أخبار العالمإفريقيا

ليبيا تبحث عن مخارج جديدة وسط إرهاق المسارات السياسية وتقلّب المبادرات الدولية

تحرك المشهد الليبي مجدداً في دوامة المفاوضات، إذ واصلت الأطراف المحلية والدولية الانتقال بين «المبادرات» و«الحوارات» دون أن تفضي هذه المسارات المتراكمة إلى حل نهائي منذ سقوط نظام معمر القذافي. وجاء الإعلان المرتقب عن قائمة المشاركين في «الحوار المُهيكل» ليعيد فتح نقاش واسع حول قدرة الأطر الجديدة على تجاوز إرث عشر سنوات من الجولات غير المكتملة. وانطلقت فكرة الحوار ضمن «خريطة الطريق» التي اقترحتها البعثة الأممية في أغسطس الماضي، إذ تعهّدت بأن يشكل هذا المسار مساحة أوسع لتمثيل المناطق والمرجعيات السياسية والمجتمعية، عبر اختيار 120 شخصية ليبية يجتمعون منتصف ديسمبر بهدف صياغة توصيات تسهّل الظروف نحو انتخابات مؤجلة منذ سنوات.

وتواصلت محاولات الأمم المتحدة منذ 2014 لطي صفحة الانقسام، بدءاً من اجتماعات غدامس التي افتتحت عهد المبعوث برناردينو ليون، مروراً بمحطات جنيف، وصولاً إلى اتفاق الصخيرات الذي مثّل أهم مفترق طرق لكنه لم ينجح في تثبيت سلطة تنفيذية مستقرة. وتراكمت بعد ذلك حوارات عديدة لم تُحدث اختراقاً فعلياً، ما دفع مراقبين ليبيين إلى التشكيك في جدوى أي مسار جديد لا يستند إلى نتائج ما سبق. وأكد خالد الترجمان أن المبادرات الأممية تدور في حلقات مفرغة، متهماً القوى الدولية بعدم الرغبة في تمكين الليبيين من الوصول إلى انتخابات حقيقية تُنهي المرحلة الانتقالية.

وتقاطع موقف الترجمان مع مخاوف أخرى ظهرت قبل جلسة الإحاطة المقررة للمبعوثة هانا تيتيه أمام مجلس الأمن في 19 ديسمبر، إذ اعتبر ناشطون أن الفترة الفاصلة تمثل الفرصة الأخيرة لمجلسي النواب والدولة لإقرار تعديلات قانونية تعالج ملف المفوضية العليا للانتخابات وصياغة تصور مشترك للحكومة المقبلة. وهددت البعثة باللجوء إلى مجلس الأمن لطلب تفويض يسمح بتشكيل لجنة وطنية – دولية مشتركة تتولى هذه المهام إذا تعذر الاتفاق قبل الموعد المحدد، ما يعيد النقاش حول حدود «الملكية الليبية للحل» ومدى قدرة المؤسسات الحالية على تحمل مسؤولياتها.

وتزامنت هذه التحركات مع نقاشات حادة حول معايير اختيار المشاركين في «الحوار المُهيكل»، إذ أعلنت شخصيات بارزة رفضها للانضمام، مثل ليلى سويسي التي أكدت أن التمثيل مسؤولية أخلاقية تتطلب حضوراً كاملاً لا تستطيع الالتزام به. وفي مقابل ذلك رأى مرشحون آخرون أن المسار الجديد قد يفتح الباب أمام مشاركة أوسع للرأي العام عبر استطلاعات وخدمات تفاعلية، وهو ما لم تمنحه الحوارات السابقة بالمستوى المطلوب. ويُنتظر أن يحدد مدى قدرة هذا الحوار على تثبيت قاعدة وطنية مشتركة ما إذا كانت ليبيا ستدخل أخيراً مرحلة استقرار تقود إلى انتخابات عام 2026، أم أنها ستعود مجدداً إلى دائرة البحث عن مبادرات بديلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق