مجلس النواب الليبي يقر قانون المصالحة الوطنية: خطوة جادة نحو إنهاء النزاع وبناء الدولة
فسم الأخبار الدولية 08/01/2025
أقر مجلس النواب الليبي مؤخرًا قانون المصالحة الوطنية، في خطوة قد تكون فاصلة في مسار الأزمة الليبية المستمرة منذ أكثر من عقد. هذا القانون، الذي يهدف إلى معالجة تركة الحرب والنزاعات الداخلية، يتعامل مع مسائل العدالة الانتقالية والشفافية السياسية، ويعكس محاولات جدية من داخل المؤسسات السياسية الليبية لإيجاد حلول دائمة لما يعانيه الشعب من انقسامات وصراعات مزمنة.
القانون يهدف إلى إنشاء إطار قانوني للمصالحة بين مختلف المكونات السياسية والمجتمعية في البلاد، وتوفير الوسائل المناسبة لتسوية النزاعات عبر الحوار والتفاوض بدلاً من العنف. كما يحدد آليات للمحاسبة والمساءلة عن الجرائم التي ارتكبت خلال فترة النزاع، مع تأكيد على ضرورة ضمان حقوق الضحايا وتقديم تعويضات للمجتمعات المتضررة.
في الوقت الذي تُعد فيه هذه المبادرة محاولة لبناء الثقة بين الأطراف السياسية، فإن تحديات كبيرة تظل ماثلة أمام تنفيذها. أولها، هي قدرة السلطات على فرض تنفيذ القانون في ظل الفصائل المسلحة المتعددة التي تسيطر على مناطق واسعة من البلاد. ثانيًا، تبقى التساؤلات حول مدى استعداد بعض الأطراف السياسية للمضي قدمًا في التسوية، خصوصًا تلك التي لا تزال تحمل أجندات خاصة قد تتعارض مع المسار الوطني للمصالحة.
الانتقادات التي أثيرت حول القانون تتعلق بمدى شمولية العدالة الانتقالية التي يعرضها. بينما يرى البعض أن القانون قد يساهم في طي صفحة الماضي، إلا أن البعض الآخر يعتقد أنه يفتقر إلى آليات صارمة لمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان، ويعزز فكرة “التسامح” دون محاسبة حقيقية.
أصبحت الضغوط الدولية على ليبيا لدفعها نحو التوافق الوطني أكبر من أي وقت مضى، حيث تبذل الأمم المتحدة والدول الغربية جهودًا مستمرة لإعادة بناء المؤسسات السياسية الليبية. هذه الضغوط تتعزز مع تزايد مخاوف المجتمع الدولي من إمكانية استمرار انزلاق ليبيا نحو الفوضى في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق شامل.
بينما يسود التفاؤل الحذر في أوساط الشعب الليبي والمجتمع الدولي من أن المصالحة قد تكون بداية لتوحيد البلاد وإعادة الإعمار، يبقى تنفيذ هذا القانون مرهونًا بالتحولات السياسية المستقبلية، واستعداد كافة الأطراف للتخلي عن أجنداتهم الخاصة والعمل من أجل مصلحة ليبيا.