ليبيون يطالبون بإخضاع سجون العاصمة للحكومة بعيداً عن الميليشيات
قسم الأخبار الدولية 25/09/2025
أخضعت حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا ملف السجون لواجهة الجدل مجدداً بعدما أعلنت عن تشكيل لجنة لتسلم سجني معيتيقة وعين زارة من جهاز الردع وحصر نزلائهما، في خطوة وُصفت بأنها محاولة لتقليص نفوذ التشكيلات المسلحة التي ظلت تهيمن على إدارة مراكز الاحتجاز منذ سنوات. ورغم أن الإعلان عُد مؤشراً على رغبة الدولة في استعادة السيطرة، إلا أن حقوقيين أبدوا خشيتهم من أن يبقى الأمر محدوداً إذا اقتصر على سجنين فقط، دون أن يشمل مرافق أخرى مثل سجن الكتيبة 55 في ورشفانة، أو السجون التابعة لوزارة الدفاع وحرس الحدود، فضلاً عن مراكز المهاجرين التي لطالما أثارت انتقادات دولية.
وسلط مراقبون الضوء على البعد السياسي للخطوة، معتبرين أن رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة يوظف الملف في إطار صراعه مع جهاز الردع، خاصة وأن مراجعة ملفات السجناء قد تكشف انتهاكات خطيرة ارتُكبت في ظل سيطرته. وقد وثّقت منظمات دولية بالفعل هذه التجاوزات؛ إذ أكدت منظمة العفو الدولية وقوع حالات تعذيب وقتل خارج نطاق القانون في سجن معيتيقة، فيما أشارت هيومن رايتس ووتش إلى أن وزارة العدل لم تتجاوز دوراً رمزياً في إدارة ما يقارب 15 سجناً، حيث تتولى الميليشيات المسؤولية الفعلية وسط ظروف احتجاز متردية تشمل الاكتظاظ وسوء التغذية وتفشي الأمراض.
ويرى خبراء قانونيون أن أي إصلاح لن يكون مجدياً ما لم يُقترن برقابة قضائية جادة تضمن سيادة القانون على حساب الولاءات المسلحة، بينما اعتبر محللون أمنيون أن هشاشة التفاهم بين الحكومة وجهاز الردع قد تجعل مصير السجناء رهينة لتسويات سياسية متقلبة. وذهب أكاديميون إلى أن إصلاح السجون يتطلب استراتيجية وطنية شاملة تنسجم مع مسار العدالة الانتقالية والمصالحة، خاصة في ظل وجود مئات المقاتلين المتشددين في معيتيقة، والغموض الذي يكتنف أوضاع سجناء آخرين في مرافق مغلقة تديرها تشكيلات مختلفة.
وبالنظر إلى الانقسامات الحادة التي طبعت المشهد الليبي منذ سقوط نظام القذافي عام 2011، يرى حقوقيون أن ملف السجون يمثل اختباراً لمقدرة الدولة على فرض سلطتها وبناء الثقة مع المجتمع، بل ويُعتبر خطوة محورية نحو تهيئة الأجواء لأي استحقاق انتخابي يلوح في الأفق.
