القمة الأمريكية الإفريقية :”بين عنجهية ترامب وسياسة نهب الثروات”

فاتن جباري -وحدة البحوث والدراسات قسم العلاقات الدولية والشؤون الإستراتيجية
التفديم
إستضاف الرئيس الأميركي دونالد ترامب خمسا من الزعماء الأفارقة في قمة مصغرة ضمت رؤساء كل من الغابون وموريتانيا وليبيريا وغينيا والسينيغال، ورغم توافق أكثر الباحثين على تذيل أفريقيا قائمة اهتمامات ترامب فإن الملاحظ أن هذه القمة تأتي في سياق تحولات دولية متقلبة وصعبة خصوصا في الشرق الأوسط والحرب بين روسيا واكرانيا.
لكن التحركات الدبلوماسية اللافتة لواشنطن في القارة السمراء، والتي تمتزج فيها الملفات السياسية بنظيرتها الاقتصادية. أثارت الكثير من التساؤلات بشأن مغزاها والمتوقع منها. فماهي ملامح القمة وأهم مخرجاتها؟
مصالح واشنطن “تحت غطاء فرض السلم“
سُبقت القمة بإعلان نجاح وساطة واشنطن بين كل الكونغو الديمقراطية ورواندا ، حيث استضاف ترامب وزيري خارجية البلدين لتوقيع اتفاق سلام أشار بيان الخارجية الأميركية إلى أنه سيتعدى منع تجدد النزاعات العسكرية والعداء بينهما إلى إطلاق “إطار التكامل الاقتصادي الإقليمي” لتوسيع التجارة والاستثمار الأجنبيين المستمدين من سلاسل توريد المعادن الحيوية الإقليمية.كما دارت في العاصمة الأنغولية لرواندا قمة الأعمال الأميركية الأفريقية التي قالت الخارجية الأميركية إن مخرجاتها حققت رقما قياسيا في الصفقات والالتزامات بما قيمته 2.5 مليار دولار.
– ثراء الدول الإفريقية تستدعي أهميتها على طاولة الرئيس ترامب
تتجلى أهمية هذا الجانب في وصف ترامب الدول المشاركة في القمة بأنها “أماكن نابضة بالحياة للغاية ذات أراض قيّمة للغاية، ومعادن عظيمة، ورواسب نفطية عظيمة، وشعب رائع”.
فالغابون تعد ثاني أكبر منتج للمنغنيز في العالم أعلن رئيسها حظرا على تصدير المنغنيز الخام اعتبارا من عام 2029 بهدف تعزيز وتنمية سلسلة قيمة محلية تتضمن استثمارا عاما وخاصا، كما أنها تحتوي على كميات كبيرة من خام الحديد والنحاس والذهب والماس.
في حين تتميز ليبيريا بـ”اكتشافات رائدة لرواسب معدنية هائلة” تشمل الذهب والماس وخام الحديد، وربما الليثيوم والكوبالت والمنغنيز والنيوديميوم، ومن المتوقع أن تجذب 3 مليارات دولار من الاستثمارات. كما تشير المصادر إلى امتلاك غينيا بيساو وموريتانيا والسنغال موارد طبيعية قيّمة، بما في ذلك النفط والغاز والذهب ومعادن الأرض النادرة واليورانيوم.
– الملفات الأمنية في أولوية المباحثات
كانت الملفات الأمنية في مقدمة أجندة هذه القمة، ومنها مكافحة الإرهاب والقرصنة في خليج غينيا والهجرة غير النظامية، حيث يندرج مواطنو الدول المدعوة ضمن قوائم ترحيل المهاجرين من الأراضي الأميركية.
حيث أشار تقريري في مجلة فورين بوليسي إلى أهمية منطقة الساحل المتزايدة للمصالح الأميركية المرتبطة بمكافحة الإرهاب، وقد حذر قائد القيادة الأميركية في أفريقيا الجنرال مايكل لانغلي من تحول الساحل إلى “نقطة اشتعال للصراع المطول” و”مركز الإرهاب في العالم”.
وفي هذا السياق، سيكون تعاون الولايات المتحدة مع موريتانيا والسنغال بتعلة احتواء التهديدات الإرهابية المتنامية في منطقة الساحل، وعقب التغييرات الجيوسياسية التي عصفت بالمنطقة وإخراج القوات الأميركية تعمل واشنطن على تعزيز تعاونها مع الدول المحيطة بالساحل لمراقبة وكبح الجماعات الإرهابية ومسالكها الخطرة .
ترامب: خطاب استفزازي لا يحترم سيادة الدول
أسلوب ترامب في التعامل مع الخمس الرؤساء القادة حول القمة إلى محكمة محاسبات، وصفها العديد بـ”غير اللائقة” في تعامل ترامب مع “نظرائه” الأفارقة وما نالته من تغطية واهتمام إعلاميين فإن هذه القمة وما سيترتب عليها تمثل أول خطوة وأول اختبار جدي أيضا للدبلوماسية الأميركية الجديدة تجاه أفريقيا
بشكل يلبي الرغبة الأمريكية الجامحة في إستعادة نهجها الإستعماري الناهب ليس على أساس المنفعة المتبادلة والشراكة كما كان متوقعا بل بفرض السياسة الأمريكية على المشاريع الإستثمارية الإفريقية بمقاس أمريكي أحادي
كما ان استهداف العديد من الدول الأفريقية بمنع تأشيرات السفر كانت وراء تحذير وزير خارجية نيجيريا يوسف توغار من أن واشنطن قد تخسر فرصة استغلال معادن بلاده الأرضية النادرة، قائلا “نود إبرام صفقات مع الولايات المتحدة، لكن قيود التأشيرات تشكل عوائق غير جمركية أمام الصفقات”.
وفي السياق نفسه، يشير العديد من المراقبين إلى أن سياسات التعرفة الجمركية التي ميزت إستراتيجية ترامب التجارية الخارجية ستؤدي إلى تضرر الاقتصادات الأفريقية التي تعتمد على التصدير إلى الولايات المتحدة وبالتي قد يدفعها إلى البحث عن بدائل وأبرزها الصين التي تضل المنافس الإقتصادي الأكثر تهديدا للمصالح الأمريكية في القارة.