أخبار العالمبحوث ودراسات

“محورفيلادلفيا “: هل سيكون نقطة انطلاق الحرب بين إسرائيل ومصر؟

محور صلاح الدين أو محور فيلادلفيا ” هو اسم شريط حدودي ضيق داخل أراضي قطاع غزة  يمتد المحور بطول 14 كم على طول الحدود بين قطاع غزة ومصر.

ووفقاً لأحكام معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية  لعام 1979 وافقت إسرائيل على الإبقاء على المحور بطول الحدود كشريط آمن.

 كانت أحد الأغراض الرئيسية من المحور هي منع تهريب المواد الغير مشروعة بما في ذلك الأسلحة والذخائر والمخدرات الممنوعة قانوناً، وأيضاً منع الهجرة الغير مشروعة بين المنطقتين بحسب الرواية الصهيونية.

فيما تعتقد الوكالات الصهيونية أن المقاومة الفلسطينية  تعتمد هذه المنطقة بشكل سري في  حفر أنفاق التهريب  تحت محور صلاح الدين لإدخال  السلاح والمؤونة والامدادات إلى داخل قطاع غزة وهي معاهدة قامت بها إسرائيل مع مصر في ظل الحصار المفروض  على القطاع حيث تعتبر الأنفاق من أهم طرق دخول الموارد السرية الاستراتيجية إلى القطاع.

لقد اشترطت إسرائيل  في  اتفاقها  مع مصر الموقعة في 1979 للانسحاب من شبه جزيرة سيناء أن تكون الحدود كما كانت فترة الأنتداب البريطاني على فلسطين . وأن يكون منفذ الحدود الرئيسي في مدينة رفح.

 حيث ركز الاتفاق على أن تكون المنطقة القريبة من الحدود هناك “المعرفة بالمنطقة ج”منطقة منزوعة السلاح، مع حق مصر الإبقاء على أسلحة خفيفة لقوات الشرطة هناك.

جغرافيا، يمتد هذا الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة، بطول 14 كم من البحر المتوسط شمالا وحتى معبر كرم أبو سالم جنوبا.بموجب معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية لعام 1979، هذا المحور هو منطقة عازلة كان يخضع لسيطرة وحراسة إسرائيل قبل أن تنسحب الأخيرة من قطاع غزة عام 2005 فيما عرف بخطة “فك الارتباط”.

وفي نفس العام وقّعت إسرائيل مع مصر بروتوكولًا سُمي “بروتوكول فيلادلفيا”، لا يلغي أو يعدل اتفاقية السلام، والتي تحد من الوجود العسكري للجانبين في تلك المنطقة، لكن البروتوكول سمح لمصر بنشر 750 جنديا على امتداد الحدود مع غزة، وهي ليست قوة عسكرية بل شرطية لمكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود.

بعد عامين سيطرت “حركة حماس” على هذا الممر الشائك الذي لا يتجاوز عرضه مئات الأمتار، وذلك بعد سيطرتها على القطاع، ومع تضييق الخناق الإسرائيلي على غزة تجاوز الفلسطينيون هذا الممر والسياج الحدودي ليعبروا إلى الجانب المصريومنذ ذلك الوقت، أحكمت مصر قبضتها الأمنية على هذا الشريط الحدودي.

على مدار سنوات حُفرت المئات من الأنفاق أسفل هذا الشريط الحدودي، خاصة مع تضييق الخناق على القطاع المحاصر الذي يحيط به البحر شمالا وإسرائيل شرقا وجنوبا، ومصر غربا.مثلت هذه الأنفاق شريان حياة لسكان القطاع الذين يقدرون بنحو 2.3 مليون نسمة، والحركات الرابضة داخل غزة.

لقد رسخت القدرات العسكرية للجناح المسلح لحركة حماس خلال الحرب القائمة، للقناعة الإسرائيلية التي ترى أن ثمة أنفاقا، لاتزال قائمة تحت هذا الممر الشائك كنقطة استراتيجيا مثلت قاعدة معسكرة  ذات بعد سري اعتمدتها  حماس.

خلال العقد الماضي شنت مصر حملة عسكرية شاملة، ضد العناصر المسلحة في شبه جزيرة سيناء على الحدود الشمالية الشرقية للبلاد، شملت كذلك تدمير الأنفاق التي ربطت بين القطاع ومصر، بهدف منع تسلل المسلحين والمتطرفين إلى أراضيها، كما تقول الحكومة المصرية في أطار تعاون استخباراتي أمني إسرائيلي – مصري مشترك.

اتهمت مصر حركة حماس مرارا بدعم الجماعات المتشددة التي استهدفت القوات المصرية في أعقاب الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي المنتسب لجماعة الإخوان المسلمين. منذ ذلك اختلفت ملامح هذا الشريط الحدودي على الجانب الفلسطيني جرفت حركة حماس مناطق حدودية، ونصبت أسلاكا شائكة، فيما بنت مصر جدارا فولاذيا وأزالت منازل ومزارع بمدينة رفح المصرية وقراها، لإقامة منطقة حدودية عازلة تمتد لنحو خمسة كيلومترات إلى العمق في سيناء.

مع دخول الحرب شهرها الثالثوتوسيع إسرائيل عملياتها داخل أنحاء قطاع غزة، يعود محور “فيلادلفيا” الواقع على الحدود بين مصر وقطاع غزةإلى الواجهة. لقد كشفت تصريحات نتنياهو أمام اجتماع سري للجنة الخارجية والأمن في الكنيست، سربتها هيئة البث الإسرائيلية عن نية حكومته السيطرة النهائية على “محور فيلادلفيا” الفاصل بين غزة والحدود المصرية الشرقية.

حتى الأن وعلى الرغم من نفي شبه رسمي مصري الأنباء التي تحدثت عن أن “جيش الاحتلال الإسرائيليطلب من مصر إجلاء قواتها من منطقة رفح الحدودية،وأبلغها نيته احتلال تلك المنطقة”، إلا أن مصادر أمنية مصرية نفت ذلك ورجحت أن تحاول إسرائيل تنفيذ هذه الخطة والتحرك باتجاه “محور فيلادلفيا” على اعتبار وأن الجيش المصري عزز وجوده على الحدود مع قطاع غزة، ورفع مستوى الحواجز والسواتر الفاصلة بين القطاع وسيناء في محيط أبراج المراقبة والمواقع العسكرية المختلفة في ظل استمرار القصف الإسرائيلي للمنطقة الفاصلة بين الجانبين الفلسطيني والمصري.

تتواتر التقارير الرسمية بخصوص مدى احتياط الطرف المصري تجاه انفجار الموقف بين مصر وإسرائيل جراء الضربات التي تطال الشريط الحدودي الفاصل بين مصر وغزة، والذي يعد منطقة عازلة ذات خصوصية أمنية هذه التقارير تلفت إلى أنه في الصراع الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط، وفي الصدارة منه القضية الفلسطينية، فضلاً عن الرفض الشعبي العارم في المنطقة العربية وصمود الفلسطينيين وعجز العرب من إيجاد حل جذري للقضية الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية هنا بالذات يمكن أن تتصاعد الأحداث بسرعة، وتتحول من الاحتقان السياسي والعسكري الحاصل، وربما في الحالة المصرية الإسرائيلية، إلى أزمة ثم إلى اشتباكات حدودية مسلحة، في حال توفر كل الأسباب والبواعث التي خططت لها إسرائيل منذ توقيع بروتوكول ملحق باتفاقية السلام، مماثل للذي تم إقراره عام 2005 بعد انسحاب إسرائيل الأحادي من قطاع غزة.

يعد بوابة رئيسية واحدة على طول هذا الشريط الحدودي بين الجانبين الفلسطيني والمصري، وهي معبر رفح البري، الذي يمثّل المنفذ الرئيسي والوحيد المتبقي للغزيّين على العالم الخارجي لا سيما بعد أن أغلقت السلطات الإسرائيلية جميع المنافذ الستة بين قطاع غزة وجنوبي إسرائيل منذ بدء الحرب إلى أن أعلنت إسرائيل فتح معبر كرم أبو سالم لدخول المساعدات إلى القطاع يوم الأحد أي بعد أكثر من سبعين يوماً على إغلاقه.

تعرض الجانب الفلسطيني من معبر رفح إلى القصف الإسرائيلي 4 مرات بحسب ما ورد على لسان مسؤولين مصريين.ووجهت الإدارة المصرية تحذيرا متكررا شديد اللهجة لإسرائيل من أي عمليات عسكرية في المنطقة العازلة خاصة بعدما أصابت إسرائيل بـ”الخطأ” كما قالت جنودا مصريين بالقرب من معبر كرم أبو سالم على الحدود، في واقعة اعتذرت عنها إسرائيل لاحقا.

العودة الإسرائيلية للسيطرة على الجانب الفلسطيني من محور فيلادلفيا وإن كانت مرهونة بانتصارها في الحرب القائمة، إلا أنها تستوجب كذلك تنسيقا أمنيا مع مصرويرى مراقبون أن سيطرة إسرائيل على فيلادلفيا، تتطلب توقيع بروتوكول ملحق باتفاقية السلام مماثل للذي تم إقراره عام 2005 بعد انسحاب إسرائيل الأحادي من قطاع غزة.

الموقف المصري لم يُعلن رسميا من تلك الخطط الإسرائيليةحيث أن الإدارة المصرية الحالية ستتحفظ “سياسيا”باعتبار أن ذلك سيؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية. يفسر ذلكبانتقال إدارة الجانب الفلسطيني من هذا الشريط الحدودي إلى إسرائيل  مما يعني السيطرة على معبر رفح الذي يُعد حاليا المنفذ الوحيد إلى القطاع الذي يقع خارج سيطرة إسرائيل، بموجب اتفاقية المعابر وهو ما قد يضيق الخناق على الفلسطينيين.

وفق الاستنتاجات المتاحة، تخطط السلطات المصرية الى كيفية نزع فتيل الاحتقان السياسي والعسكري مع إسرائيل في هدوء تام، اعتمادا على  آليات وإجراءات بناء الثقة بين كيان  الجوار الصهيوني – لمصر، فعندما تحدث مثل هكذا احتقانات، تستخدم دولة كمصر استراتيجية نزع فتيل التحول من حالة الاحتقان إلى حالة حرب حقيقية، وأهم أداة ووسيلة لتعزيز إجراءات بناء الثقة بين مصر وإسرائيل، هي التواصل على مدار الساعة استخباراتياً وعسكرياً وأمنياً.

لكن ما يفقد مصر ثقتها في إسرائيل، هو أن إسرائيل اليوم باتت مصابة بعنجهية الاجتياح المسلح الأعمى فهي تضرب بهستيريا كل الحواجز…ربما تستفز اسرائيل أطرافا أخرى بقدرتها على توسعة الحرب على المدى الإقليمي كما أن التعنت في المراقبة والتفتيش وعرقلة المساعدات الإنسانية الآتية من معبر رفح إلى المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، والغطرسة والتعنت للحكومة الإسرائيلية ومجلس الحرب الإسرائيلي والإصرار على القضاء على حماس، وعدم وجود اعتبار لحماية المدنيين الأبرياء العزل في قطاع غزة نموذج لسياسة شاملة تعتمدها إسرائيل في شن حرب هستيرية وحمقاء مع أي دولة عربية كانت صديقة أم عدوة… هذاوتخشى مصر من أن سيطرة إسرائيل على فيلادلفيا “سيطبق أسوار السجن المفتوح” في غزة، وهو ما سيدفع سكان القطاع للهجرة الطوعية خارجه في نهاية المطاف بافتعال صهيوني.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق