مجزرة السجون في موزمبيق: تصاعد العنف وأسبابه السياسية والاقتصادية
قسم الأخبار الدولية 26/012/2024
في حدث صادم، اندلعت أعمال شغب في سجن “مابوتو” في العاصمة موزمبيق، أسفرت عن مقتل 33 شخصًا، بينهم نزلاء وعناصر أمنية، وإصابة أكثر من 15 آخرين. كما تمكن حوالي 1500 سجين من الهروب أثناء الاضطرابات. تعتبر هذه الحادثة واحدة من أبرز الأحداث العنيفة التي هزّت النظام الأمني في البلاد، وهي تشير إلى تصاعد خطير في مستويات العنف المرتبطة بالأوضاع السياسية والاقتصادية المتدهورة في موزمبيق.
خلفية الحادثة
الاضطرابات التي وقعت في سجن “مابوتو” يوم الجمعة الماضي، تعد من أكبر وأشد الحوادث التي شهدتها السجون في البلاد في السنوات الأخيرة. وقد أفادت تقارير بأن الأسباب المباشرة لهذه الفوضى تتعلق بتدهور ظروف الحياة داخل السجون، من الاكتظاظ الشديد، وقلة الموارد، بالإضافة إلى التوترات السياسية في البلاد، خاصة بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت في أكتوبر 2024.
وبدأت أعمال الشغب في ساعة متأخرة من الليل داخل سجن “مابوتو”، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بين السجناء وعناصر الأمن. في البداية، كان الأمر مجرد احتجاجات على الظروف المعيشية السيئة داخل السجن، لكن سرعان ما تطور إلى أعمال عنف شملت الهجوم على الحراس وتدمير الممتلكات. بينما تشير التقارير إلى أن السجناء كانوا يطالبون بتحسين ظروفهم، فقد اشتبكوا مع القوات الأمنية بشكل غير مسبوق، ما أدى إلى مقتل العشرات.
ورغم الحصار الذي فرضته السلطات المحلية على محيط السجن، إلا أن ما يقارب 1500 سجين تمكنوا من الهروب خلال الاضطرابات. كما أفادت المصادر بأن الشرطة تحاول إعادة ضبط الأمن في المنطقة، ولكنهم يواجهون صعوبة كبيرة في تعقب الفارين وسط الفوضى التي تعمّ البلاد.
الدوافع والاحتقان الاجتماعي
من جهة أخرى، تزداد المخاوف من أن يكون لهذه الاضطرابات صلة بتأجيج الاحتقان الاجتماعي والاقتصادي في موزمبيق، في وقت تعيش فيه البلاد أزمة اقتصادية حادة. حيث يواجه المواطنون صعوبات في تأمين احتياجاتهم اليومية بسبب ارتفاع الأسعار وتدهور مستوى الحياة. كما أن البطالة والفساد المستشري في الحكومة يزيدان من حالة الغضب بين فئات واسعة من المجتمع، خاصة الشباب.
كما تأتي هذه الاضطرابات في وقت حساس سياسيًا، إذ انتشرت اتهامات واسعة من قبل المعارضة للمجتمع الدولي بشأن حدوث تزوير انتخابي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. فقد ادّعت المعارضة أن الحكومة قد أجهضت نتائج الانتخابات لصالح الرئيس فيليبي نيوسي، مما زاد من تعقيد الوضع العام.
احتقان عميق
بعد وقوع الحادث، تزايدت الدعوات المحلية والدولية لإجراء تحقيق شامل في الحادث، ووضع آليات لتحديد المسؤولين عن فشل السلطات في السيطرة على الوضع داخل السجون. حيث طالبت منظمات حقوق الإنسان والهيئات الدولية المعنية بالعدالة الجنائية بفتح تحقيقات جادة في هذا الشأن. وتساءل كثيرون عن كيفية حدوث هذا الاضطراب الذي أسفر عن سقوط العديد من الضحايا، في وقت كان يُفترض أن تكون السلطات قد ضمنت ظروفًا أفضل في السجون.
من جانبها، عبرت الحكومة عن أسفها الشديد لمقتل العديد من الأشخاص في هذه الحادثة، وأكدت أنها ستعمل على فرض السيطرة على السجون بشكل أفضل في المستقبل. في المقابل، حثّ رئيس الشرطة في موزمبيق، برناردينو رافاييل، على إجراء تحقيق سريع في الحادث لمعرفة التفاصيل الدقيقة وراء التصعيد الذي أدى إلى هذه المأساة.
وتمثل الحادثة في سجن “مابوتو” جزءًا من الصورة العامة للوضع الأمني في موزمبيق، والذي يعاني من تفشي العنف في العديد من المناطق، بما في ذلك الهجمات الإرهابية في شمال البلاد من قبل الجماعات المسلحة، إضافة إلى الأزمات السياسية والاجتماعية. هذه الأزمات تخلق بيئة خصبة للاضطرابات داخل المؤسسات الحكومية، بما في ذلك السجون.
كما أن تزايد أعداد السجناء بسبب القوانين الصارمة، وضعف برامج إعادة التأهيل، يعمّق من معاناة السجون. فوفقًا للتقارير، فإن السجون في موزمبيق تعاني من اكتظاظ شديد حيث تتجاوز أعداد السجناء قدرة السجون الاستيعابية بشكل كبير.