آسياأخبار العالمبحوث ودراساتطريق الحرير

متطلعين نحو الحكمة والمرونة والتجديد… الصينيون يستقبلون بداية جديدة مع حلول عام الأفعى

مع الفوانيس الحمراء المتدلية على واجهات البيوت والأضواء الملونة التي تكسو الشوارع وغيرها من زينات العيد التي تضفي المزيد من أجواء البهجة والفرح عبر أرجاء البلاد، يستعد الصينيون لاستقبال حلول عيد الربيع أو رأس السنة الصينية التقليدية الجديدة التي ستصادف هذا العام عام الأفعى بحسب الأبراج الصينية.

الأبراج الصينية وعام الأفعى

تمثل دائرة الأبراج الصينية دورة متكررة مدتها 12 عاما، ولكل عام اسم محدد مقترن بحيوان وهي: الفأر والثور والنمر والأرنب والتنين والأفعى والحصان والماعز والقرد والديك والكلب والخنزير، بالترتيب.

وفيما يودع الصينيون خلال هذه الأيام عام التنين الذي سيفسح المجال ليبدأ عام الأفعى يوم 29 يناير الجاري، وعلى ضوء ذلك، سيكون جميع الأطفال الذين سيولدون هذا العام من برج الأفعى.

تعتبر الأبراج الصينية نظاما متجذرا في الثقافة الصينية التقليدية، إذ لا يتعلق بالوقت فحسب، بل يعكس أيضا طريقة تفكير الشعب الصيني وقيمه ونظرته للعالم، ما يتجلى في الارتباط العميق والانسجام بين الإنسان والطبيعة، وبين الإنسان والمجتمع.

وساد اعتقاد لدى الصينيين بأن الأبراج الحيوانية تؤثر على شخصية الفرد وحظه ونصيبه بناء على عام ميلاده، معتبرين أن الأشخاص الذين ولدوا في عام الأفعى هم أذكياء وسريعو البديهة.

وعلى غرار نظيرتها العربية، تُكنُّ الثقافة الصينية مشاعر متناقضة تجاه الأفعى التي يوحي مجرد ذكرها بمشاعر الخطر أو الشر في الذهن، إلا أن هذا التباين يأخذ منحنى آخر في سياق الأبراج الصينية التي تُسبِغ على الأفعى سمات الحكمة والحذر والقدرة على الاستجابة بمرونة للمواقف المعقدة.

وعلاوة على ذلك، تتميز الأفعى أيضا بقوة التكيف والشفاء نظرا لقدرتها على التجديد الذاتي والتحول عن طريق التخلص من جلدها، ودورها كنوع من الموارد الطبية حيث تُستخدم أجزاء منها مثل الجلد والسم والمرارة لعلاج أمراض متعددة في الطب الصيني التقليدي.

وبناء على تلك الصفات، يتطلع الصينيون خلال عام الأفعى إلى الشروع في انطلاقات وإحداث تغيرات جديدة في حياتهم ويحدوهم الأمل في اجتياز المواقف الصعبة.

لم شمل العائلة: قيمة مشتركة بين الثقافتين الصينية والعربية

يعتبر الاهتمام بالعائلة أحد القيم المشتركة في الثقافتين الصينية والعربية، ففي كلتا الثقافتين تعتبر الروابط العائلية من أهم الركائز التي يستند إليها المجتمع. وبالنسبة للصينيين، يعد عيد الربيع أهم فرصة للم شمل العائلة.

فأينما كانوا يتواجدون، سيبذل الصينيون قصارى جهدهم للعودة إلى ديارهم وقضاء هذا العيد المهم مع أهاليهم.

ومع اقتراب عيد الربيع كل عام، تشهد الصين أكبر موجة هجرة بشرية في العالم، والتي تعرف أيضا باسم “تشونيون”، حيث من المتوقع أن يبلغ عدد رحلات الركاب تسعة مليارات رحلة خلال موسم ذروة السفر السنوي المستمر لمدة 40 يوما خلال الفترة ما بين يومي 14 يناير الجاري و22 فبراير القادم.

وسواء كان الأمر يتعلق بالاستمتاع بمأدبة عامرة بأشهى المأكولات في ليلة رأس السنة الجديدة أو القيام بعادات مثل زيارة الأقارب وتقديم التحيات وما يُعرف بالصينية بـ”هونغباو” وهي عبارة عن أظرف حمراء تعتبر بمثابة “العيدية” التي يقدمها العرب في عيد الفطر أو عيد الأضحى، فإن عيد الربيع يمثل مناسبة شديدة الأهمية للتأكيد على التماسك العائلي والانسجام المجتمعي والتعبير عن أطيب التمنيات والتطلعات للمستقبل.

مشاركة عربية متزايدة في الاحتفال بعيد الربيع الصيني

قبل أقل من شهرين، أدرجت منظمة اليونسكو عيد الربيع على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، واصفة إياه بأنه يمثل ممارسات اجتماعية للشعب الصيني في الاحتفالات برأس السنة الصينية التقليدية، ويضم مجموعة واسعة من الطقوس والعناصر الثقافية الفريدة التي يشترك فيها جميع أطياف المجتمع الصيني.

وفي السنوات الأخيرة، ومع تعزيز التبادل الثقافي بين الصين والعالم العربي، يتزايد الحضور العربي في الاحتفال بعيد الربيع الصيني. فعلى سبيل المثال لا الحصر، قُدّمت الأغنية المصرية “طلعت يا محلا نورها” على مسرح حفل مهرجان عيد الربيع لعام 2023، الذي يمثل أحد أهم فعاليات الاحتفال بعيد الربيع بالنسبة للصينيين في أنحاء العالم.

وأقيم مؤخرا في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية مهرجان عيد الربيع على مدار يومين حيث تم خلاله تقديم عروض ثقافية صينية ومعارض للتراث الثقافي غير المادي مثل كونغ فو شاولين وأوبرا سيتشوان وأنواع متعددة من الموسيقى الشعبية إلى جانب الأطعمة الصينية، ما منح المشاركين فرصة للتعمق في قيم الثقافة الصينية. كما أقام مطار دبي الدولي يوم الأربعاء الماضي احتفالية بمناسبة عيد الربيع الصيني.

وعلاوة على ذلك، يختار المزيد من الصينيين الدول العربية كمقاصد سياحية لقضاء عطلة عيد الربيع التي ستستمر لمدة ثمانية أيام ابتداء من 28 يناير الجاري هذا العام، حيث أظهرت بيانات صادرة عن منصة “مافنغوه” الصينية لخدمات السياحة والتواصل الاجتماعي، أن مصر جاءت ضمن الوجهات السياحية العشر الأكثر شعبية من حيث السياحة الخارجية خلال العطلة المرتقبة. كما أصبحت السعودية مقصدا سياحيا لكثير من الصينيين بفضل مواردها السياحية الخاصة والإجراءات المتخذة لتسهيل السفر إليها.

المصدر وكالة شينخوا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق