أخبار العالمالشرق الأوسط

ماذا تعرف عن قاعدة “أكروتيري” في قبرص.. عين بريطانيا على الشرق الأوسط؟

هي قاعدة عسكرية تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني، تقع جنوب جمهورية قبرص. منذ تأسيسها عام 1960، استخدمت هذه القاعدة لتنفيذ عدد من العمليات العسكرية البريطانية والأميركية في الشرق الأوسط  منها عمليات استهدفت ليبيا وسوريا والعراق، ومنها الغارات الجوية التي استهدفت اليمن على خلفية وقوف  الحوثيين إلى جانب الفلسطينيين في السابع من أكتوبر وفي حين لا تزال المملكة المتحدة تملك قاعدتين عسكريتين في قبرص (أكروتيري وديكيليا) يرفض السكان المحليون وجود هذه القواعد، ويعتبرونها “بقايا استعمارية”.

عرفت هذه القواعد العسكرية الإستعمارية باسم “القواعد السيادية”، إذ تتبع القاعدة الأولى لسلاح الجو الملكي البريطاني، وتسمى بـ” قاعدة أكروتيري”، أو قاعدة السيادة الغربية، وتقع في جنوب غرب قبرص، أما الثانية فتدعى “قاعدة ديكيليا”، أو قاعدة السيادة الشرقية، وتقع شرق قبرص.

وتعتبر هاتان المنطقتان من أقاليم ما وراء البحار البريطانية، وتمتدان على مساحة 98 ميلا مربعا، ما يساوي 3% من مساحة أراضي قبرص. وقد سجلت الأمم المتحدة هذه القواعد عام 1960 باسم المعاهدة رقم 5476، وتضمن استخدام القواعد العسكرية البريطانية في قبرص.

وإضافة إلى الأغراض العسكرية، شكلت هذه القواعد السيادية ملجأ سياسيا في بعض الحالات. ففي عام 1974، في أعقاب انقلاب عسكري قام به الحرس الوطني القبرصي، تدخلت تركيا في شمال قبرص، مما أدى إلى إنشاء جمهورية شمال قبرص التركية التي لم يتم الاعتراف بها دوليا. إلا أن ذلك لم يؤثر على وجود القواعد البريطانية.

نظرا لأن هذه المناطق السيادية أنشئت لأغراض عسكرية في المقام الأول، فإن إدارتها تتبع لوزارة الدفاع في لندن. وليس لديها أي علاقة رسمية مع وزارة الخارجية والكومنولث أو المفوضية العليا البريطانية في نيقوسيا.

وتتمتع هذه المناطق بنظامها القانوني الخاص الذي يختلف عن أنظمة المملكة المتحدة وجمهورية قبرص. مع ذلك تتوافق القوانين في “أكروتيري” و”ديكيليا” بشكل وثيق مع القوانين المعمول بها داخل جمهورية قبرص، بل تكون في بعض الحالات مطابقة لها.

وفقا لما ورد في الصفحة الرسمية لسلاح الجو الملكي البريطاني في “أكروتيري”، فإن هذه القاعدة بمثابة وحدة دعم للعمليات في المنطقة، بهدف “حماية المصالح الإستراتيجية للمملكة المتحدة في قلب الشرق الاوسط

ويتم استخدام “أكروتيري” قاعدة أمامية للعمليات الخارجية في الشرق الأوسط ولأغراض التدريب على الطائرات كذلك. وتقوم مروحيات “غريفين” التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني في “أكروتيري” أيضا بوظيفة البحث والإنقاذ بالتعاون مع شرطة جمهورية قبرص والقيادة الجوية للحرس الوطني.

تاريخيا، لم تستخدم قاعدة “أكروتيري” فقط لأغراض خاصة بالمملكة المتحدة، ففي أوائل السبعينيات، بنت الولايات المتحدة رادارا فوق الأفق يسمى “حذاء كوبرا”، لمراقبة عمليات الطائرات واختبارات الصواريخ في جنوب روسيا. وقد شغل سلاح الجو الملكي البريطاني الرادار نيابة عن القوات الجوية الأميركية. وتم إخفاء استخدام الولايات المتحدة للقاعدة عن الحكومة القبرصية بسبب حساسية الموضوع.

ومن الجدير بالذكر أن الضغط على ميزانية الدفاع لدى المملكة المتحدة ازداد عام 1974، فقررت الحكومة البريطانية آنذاك سحب القوات البريطانية بالكامل من قبرص، لكن الولايات المتحدة اعترضت بشدة على ذلك، لأن هذا من شأنه أن يفقد واشنطن الوصول إلى إشارات قواعد الاستخبارات الموجودة في قبرص، ومن وافقت على المساهمة في دفع التكاليف للحكومة البريطانية التي غضت النظر عن خطة الإغلاق.ونظرا لقربها النسبي من الشرق الأوسط، استخدمت قاعدة “أكروتيري” لأغراض متعددة في الثمانينيات، منها استقبال الجرحى الأميركيين بعد تفجير ثكنات بيروت عام 1983، ودعم عمليات الأمم المتحدة في لبنان

لعبت قاعدة “أكروتيري” دورا في عدد من العمليات العسكرية والسياسية في الشرق الأوسط، فقد استخدمتها القوات الجوية الأميركية عام 2010، منصة لإطلاق طائرات “يو-2” للقيام بعمليات استطلاع جوي فوق سماء لبنان، ونقل المعلومات حول مقاتلي حزب الله إلى السلطات اللبنانية كما استخدمت لعمليات الاستطلاع الجوي فوق تركيا وشمال العراق لنقل المعلومات إلى السلطات التركية.

وفي 2011، استخدمت المحطة قاعدة لانطلاق طائرات الدعم المشاركة في التدخل العسكري بقيادة حلف شمال الأطلسي في ليبيا.

وفي 2014، نُشرت في “أكروتيري” 6 قاذفات بريطانية لتنفيذ مهام استطلاعية في العراق، في أعقاب ظهور تتنظيم القاعدة و صوّت أعضاء البرلمان لصالح تنفيذ سلاح الجو الملكي البريطاني ضربات جوية على التنظيم في العراق، وتكررت الضربات عام 2019.كما استخدمت قاعدة “أكروتيري” لدعم الضربات الصاروخية التي وجهتها الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة ضد مواقع حكومية متعددة في سوريا عام 2018.

أما آخر العمليات العسكرية التي انطلقت من قاعدة “أكروتيري”، فكانت الغارات التي شنتها القوات الأميركية والبريطانية على الحوثيين في اليمن خلال الشهر الأول من عام 2024، وذلك باستخدام طائرات تايفون المقاتلة، على خلفية الهجمات التي شنها الحوثيون على السفن التجارية في البحر الأحمر وبسبب استخدام الأراضي القبرصية منصة انطلاق لهذه الهجمات، واجهت حكومة قبرص احتجاجات واسعة وانتقادات متزايدة تستهجن وجود قواعد عسكرية بريطانية في البلاد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق