصالح القضائية والتشريعية الفرنسية واضحة وصريحة فلقد صرّح أوليفييه كريستين، المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب الفرنسي، في مقابلة مع قناة “فرانس 2” أنه إذا غادر الجهاديون الفرنسيون سوريا، فسيتم اتخاذ إجراءات للقبض عليهم. وكأنه يبعث اليهم برسالة ابقوا هناك ولا تخاطروا بالرجوع الى فرنسا… وقد أجابه “عمر أومسن” انه “لا يشتاق الى فرنسا… الشيء الوحيد الذي يفتقده هو الجبن الفرنسي”.
من هو أمير المجاهدين الفرنسيين “عمر أومسن”؟
هو مجاهد لديه الجنسية الفرنسية من أصول سينغالية واسمه الحقيقي عمر ديابي، المعروف باسم “عمر أومسن” وهو اختصار لاسم عمر، والسنغال، بلده الأم، الذي غادره إلى فرنسا في سن السابعة، ويعتبر مواطن فرنسي.
يقود الأمير “عمر أومسن” “فرقة الغرباء”، وهي مجموعة المقاتلين الناطقين بالغة الفرنسية، في معسكر يقع في بلدة حارم، في أقصى شمال غرب سوريا، بالقرب من تركيا وفي موقع استراتجي للتدريب والإختفاء وتجارة السلاح والمخدرات والتهريب.
وبحسب التقارير الإستخباراتية الفرنسية وحتى السورية يعتبر من أبرز مُجنِّدي الجهاديين الفرنسيين، فله قدرة كبيرة على الإستقطاب واليوم يدعوا الى “تحرير العالم”، فمن تحرير الشام الى تحرير العالم وهو شخصية خطيرة، والجولاني يعلم ذلك جيدا وكذلك هيئة تحرير الشام و”الدواعش” فلقد كان يعمل معهم ويعرفون ذكائه في الإستقطاب ومهاراته في القتل والارهاب والمناورات.
ولا يجد “أومسن” حرجا في سرد حياته التي بدأها كـ”سارق مسلح” وحُكم عليه بالسجن خمس سنوات قبل أن يتجه للعمل كمدير لمطعم. بعد أحداث 11 سبتمبر، بدأ التساؤل حول مفهوم التضحية وتأثير القوى الكبرى على العالم، ما دفعه للانخراط في جماعات دعوية ودينية تابعة لتنظيم القاعدة، ومع اندلاع الحرب السورية، دعا الناس إلى “الهجرة إلى الشام”.
وانضم لاحقًا إلى جبهة النصرة، لكنه انفصل عنها بعد أن تبنى بعض قادتها مسارًا جديدًا مبتعدًا عن تنظيم القاعدة، مما دفعه إلى صراع مباشر معهم. ويؤكد أن مجموعته تراجعت عن خوض المعارك، قائلاً: “قاتلنا من أجل سوريا، الآن انتهت مهمتنا، نحن في التقاعد”، لكنه في الوقت ذاته يدعو إلى ما يسميه “الهجرة الثانية”، مستلهمًا من هجرة النبي محمد من مكة إلى المدينة، محذرًا من موجة أخطر قد تطرأ في المستقبل.
كذلك وبحسب مصادر فرنسية ف”عمر اومسن” له إرتباط بالقاعدة وحتى أنهم يرون أنه لا يزال انتمائه الفكري والإيديولوجي للقاعدة وقد جعل من مدينة أريان في نيس الفرنسية، التي ينحدر منها، إحدى المنصات الرئيسية للانطلاق نحو سوريا في العام 2010.
يعيش “أومسن” في سوريا منذ 12 عاماً، محاطاً بأكثر من 150 مقاتلاً ناطقاً بالفرنسية، وحوالي 70 جهادياً، برفقة زوجاتهم وأطفالهم، داخل معسكر محصن بالأسلاك الشائكة على الحدود التركية، وفق صحيفة “ليبراسيون”.
يسمي رجال “عمر أومسن” زعيمهم بـ”أميرالمكان”، وبحسب فريق صحفي فرنسي تواصلوا معه واستطاعوا مقابلته داخل معسكره، وهما فريق من مجلة “ليبراسيون” الفرنسية وفريق قناة “فرانس 2” فالصحافيين تقابلوا معه وسجلوا معه حوارا ميدانيا والرجل كان همه الوحيد هو الترويج لنفسه ولإنجازاته “العظيمة” فلقد أظهر لهم بفخر المنازل قيد البناء، وملعب كرة قدم، والمسبح الذي يحفره أمام منزله، بل ويفتخر أمام كاميرا القناة الثانية الفرنسية ويقول “هذا طبيعي، لديّ أربع زوجات. وأطفال أيضاً… حوالي عشرة”، وطبعا يجب أن يوفر لهم الحياة الكريمة على حساب الجماجم السورية والأراضي السورية والشعب السوري…
كما أن “الامير” في لقائه الصحفي كان يروج لأفكاره وايديولوجيته بكل فخر وثقة في النفس، فلقد قال “يريد هذا الشاب، المولود في نيس، فرض “الإسلام الحقيقي” لوضع حدٍّ لتوسع “الفساد” الذي يروج له الغرب”… أنا لست فرنسيا… أنا مسلما”
يؤكد أنّه جاء إلى سوريا لمساعدة الشعب السوري، غير “أنّ رحيل بشار الأسد لا يعني نهاية الصراع المسلح… عندما أتينا إلى هنا، كان في أذهاننا مشروع إسلامي عالمي. أنا لست هنا لتحرير سوريا فحسب، بل لتحرير العالم أجمع، بما في ذلك فرنسا، وأعتزم الموت من أجل هذا المشروع”.
يدعي “عمر أومسن” أنه أصبح متطرفاً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، متأثراً بشخصية بارزة “بن لاذن” في المجال الجهادي في ذلك الوقت بفضل سلسلة فيديوهات التجنيد الخاصة به التي تحمل عنوان 19HH، والذي يشير إلى الهجوم على برجي التجارة العالميين.
يقول إنه يُعد سلسلة فيديوهات جديدة بعنوان “درب الصالحين” يوضح الرجل الذي يزعم أنه لا يزال يتمتع بهالة من الشهرة في أوروبا: “أبدأ من البداية ليفهم الناس ماهية الجهاد، ولماذا نشأ في ديننا”.
ويستشهد، كدليل على ذلك، بإنضمام أربعة أوروبيين على الأقل “ناطقين بالفرنسية”، على حد قوله، إلى معسكره منذ سقوط النظام. يعني ذلك أن الرجل لا يزال يستقطب في الشباب الأوروبي للإنظمام الى فكرته الإرهابية وهو يركز على الناطقين باللغة الفرنسية ليس الفرنسيين فحسب فهناك الكثير من الجنسيات تتقن اللغة الفرنسية وبحسبه يجب ان تنخرط ضمن كتيبته لنشر الإسلام العالمي”.
وبحسب مصادر استخباراتية سورية فإن “عمر أومسن” استعاد بريقه وتقوت جاذبيته من جديد، وبدأ ينشط في الدعوة من جديد في فرنسا وخاصة لكل الناطقين بالفرنسية ومن يعرفون اللغة الفرنسية ولهذا تسمة كتيبته “المقاتلين الفرنسيين”، وهناك تقارير فرنسية تلفت الإنتباه لأن مجموعته رجعت تنشط وخاصة تستقطب مجددا وبكل قوة في نصف العام الجاري 2025 لأنّ نصف أعضائها شاركوا في العملية التي شنّها “الثوار” على دمشق.
وبحسب تصريحاته فقد أقرّ “عمر أومسن” انه قد شارك هو وجماعته في الهجوم بدءاً من الأول من ديسمبر 2024، وفي معركة حماة، ثم حمص، ثم اللاذقية، والغريب وفي نفس الوقت لا يُخفي عداءه للحاكم الجديد لسوريا، وربما ذلك يعود كما أشرنا منذ البداية بأنه لم يتحصل على ما يريد. وبحسب المصادر الميدانية هناك فلقد وعده الجولاني بالكثير وبمنصب كبير وبجنسيات سورية لمجموعته، ولكنه أخلف وعده وبالتالي اصبح “عمر أومسن” ينصب العداء للجولاني ويعتبره عدوا.
وفي تبريره للعداء للجولاني والحكام الجدد لسوريا وضح “عمر أومسن” موقفه للفريق الصحفي: “فجأة، رأينا قائد السفينة يقفز الى سفينة أخرى ويبدأ بإطلاق النار على سفينتا”. وقد اشار في حديثه الصحفي كذلك “أنّ أولوية الجهادي السابق كرئيس للبلاد تكمن الآن في استعادة صورته في نظر المجتمع الدولي”.
يقول “أومسن” في تقييمه للجولاني: “أعدّ الجولاني حساء؛ ظنّ أنه بإضافة خضراوات مُرّة وحلوة وبلا طعم، سيُحضّر حساءً شهياً. لكنه أخطأ. لقد خلط بين الأعداء والمؤيدين والضحايا”.
وتؤكد أغلب المصادر الى أنّ الإرهابي “عمر أومسين” يقود فصيلًا مسلحًا يضم مقاتلين فرنسيين يقيمون في سوريا منذ سنوات، وقد شاركوا إلى جانب “الجولاني” خلال قيادته لجبهة النصرة في إدلب، وقاتلوا نظام بشار الأسد والقوات الروسية والإيرانية، ما جعله شخصية نافذة في حارم. كما أسس معسكرًا كبيرًا محاطًا بسور ضخم، وأقام إدارة مستقلة وسجونًا وقضاءً خاصًا، حتى أصبح يُنظر إليه بوصفه “الحاكم الفعلي” للمنطقة، يمارس سلطاته دون الرجوع إلى “هيئة تحرير الشام.”
وأشارت مصادر إلى أن “عمر أومسن” قد مارس بشعات كبيرة في السنوات الماضية من عمليات الاعتقال والتعذيب أدت إلى القبض عليه عام 2020، حيث قضى 17 شهرًا في السجن قبل إطلاق سراحه في فبراير 2022، وهو مصنف ضمن قوائم الشخصيات الإرهابية العالمية من قبل الولايات المتحدة ودول غربية أخرى.
ولا يزال “الفرنسي السينعالي” يعتبر نفسه عنصرا أمنيا في سوريا فلقد قال بصريح العبارة “إذا ظهر عدو وكان بإمكان الدولة حل المشكلة، فلتفعل ذلك بنفسها. لكن إذا رأينا أنها غير قادرة، فسنتولى الأمر سراً. إنقاذ المحتاجين واجب ديني”.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل ب150 عنصرا سيحل المشاكل الأمنية في سوريا؟ من وراء بروز هذا الإرهابي الأجنبي في سوريا الآن؟
اشتباكات بين الامن العام السوري وكتيبة المقاتلين الفرنسيين
حصلت اشتباكات مسلحة مؤخرا في مدينة حارم بريف إدلب الشمالي الغربي، بين قوات الأمن العام السورية وعناصر الكتيبة الفرنسية بقيادة “عمر أومسن”، وتعتبر قوات الأمن في سوريا ما يحدث بأنه يمثل مرحلة جديدة في أسلوب التعامل مع المقاتلين الأجانب في سوريا طبعا بعد شرط ترامب على الجولاني بتصفيتهم حتى يتم رفع العقوبات على سوريا.
وبعد ان استغلهم الجولاني في حربه على النظام السوري جاء اليوم ليقول انه هناك شبهة في تجنيدهم خلال سنوات النزاع، إلى جانب أفراد عائلاتهم. وأشارت جماعة الأمن العام السوري إلى أن “عمر أومسن”، البالغ من العمر 49 عامًا، يُعد من أبرز الجهاديين الفرنسيين في سوريا، وأن السلطات الفرنسية تضعه ضمن قائمة المسؤولين عن تجنيد نحو 80% من المقاتلين الناطقين بالفرنسية الذين توجهوا إلى سوريا والعراق خلال ذروة الصراع.
كما تصرّح جماعة الجولاني بأن “الأميرعمر أومسن” قد حوّل المخيم من مجرد مأوى لعائلات المقاتلين الأجانب إلى كيان شبه مغلق تمارس داخله سلطة موازية خارج إطار القانون…
ومع انتقال المخيم من موقعه القديم في منطقة المخيم الأزرق إلى مخيم الفردان، ظهرت إدارة داخلية غير خاضعة للرقابة يقودها “عمر أومسن”، أسس من خلالها نظامًا أشبه بدولة صغيرة، قائمة على محاكم شرعية محلية وشرطة داخلية وقرارات عقابية مستقلة… ويقول أن هذا مرفوض من قبل الحكم الجديد والكل يجب أن يخضع لقانون الجولاني.
كما تشير تقارير أن عمر أومسن يعتبر نفسه الوصي على كل الفرنسيين والناطقين بالفرنسية في سوريا، فهو يقوم بأعمال الخطف والإبتزاز وفي واقعة فقد إخطتف قاصر فرنسية تبلغ من العمر 11 سنة وظمّها الى معسكره لأنها من أصول فرنسية.
وما اثار حفيظة “الامن العام” أن “أومسين” حوّل المخيم إلى بؤرة مغلقة لتجنيد المقاتلين الناطقين بالفرنسية، وتوطينهم في معازل داخل الجبل، مما عزّلهم عن المجتمع المحلي وخلق حالة من الاحتقان بين السكان، الذين اشتكوا مرارًا من سلوك عناصره المتشدد وممارساته التي طالت الأمن الاجتماعي والاقتصادي، بما في ذلك مصادرة الممتلكات وفرض ما يسمى بـ”ضرائب دعم الجهاد”.
لماذا برز “عمر أومسن” في هذه الفترة؟ ولماذا الأمن السوري يريد تصفيته؟
تقول مصادر سوريا أن “الجولاني” بدأ بتطبيق شروط ترامب وبدأ يتخلص من معاونيه والأرهابيين الذين استعان بهم في الفترة الماضية، لأن ترامب طلب منه ذلك، وحتى قالت بعض المصادر السورية المقربة من الجولاني أن فرنسا كذلك، قد طلبت فعلا من الجولاني التخلص من هذه الكتيبة ومن “عمرأومسن” لانه أصبح يشكل خطرا، وعاود استقطاب الفرنسيين من جديد، وبالتالي تمّ افتعال حادثة إختطاف القاصر الفرنسية وارجاعها لمخيمه وتحركت القوات الأمنية وشنت هجوما مسلحا لتصفية “عمر أومسن”.
وذكر أن المخيم قد شهد اشتباكات عنيفة عقب محاولة قوات الأمن اقتحامه، حيث أطلقت العناصر المسلحة النار بكثافة، في حين شاركت طائرات الاستطلاع السورية من طراز “شاهين” في مراقبة الأوضاع ميدانيًا، واستخدمت القوات أسلحة متوسطة وثقيلة، ما دفع الأهالي إلى التزام منازلهم خشية على سلامة أطفالهم.
ولم تنجح قوات الجولاني في إقتحام المخيم بعد ان تدخلت كتائب المقاتلين الأجانب الأخرى، وخصوصًا الأوزبك والشيشانيين، الذين أعلنوا استعدادهم للتدخل دفاعًا عن المهاجرين الفرنسيين.
ورغم الحصار المشدد والتحصينات الأمنية المحيطة بالمخيم، لم تتمكن القوات من اقتحامه بالكامل، في حين بث عدد من المهاجرين الأوزبك والإيغور والشيشان تسجيلات مصوّرة أعلنوا فيها استعدادهم لمساندة المقاتلين الفرنسيين والدفاع عن “إخوانهم”.
وهذه الحادثة أثارت حالة من الإستنفار في مناطق أخرى في إدلب تضم مهاجرين أجانب مقاتلين يعرفهم جيدا الجولاني، فلقد قاتلوا معه ويعرف جيدا بأسهم وشدتهم في القتال ولكن قوات الأمن لا تزال في الميدان وتقول أنها مستعدة لتنفيذ عمليات مشابهة ضد مواقع جهاديين من جنسيات مختلفة، في محاولة للحد من نفوذ هذه الشبكات داخل المحافظة.
مخيم المقاتلين الفرنسيين
يقع المخيم على قمة تل في حارم، ويضم نحو 10 آلاف شخص بين مقاتلين وعائلاتهم من جنسيات متعددة تشمل الفرنسية، الإيغورية، الأوزبكية، والشيشانية. ويُعد آخر تجمع من نوعه للمقاتلين الأجانب الذين دخلوا سوريا خلال ذروة الحرب الأهلية بين عامي 2013 و2016، ويعيش سكانه وفق قوانينهم الخاصة بعيدًا عن مؤسسات الدولة والفصائل السورية.
المعسكر معروف إعلاميًا باسم “مخيم الفرنسيين” أو “مخيم المهاجرين الفرنسيين”، ويضم في المقام الأول مقاتلين ناطقين بالفرنسية، ويُقدّر عددهم بحوالي 150 مقاتلًا. يقع المخيم على مشارف مدينة حارم، ضمن مناطق تخضع لنفوذ مجموعات مسلحة متعددة، والموقع على التلال القريبة من الحدود التركية يمنحه خصوصية استراتيجية وأمنية، إذ يستخدم للتدريب والمبيت بعيدًا عن المراقبة المباشرة للفصائل المحلية والسلطات السورية.
الخلاصة:
سوريا الجولاني اليوم في مأزق أمني وعسكري كبير فهي تقع بين ضغط أمريكي غربي لتصفية المقاتلين الأجانب الذين شاركوا معه في الإطاحة بنظام الاسد وإعتلائه عرش سوريا، وبين وعده لهم بإعطائهم الجنسية وضمهم في مناصب في الدولة ودمج أعضائهم في الجيش والأمن.
الجولاني وجماعته اليوم في محاولة لتخفيض الضغط وربح الوقت يقولون أنهم في الفترة الحالية يحاولون الإسراع لدمج الإرهابيين ضمن الجيش والأمن السوري، في محاولة لإعادة السيطرة على المشهد العسكري الداخلي وضمان انصياع جميع الفصائل للقانون والدولة ولكن الحقيقة غير ذلك.
ولكن وفي المقابل لا تزال العديد من الفصائل تحتفظ بأسلحتها الخاصة، ما يعرقل عملية التوحيد ويجعل السيطرة الكاملة على المشهد العسكري أمرا غير ممكن. فلقد أنعدمت الثقة بينهم وبحسب المقاتلين الأجانب يقولون أن الجولاني قد تفاهم مع الأمريكان والغرب على تصفيتهم وإن سلموا اسلحتهم فسيموتون.
و”عمر أومسن” يعلم جيدا أن فرنسا تولي اهتماما كبيرا بإنهاء وجود المقاتلين الفرنسيين في سوريا بل وتريد “رأسه”، باعتبارهم جزءًا من شبكات الجهاديين التي يمكن أن تعود الى فرنسا وتكون وتهدد الأمن القومي.
تُعدّ قضية المقاتلين الأجانب قضية ملحة، إذ تخشى دولهم من دمجهم في جهاز الأمن السوري الجديد… كما اشترطت الإدارة الأميركية تحييدهم لرفع العقوبات عن سوريا.
وبعد أن أعلن الجولاني في البداية أنه يريد منحهم الجنسية السورية وقبولهم في الجيش، تراجع عن موقفه لأنه يعرفهم جيدا ويعرف مدى خطوتهم الميدانية وربما سيكونوا سببا في إهتزاز عرشه الذي صنعوه معه.
بالرغم من بقائه “عمر أومسن” تحت أنظار حكومة الجولاني، تتمتع هذه المجموعة الآن بنوع من الاستقلالية، ولكن لا يغادر “عمر أومسن” معسكره أبداً، مع أنه يدّعي أن له الحق في ذلك، فهو يدرك مدى خبث الجولاني وجماعته وهناك أمكانية تصفيته وبسهولة.