معادلة تركية جديدة للسيطرة والنفوذ في الشمال السوري
شمال سوريا-17-10-2022
بعد أيّام قليلة من اندلاع مواجهات استعرضت خلالها “هيئة تحرير الشام” قوّتها، وتراجعت على أثرها فصائل “الفيلق الثالث” الذي تقوده “الجبهة الشامية” التي سعت سابقا إلى إنشاء كيان موازٍ لـ”تحرير الشام”، بدأت الأخيرة ترسم معالم خريطة السيطرة الجديدة. وتأتي هذه الخطوة تنفيذاً لأوامر تركية مباشرة تهدف إلى تحقيق مجموعة من المكتسبات، أبرزها توحيد إدارة المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية في الشمال السوري، وإفشال المساعي الأمريكية لمدّ أذرعها إلى ذلك الميدان، بالإضافة إلى خفض النفقات المالية الكبيرة التي تتكفّل بها أنقرة، وتمهيد الأرض لفتح المعابر مع مناطق سيطرة الحكومة السورية.
ويَظهر في خريطة السيطرة الجديدة حرْصُ أنقرة على إبعاد زعيم “تحرير الشام”، أبي محمد الجولاني، بشكل صوري عن واجهة الأحداث، عبر الاستعانة بفصيل آخر مضمون الولاء هو “أحرار الشام”، الذي بدأ بتسلّم بعض المقارّ العسكرية والأمنية في عفرين ومحيطها، وفي منطقة الباب في ريف حلب الشمالي الشرقي، بموجب اتفاق لم تتمكّن “الجبهة الشامية” من رفضه بفعل الضغوط التركية من جهة، والضغوط الميدانية التي مارسها الجولاني، من جهة أخرى. وتكشف نظرة على الاتفاق الذي جرى توقيعه في نقطة أمنية تركية حدودية مع سوريا، تحقيق الجولاني، بدفع تركي، نفوذاً كبيراً وقدرةً على إدارة المنطقة من وراء الستار. وتضمّن الاتفاق مشاركة “تحرير الشام” في عوائد المعابر التي يتمّ عبرها تهريب المشتقّات النفطية من مناطق سيطرة “قسد”.
وبالرغم من أن الساحة السورية على مدار السنوات العشر الماضية تشهد مواجهات مستمرة بين الفصائل والمليشيات المسلحة المعارضة، إلا أن الاشتباكات الأخيرة وتوغل”تحرير الشام” يثير علامات الاستفهام، لاعتبارات تتعلق بأن المواجهات حدثت بين أطراف موالية أو مدعومة من تركيا، بما قد يُغير معادلة السيطرة والنفوذ في الشمال السوري مستقبلا..
بشكل عام، يتسم المشهد في المناطق التي تخضع لسيطرة مليشيات وفصائل مسلحة تُصنف بالمعارضة للنظام السوري بالتعقيد في ضوء اندلاع قتال بين تلك الفصائل بين حين وآخر، سواء لاختلافات أيديولوجية والسعي لاستئصال بعضها بعضاً، أو للصراع على السيطرة والنفوذ والمكاسب المادية.
وعلى مدار أيام، لم يصدر موقف رسمي من قبل تركيا بعد سيطرة “تحرير الشام”على مدينة عفرين، وهو الموقف ذاته حيال المواجهات في مدينة الباب.