منذ السابع عشر من فبراير 2011،بدأت تطل رؤوس الميليشيات المسلحة في ليبيا، لتشتد سطوتها مع مرور الأيام وتجرّ البلاد إلى صراعات متواصلة على النفوذ والثروة،وهو ما أدخل ليبيا في دوامة من العنف والفوضى.
وبالرغم من الجهود المتتالية لحلحلة الأزمة وإنهاء الإنقسامات إلا أن تجدد الإقتتال والصراع على المصالح بين الميليشيات المسلحة لا يزال يلقى بظلاله على الساحة الليبية. إلى ذلك،تكررت هجمات إحدى كتائب العاصمة طرابلس “البقرة” على مطار معيتيقة الدولي وهو الوحيد بالعاصمة عند مدخل تاجوراء ، ليتكرر القصف هذا اليوم الثلاثاء3 سبتمر2019 برغم الإدانة الدولية الواسعة في ظل مقتل 4 أشخاص من الحجيج داخل المطار .
ووفق ما أوردته القيادة العامة للجيش الليبي على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فايسبوك، لا يزال القصف متوصلا من قبل تلك الميليشيات الارهابية.
ويشار في هذا السياق إلى أن بشير “البقرة” لا أحد في طرابلس يستطيع أن يوقفه، في حين لايستطيع حتى رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج أن يتحلى بالشجاعة “لمرة واحدة في حياته ويخرج على الملأ ليشير إلى هذه الحقيقة المؤلمة جدا”.
هذه المليشيات تسمى “رحبة الدروع”، ويقودها بشير خلف الله الشهير بلقب”البقرة” بسبب اشتغاله في تربية الأبقار وبيع الحليب والعجول للقصابين.
ويتبع هذا التشكيل المسلح رسميا حكومة الوفاق الوطني، وهو مسجل في وزارة الدفاع التابع لها تحت اسم الكتيبة 33 منذ عام 2016. وبرغم تأكيدات المراقبين وبعثة الأمم المتحدة في عديد المرات مسؤولية”البقرة” عن قصف المطار،إلا أن هذه الميليشيات نفت مسؤوليتها ، مشيرة إلى أن الجيش الوطني الليبي هو من يقوم بعمليات القصف،علما بأن المتحدث الرسمي باسم الجيش اللواء أحمد المسماري قد كشف مساء الإثنين أن المجموعة المسلحة التابعة لـ “البقرة” المتمركزة شرق طرابلس هي التي تقف وراء الإستهداف الأخير لمطار معيتيقة والذي تسبب في عدة إصابات بين صفوف الحجيج.
وبيّن المسماري، أن استهداف المطار بدأ منذ مدة طويلة قبل أن يطلق الجيش الوطني عملياته في الرابع من أبريل الماضي، مشيرا إلى أن الهدف من وراء الإستهداف هو إطلاق بعض الإرهابيين المحتجزين في سجن معيتيقة، وخصوصا الموقوفين في القضية المعروفة بـ”خلية حماس”.
وتتصارع في ليبيا على السلطة عديد المليشيات المنقسمة ، من بينها ميليشيات منطقة فزان التي تعتبر فضاءً واسعا للتهريب بجميع أنواعه وتنتشر فيها قوى قبلية وإثنية تتصارع للسيطرة على طرق التهريب وعلى حقول النفط. وتوجد بها فصائل من المتمردين التشاديين والسودانيين،إضافة إلى مجموعات أخرى تسيطر على أجزاء من هذه المنطقة على غرار الطوارق الذين يسيطرون بشكل خاص على الحدود الجنوبية مع الجزائر وغرب النيجر،ويقيم معظمهم علاقات مع حكومة الوفاق التي يعتبرها الشعب الليبي غير شرعية ولا تمثله .
كتائب التبو أيضا من أخطر المليشيات المسلحة التي تسيطر على المنطقة الحدودية مع النيجر والتشاد وجزءٍ من السودان وهي كتيبة معادية للجيش الليبي. ويعتبر تنظيم الدولة الإسلامية المعروف بداعش الإرهابي أخطر التنظيمات التي تنشط في التراب الليبي، وبعدما تم طرد عناصره في ديسمبر 2016 من مدينة سرت التي احتلها التنظيم لأشهر، غادر العديد من الجهاديين إلى الجنوب ،وقد تبنوا عدة اعتداءات استهدفت مواقع لقوات الجيش الليبي ومقر اللجنة العليا للإنتخابات في طرابلس وكذلك المؤسسة الوطني للنفط. وبالتوازي مع ذلك،تحدثت تقارير إعلامية ليبية عن تحشيد بعض المجموعات المسلحة في مدينة الزاوية (غرب العاصمة طرابلس) التي توجد بها مصفاة النفط، لدخول مدينة صبراتة (70 كلم غرب العاصمة).
وذكرت مصادر محلية ،أن الميليشيات المسلحة المنضوية تحت ما يسمى “غرفة عمليات ثوار ليبيا” تحشد آلياتها وعناصرها استعدادا للهجوم على مناطق ليبية دعما لقوات المجلس العسكري صبراتة وكتيبة أحمد الدباشي المعروف بـ”العمو”.
ووفقا لتقارير الجيش الليبي،تنشط العديد من الميليشيات الإرهابية المسلحة المدعومة من قطر وتركيا في عدة مناطق ليبية ، طمعا في السيطرة والسلطة والحكم من ناحية، وفي استغلال ثروات البلاد ونهبها من ناحية أخرى .
يذكر أنه جرت محاولات لدمج الميليشيات في الحرس الرئاسي إلا أن اختلاف إيديولوجياتها حال دون ذلك، ممّا جعل الأطراف السياسية (فايز السراج) تلجأ إليها لكسب دعمها من أجل ضمان البقاء حتى أن بعضها حلّ محل الدولة في الجانب الأمني. وتعدّ خريطة تحالف الميليشيات المسلحة في طرابلس معقدة ويصعب على المتابع للمشهد الليبي فرزها بسهولة، فهي مقسمة بين من يعلن الولاء للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق وبين من يساند المؤتمر الوطني وحكومة الإنقاذ المنبثقة عنه، وجماعات أخرى تصنّف متطرفة تأتمر بأمر من المفتي المعزول الصادق الغرياني وتحمل فكر الإخوان.
ويخدم بقاء طرابلس “عاصمة مختطفة” أطرافا محلية وإقليمية مؤدلجة، حيث تحولت ليبيا خلال السبع سنوات الأخيرة إلى بيت مال وإنفاق على الجماعات المتشددة.
واستفادت تركيا كثيرا من الأموال الليبية في بنوكها، وقامت بتمويل عناصر متشددة كانوا يقاتلون في سوريا مع جبهة النصرة وفي العراق مع تنظيم داعش، ثم عادوا إلى ليبيا،وأفادت تقارير إعلامية بأنه جرى نقل الأموال إلى أنقرة عبر مطاري معيتيقة ومصراتة. وكانت السيطرة على المصرف المركزي والإستثمارات في طرابلس من ضمن أولويات الجماعات الإرهابية والميليشيات لـ”استمرارها وبقائها لإيجاد مصادر تمويلية تخدع المجتمع الدولي في شكل استثمارات ليبية تعود فوائدها على المسلحين”.
وتنشر المليشيات الإرهابية في طرابلس الفوضى والبلبلة بين الليبيين إضافة إلى ترويعهم والإستيلاء على ثروات الأهالي وبيوتهم وسياراتهم..فمتى تنتهي حرب المليشيات في ليبيا؟علما وأن العاصمة الليبية طرابلس تسيطر عليها 9 مليشيات إرهابية تدعمها قطر وتركيا، من أجل السيطرة على مقدرات الشعب الليبي، في وقت يخوض الجيش الوطني الليبي حربا شاملة ،لتطهير البلاد من الإرهاب والتسلط ودحر تلك الميليشيات التي نهبت المقدرات وعاثت فسادا بكل مرافق الدولة. فمتى يعود إلى ليبيا أمنها واستقرارها ..؟؟؟ تعب الليبيون.