ماذا تعرف عن دور المسيرات البحرية في الحرب الروسية الأوكرانية؟

قسم البحوث والدراسات 31/07/2025
تقديم
تندرج المُسيّرات البحرية تحت بند الأسلحة العاملة باستراتيجية (A2/AD-Anti Access/Area Denial)، وهي الاستراتيجية المُستخدمة من قِبل القوات التي لا تمتلك قدرات عسكرية كبيرة في مختلف الأفرع، ما يعكس واقعية قيادة البحرية الأوكرانية التي لم تعتمد على سفن السطح في المعارك البحرية بين البحرية الروسية والأوكرانية على اختلاف قدراتها التكنولوجية المتطورة على مستوى الفرقاطات والبارجات والغواصات وطائرات الدورية البحرية، بجانب مقاتلات متعددة المهام وقاذفات مُلحقة. ولذلك، كان الاعتماد على المُسيّرات البحرية بجانب صواريخ كروز ذات الآثار الاقتصادية والسياسية والعسكرية المباشرة
دور المسيرات في معارك البحر الأسود
البحرية الروسية، كان لها هدفان: أولهما، هو تحقيق السيطرة البحرية وحصار جميع الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود. وثانيهما، هو تنفيذ إنزال برمائي لاحتلال ميناء أوديسا الأوكراني ومحاصرة القوات البرية في منطقة مايكوليف من الخلف. وقد تكون الأسطول البحري الروسي في البحر الأسود من: بارجة، وفرقاطة، وعدد 2 قراويطة، بجانب 6 سفن إنزال، وغواصتين. وقد كانت البارجة من طراز (Moscova)، وهي مصممة ومعززة تسليحيًا للاشتباك بمفردها مع حاملات الطائرات والسفن المرافقة لها، وتستطيع أن تقوم بالمهمات الهجومية بفضل امتلاكها عددًا كبيرًا من الصواريخ الموجهة بعيدة المدى والسريعة جدًا، بجانب تقديم الدعم النيراني للقوات البرية بواسطة مدفع الاشتباك البحري مثلما حدث من قبل في الحرب الروسية-الجورجية 2008. وقد نجحت البحرية الروسية في بداية المعارك البحرية في أوكرانيا في محاصرة “جزيرة الثعبان”؛ لتستسلم الحامية الأوكرانية بعد ذلك. وقد كان لها دور ثانوي تمثل في تقديم التغطية الدفاعية الجوية لبقية القطع البحرية وتقييد حرية الطيران الأوكراني وحلفاء أوكرانيا الأوروبيين في البحر الأسود. وقد تضمن أسطول البحر الأسود فرقاطة حديثة من طراز (Grigorovich)، وبالتعاون مع القراويطتين من طراز (Buyan) و(Karakurt) والغواصتين من طراز (Kilo)، أمكن القيام بعمليات التمهيد والاستهداف النيراني من بداية الحرب إلى الآن بواسطة صواريخ (Kalibr).
هجمات المسيرات البحرية والتكيف الروسي
لم يكتفِ حلف الناتو بتقديم الدعم المعلوماتي فقط، ولكنه زود البحرية الأوكرانية بالمُسيرّات البحرية في إبريل 2022 أيضًا، وذلك حسب تصريحات منسق مجلس الأمن القومي للاتصالات الاستراتيجية في البيت الأبيض “جون كيربي”. ومن ثم أمكن نقل قدرات التصنيع إلى الجانب الأوكراني، لتظهر نسخة محلية لعمليات الهجوم على الخطوط الخلفية والجسور. وقد اتسم الجيل الأول من تلك المُسيّرات بسهولة التصميم مع قدرات رصد عالية الدقة والملاحة المستقلة مع شحنة متفجرة تزن 200 كجم.
على الجانب الآخر، استفاد الروس أيضًا من الحصول على المُسيّرة الأوكرانية غير المدمرة لتصنيع نسختهم الخاصة تحت اسم “سارجان”، والتي تتسم بالسرعة والحجم الصغير وقوة المناورة، ولكن بشحنة تفجيرية أقل من النسخة الأوكرانية. وقد نفذت هجومًا ناجحًا على جسر (زاتوكا) الأوكراني في فيري 2023. وقد تغير المنظور الخاص لاستخدام هذا النوع من المُسيّرات في الرواية الروسية، وفقًا للحاكم الروسي لمدينة سيفاستوبول “ميخائيل رازوفوزاييف”، الذي أكد على قناته على تطبيق “تليجرام” أن هذا النوع سيتم استخدامه مستقبلًا في مرافقة سفن الشحن لحمايتها من أي مخاطر محتملة من سفن السطح المعادية التي قد تعترضها، مما يوضح أن الاستخدام الروسي المستقبلي يتضمن الأسلوبين الهجومي والدفاعي معًا.
خلاصة
لا شك أن المُسيّرات البحرية كانت إحدى أدوات التكيف التكتيكي الأوكرانية للتعامل مع التفوق البحري الروسي الكاسح في بداية المعركة والسيطرة التامة على البحر الأسود. وقد تمكنت من تحقيق نتائج حتى وإن بدت طفيفة، لكنها ذات تأثير ميداني كبير، وبالأخص بعد دمجها مع منظومات أخرى، مما استدعى تغييرًا في التخطيط البحري الروسي الذي من الواضح أنه سيتوسع في تصنيع مثل تلك المُسيّرات التي من الممكن استخدامها في مسرح عمليات آخر ضد عدو محتمل. وبالتأكيد ستعمل العديد من البحريات على امتلاك هذا النوع تحديدًا، ما يطرح فكرة حتمية وجود المُسيّرات بشكل أكبر في المعارك البحرية المستقبلية.