أخبار العالمالشرق الأوسطبحوث ودراسات

“من السلاح الى البيولوجيا”:كيف تخاض الحروب في عصر الذكاء الإصطناعي؟

الحروب هي ظاهرة قديمة قدم البشرية، تتأثر بمجموعة من العوامل الثقافية والاجتماعية والسياسية. عبر التاريخ، تطورت أساليب الحروب، بدءًا من الأسلحة التقليدية ووصولاً إلى التقنيات الحديثة، بما في ذلك الحرب البيولوجية.

تظهر الجيوش النظامية المدربة والمجهزة بأحدث الأسلحة المتطورة، مثل الطائرات والدبابات والصواريخ، وحتى أسلحة الدمار الشامل، عجزها في ساحة المعركة في مواجهة الأساليب القتالية المبتكرة التي تعتمد على تقنيات متقدمة مثل تقنية النانو ذات الذكاء الاصطناعي العالي. يُستخدم مصطلح “أجيال الحروب” لوصف مراحل تطور الحروب وأساليبها المختلفة، على الرغم من وجود تداخل بين هذه الأجيال في طرق استخدام الأسلحة والمعدات  ان تطور أساليب الحروب عبر التاريخ يعكس التغيرات الثقافية والتكنولوجية والاجتماعية التي شهدها العالم. و تنقسم الى 7 انواع:

حروب الجيل الأول : وهي الحرب التقليدية بين دولتين، تتواجهان مباشرة بجيشين نظاميين

حروب الجيل الثاني : تعًرف بـحرب العصابات

حروب الجيل الثالث : يعرفها البعض بالحروب الوقائية أو الاستباقية

حروب الجيل الرابع : الحروب اللامتماثلة

حروب الجيل الخامس :الحروب الهجينة
حروب الجيل السادس:  حروب خلق الأضداد

حروب الجيل السابع : حروب السيطرة على البشر

الحرب البيولوجية تعني نشر مسببات الأمراض الفتاكة بين البشر والحيوانات والنباتات بشكل متعمد. تظهر الأسلحة البيولوجية، مثل البكتيريا والفيروسات، كعوامل خفية وسريعة الانتشار وذات تأثير حاد، مما يجعل من الصعب اكتشافها في بيئة غير مجهزة لمواجهتها. قد لا يشعر الأفراد بوجودها حتى تغزو الجسم بالكامل وتفرض سيطرتها، مما يزيد من خطورتها. هذه الأسلحة صغيرة الحجم، ويمكن أن تحتويها زجاجة صغيرة، لكنها فتاكة ولا تعرف التوقف. عندما تتاح لها الفرصة، تستطيع أن تسيطر بقوة. بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من البكتيريا والفيروسات المعدلة وراثيًا التي تقاوم المضادات الحيوية، ويمكن استخدامها أيضًا كأسلحة بيولوجية.

يعود الاستخدام الأول للأسلحة البيولوجية إلى زمن المغول، لكن التاريخ الحديث يبدأ في عام 1763 عندما حاول الجيش البريطاني استخدام الجدري كسلاح ضد الأمريكيين الأصليين خلال حصار فورت بيت. حيث قام البريطانيون بتقديم أغطية من مستشفى الجدري كهدايا بهدف نشر المرض بين السكان المحليين. على الرغم من أننا نعلم الآن أن هذه الطريقة كانت غير فعالة نسبيًا، إلا أن النية كانت قائمة. خلال الحرب العالمية الثانية، أبدت العديد من الأطراف اهتمامًا كبيرًا بالحرب البيولوجية، حيث أنشأ الحلفاء منشآت قادرة على إنتاج جراثيم الجمرة الخبيثة وداء البروسيلات، ولحسن الحظ، انتهت الحرب قبل استخدامها. في المقابل، استفاد اليابانيون بشكل كبير من الأسلحة البيولوجية خلال الحرب العالمية الثانية، حيث اتبعوا نهج الهجمات العشوائية المخيفة، وأسقطت القوات الجوية اليابانية قنابل مليئة بالبراغيث التي تحمل الطاعون في نينغبو بالصين. و في أعقاب الحرب العالمية الثانية فليس هناك دليل

 قاطع على استخدام الأسلحة البيولوجية، وأشيع على نطاق واسع في وسائل الإعلام في منتصف الخمسينيات أن القوات اليابانية قامت بإجراء تجارب على أسرى الحرب لديها بحقنهم بجراثيم التيفوس، أو إعطائهم مواد غذائية أو مياها ملوثة بميكروب الكوليرا  و تم استخدامها لأغراض إرهابية كهجمة جماعة أوم شنريكيو في اليابان بتاريخ 20 مارس 1995 وذلك بإطلاق غاز السارين على خمسة قطارات أنفاق، مما أدى إلى وفاة 12 شخص وإصابة ألف شخص تقريبا

ظهرت في الآونة الأخيرة تساؤلات حول اعتبار COVID-19، الذي ظهر في عام 2020، شكلًا من أشكال الحروب البيولوجية، نتيجة للاتهامات المتزايدة بين الدول المالكة للمعامل البيولوجية المتطورة. نشأت هذه الشكوك بناءً على طبيعة هذا الوباء العالمي، الذي تميز بسرعة انتشاره وإصابته للعديد من المواطنين، وهو ما يعكس الأساليب المعتمدة في الحروب البيولوجية. ومع مرور الوقت، تخطت هذه القضية نطاق الصحة العامة وبدأت الاتهامات تتزايد بين الدول.

إمبوكس مرض معد يمكن أن يسبب طفحا جلديا مؤلما وتضخما في الغدد الليمفاوية والحمى والصداع وآلام العضلات وآلام الظهر والوهن. ويتعافى معظم الأشخاص منه تماماً، لكن بعض الأشخاص يصابون بمرض شديد بسببه و يمكن ال يادي الى الموت وقد بدأ تفشي الفرع الحيوي 2 ب في العالم في عام 2022 ولا يزال مستمرا حتى اليوم، بما في ذلك في بعض البلدان الأفريقية. وقد تضررت جمهورية الكونغو الديمقراطية وبلدان أخرى في أفريقيا أيضا من فاشيات متزايدة من الفرعين الحيويين1 أ و1 ب. وحتى اوت 2024، اكتُشف ظهور الفرع الحيوي 1 ب خارج إفريقيا أيضا. حيث أشار التعداد الصادر عن المركز الإفريقي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها الذي أوضح أنه تم تحديد الكثير من متحورات الفيروس، إلى أنّ ثمة 3101 حالة مؤكدة و15636 حالة محتملة و541 حالة وفاة تمّ الإبلاغ عنها في 12 دولة في القارة 

و قد طالبت موسكو بإجراء تحقيق في عمل مختبرات بيولوجية تابعة لأمريكا في نيجيريا وأوكرانيا. بعد أن اتهمتها  روسيا بأنها المسؤولة عن تفشي وباء جدري القردة في العالم. و وفقا، لتقرير كان قد صدر عن منظمة الصحة العالمية، فإن سلالة غرب إفريقيا، من جدري القرود نشأت في نيجيريا وأوكرانيا ، حيث أنشأت أمريكا بنيتها التحتية البيولوجية.

 الأسلحة البيولوجية هي ثاني أقوى أسلحة الدمار الشامل، ولكن بعد جائحة كورونا تطورت التكنولوجيا الحيوية وتوفرت المعامل البيولوجية، وهذا أدى إلى قفزة كبيرة في علم الأحياء الدقيقة ويعتقد البعض أن الأسلحة البيولوجية الآن أقوى من الأسلحة النووية حيث أصبحت التهديد الحقيقي للدول. ويمكن عدّها نوعا من أسلحة الدمار الشامل؛ التي تشمل أيضا الأسلحة الكيميائية والنووية والإشعاعية، وهي من الأسلحة التي تسبب مشاكل خطيرة للغاية، ويمكن لأي شخص أن يشن بها هجوما إرهابيا بيولوجيا، نظرا لانخفاض تكلفتها وسهولة الحصول على مكوناتها وسرعة تحضيرها ويسر نقلها. مقارنة بتكلفة برنامج الأسلحة النووية، فإن الأسلحة البيولوجية رخيصة جدًّا، لا تتطلب إلا معملًا مجهزًا وفريق متخصص، وتشير التقديرات إلى أن الجرام الواحد من السم قد يقتل ما يزيد عن أربعة أضعاف مليوني إنسان، وكذلك الأسلحة الكيميائية، فإن سم البوتولينوم أشد فتكًا من غاز السارين القاتل؛ إذ يمكن لصاروخ SCUD محمل بسم البوتولينوم أن يؤثر على مساحة تبلغ 3700 كيلومتر مربع، وهي مساحة أكبر بـ16 مرة من السارين، ولكن رغم أن إنتاج الأسلحة البيولوجية بكميات كبيرة أمرٌ رخيص نسبيًا، إلا أن تطوير الأسلحة وتشغيلها أكثر صعوبة قليلًا، فعلى سبيل المثال، عندما يُطلق صاروخٌ، يُصبح الجو حارًا جدًا، ويُقتل الكثير من العناصر البيولوجية لذلك يجب تزويد الصاروخ بنظام تبريدٍ كامل.

يأتي هذا التحول مع تحديات أخلاقية وقانونية كبيرة، حيث يُحظر استخدام الأسلحة البيولوجية بموجب معاهدات دولية مثل اتفاقية الأسلحة البيولوجية (BWC) بسبب قدرتها على التسبب في أضرار واسعة النطاق وغير محددة. هذا التطور في أساليب الحرب يعكس التغير في كيفية فهم وتطبيق القوة العسكرية، ويبرز الحاجة إلى استراتيجيات أكثر تعقيداً ومراعاةً للأخلاقيات والآثار الإنسانية فبعد أهوال الحرب العالمية الأولى، وقّعت معظم الدول على ما يسمى “بروتوكول جنيف”، وذلك عام 1925، وهذا البروتوكول يحظر استخدام الأسلحة البيولوجية والكيميائية في الحروب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق