من صحراء قاحلة إلى واحة غناء… الصين تفتح ذراعيها لتعاون “الزراعة الخضراء” مع الدول العربية

إعداد قسم البحوث والدراسات الاستراتجية والعلاقات الدولية 15-07-2025
لم تتوقع قط المغربية نجاة السيمو أن النعناع الذي تم تربيته بتقنية الزراعة بدون تربة في منطقة زراعة ذكية بالصين، يشبه إلى حد كبير النعناع المزروع طبيعيا في بلادها، سواء من الحيث اللمس أم الرائحة.
مؤخرا، زارت السيمو، وهي الكاتبة العامة لمنظمة المرأة الدستورية لحزب الاتحاد الدستوري في المغرب، منطقة يانغ لينغ النموذجية للصناعة الزراعية الذكية بمقاطعة شنشي شمال غربي الصين، خلال مشاركتها في فعاليات الاجتماع الوزاري للحوار العالمي للحضارات.
وقالت السيمو إن النعناع يعد جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية للمغاربة، ومع ذلك وبسبب تغير المناخ، وخاصة انخفاض هطول الأمطار خلال السنوات الماضية، واجهت زراعة النعناع في بلادها تحديات متزايدة.
وأضافت، السيمو، عضوة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في المغرب أيضا، أن تقنية الزراعة بدون تربة رغم استخدامها بشكل بدائي في المغرب، لم يتم تعميمها بعد، مشيرة الى أنها شاهدت خلال الزيارة بشكل مباشر فعالية هذه التقنية، ومعربة عن تمنياتها في أن يعزز المغرب التعاون مع الصين في هذا المجال، خاصة في تبادل الخبرات وتدريب المتخصصين.
وشهد التعاون في التكنولوجيا الزراعية بين الصين والدول العربية تطورا متسارعا خلال السنوات الأخيرة خاصة بعد انعقاد القمة الصينية العربية الأولى في العاصمة السعودية الرياض عام 2022، التي طرحت فيها “الأعمال الثمانية المشتركة”، التي تتناول مجالات مثل الأمن الغذائي والتنمية الخضراء.
وفي موريتانيا، التي تعاني من جفاف طوال السنة وتغطي الصحراء معظم مساحتها، يعمل مشروع “الحديقة الصينية الأفريقية للتكنولوجيا الخضراء” كنموذج لمكافحة التصحر والتنمية الخضراء في القارة السوداء.
ووصف وزيرة البيئة والتنمية المستدامة الموريتانية مسعودة بحام محمد لغظف هذا المشروع بأنه “ليس مجرد مشروع ثنائي، بل ثورة خضراء قيد الإعداد”.
وأوضحت الوزيرة في مقابلة مع وكالة أنباء “شينخوا” مؤخرا أنه منذ توقيع أول اتفاقية تعاون بين الجانب الموريتاني والأكاديمية الصينية للعلوم عام 2017، حقق المشروع سلسلة من النتائج الملحوظة في موريتانيا، منها النجاح في تثبيت 100 هكتار من الأراضي الرملية، وتحويل 4 هكتارات منها إلى واحات قابلة للاستخدام المستدام من خلال تقنية صينية لمكافحة الرمال، وتدريب 45 فنيا محليا على تقنيات التخضير.
وأشارت الوزيرة الى الصين بأنها شريك “لا غنى عنه” لموريتانيا في مجال العلوم والتكنولوجيا، معربة عن تقديرها لاستكشافات الصين وإنجازاتها في مجال التكنولوجيا الخضراء والحوكمة البيئية.
وقالت إن تجربة الصين في تحسين جودة البيئة والتحول الأخضر تقدم رؤى قيمة للدول الإفريقية مثل موريتانيا، مضيفة “شاركت وزارتنا في العديد من مشاريع التبادل والتعاون التقني مع مؤسسات بحثية صينية، بما فيها الأكاديمية الصينية للعلوم والمعاهد التابعة لها، ما أدى إلى إرساء آلية متينة لتبادل الكفاءات”.
كما أكدت أن فلسفة التنمية الخضراء الصينية تتوافق بشكل وثيق مع الإجماع الدولي بشأن مكافحة التصحر وتغير المناخ والتنوع البيولوجي، وأن نهج التنمية الخضراء الصيني أصبح الآن جزءا لا يتجزأ من سياسات التنمية الوطنية الموريتانية.
ومن جانبه، قال السفير الصيني لدى نواكشوط تانغ تشونغ دونغ إن التعاون الزراعي بين الصين وموريتانيا يتمتع بتاريخ طويل وأساس متين، لافتا إلى أنه منذ ستينيات القرن الماضي، قدمت الصين تقنية زراعة الأرز إلى موريتانيا لأول مرة، مما ساعد هذه الدولة الواقعة في شمال غربي قارة إفريقيا على زراعة الأرز محليا، وأرسى أسسا متينة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الأرز بشكل أساسي.
وفي أبو ظبي مؤخرا، وقعت شركة “سلال”، وهي شركة متخصصة في التكنولوجيا الزراعية في الإمارات، اتفاقية تعاون استراتيجي مع مجموعة “شو قوانغ” الصينية للصناعات الزراعية، بهدف استثمار 120 مليون درهم إماراتي (حوالي 33 مليون دولار أمريكي) في مدينة العين لبناء مركز لتكنولوجيا الزراعة الذكية على مساحة 100 ألف متر مربع.
وقال تانغ تشيوان تشي، مسؤول مجموعة “شو قوانغ” للمشروع الإماراتي، إن التكنولوجيا الزراعية الصينية تتمتع بإمكانات كبيرة في الدولة الخليجية في مجالات مثل الزراعة بدون تربة والتحكم في درجة الحرارة والري الموفر للمياه، مضيفا “تهدف خطتنا إلى إدخال ما يقرب من 100 نوع من المنتجات الزراعية من الصين إلى الإمارات في السنوات المقبلة، حتى يتمكن الإماراتيون من تناول أصناف عالية الجودة ومنخفضة السعر من الفواكه والخضروات”.
وقال جين كه، مدير مكتب التعاون الدولي للأكاديمية الصينية للعلوم الزراعية، إن الزراعة ركيزة أساسية للتبادلات الحضارية بين الشعبين الصيني والعربي، وكذلك حجر زاوية لتطوير الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية في العصر الجديد، مشيرا إلى أن التنمية الخضراء والمستدامة تعد حاجة مشتركة للتنمية الزراعية في الصين والدول العربية.
المصدر: وكالة شينخوا