ليبيا: انتخابات رئاسة المجلس الأعلى للدولة وكواليس لعبة الإنتخابات بين تكالة والمشري وكرموس
قسم البحوث والدراسات الإستراتجية والعلاقات الدولية 05-08-2024
أعلن المجلس الأعلى للدولة الليبية رسميا عن انتخابات رئاسته في جلسة رسمية ستنطلق يوم الغد، الثلاثاء، في تنافس بين ثلاثة مرشحين من أعضاء المجلس أولهم محمد تكالة الرئيس الحالي للمجلس، وخالد المشري الرئيس السابق للمجلس، بالإضافة إلى المرشح عادل كرموس عضو المجلس.
حالة ترقب كبيرة عما ستسفر عنه انتخابات المجلس ومن الذي سيصل لرئاسة الأعلى للدولة، بسبب عرقلة الأول لقوانين لجنة 6+6 ورفضه لها، بعد أن رحب الرئيس السابق خالد المشري بضرورة وجود حكومة جديدة بعد توافق بينه وبين مجلس النواب الليبي.
ولا يمكن إعتبار ان الإنتخابات للمجلس الأعلى للدولة هو الحل لمشاكل ليبيا، لأن الظروف التي تمر بها البلاد أكبر من قدرات الأعلى للدولة، الحديث اليوم عن أن هذه الانتخابات قد تغير الوضع وسوف تدفع بحكومة جديدة، وكأن تكالة هو المعرقل في ذلك، ولكن الحقيقة هذا الأمر غير صحيح، والحقيقة تقول لا المجلس الأعلى للدولة ولا رئيس المجلس الأعلى للدولة يملكون الأوراق لكي يتحكموا في المشهد.
وبحسب المشهد الحالي وفي حال فوز المشري فإن مسار الحكومة المرتقب، والذي أعلن عنها رئيس مجلس النواب، سيكون مسار غير متفق عليه حتى بين مجلس النواب والكتل الموافقة على الحكومة الجديدة، والواضح أن كتلة التوافق غير مرحبة بحكومة جديدة.
كما أنه يصعب التكهن بمن سوف ويكون رئيس لمجلس الدولة وأن الفارق سوف يكون طفيف بين المرشحين، وهذا لا يعني وجود مسار انتخابات قائم حتى يتجه لها المجلس الأعلى للدولة أو يعرقلها.
والمقربين من المجلس الأعلى للدولة في ليبيا يعتبرون أن مسألة التخبط مع كل رئيس جديد تختلف في الشكليات ولكن في المضمون الجميع يتفق على أنهم لا يريدون انتخابات، وهذا الأمر لا يتعلق بمجلس الدولة فقط حتى مجلس النواب كذلك الذي لا تتغير رئاسته، اعتاد الجميع على النهج بأنهم يتفقوا على أمر ما وفي آخر لحظة يتم نقضه بين الإثنين، ولا توجد نيه حقيقية أو إرادة للذهاب نحو الانتخابات.
السيناريو الأول: في حال فوز تكالة
وفي حال فوز محمد تكالة سيكون هناك رفض للعملية السياسية المقبلة واستمرار لحالة الجمود السياسي، لأنه رافض لقوانين بوزنيقة، ورافض لإقرار الميزانية التي أقرها مجلس النواب، بالإضافة لكونه أنسحب من الاجتماع الثلاثي الذي كان سينعقد في القاهرة والذي كان سينقل البلاد إلى حكومة جديدة تنهي حالة الجمود السياسي التي مرت بها ليبيا.
والكل يعلم أن تكالة داعم لوجود حكومة الدبيبة في العاصمة طرابلس وأن آراءه مضادة لآراء رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، وبالتالي فإن فوز تكاله سوف يقود البلاد لحالة جمود سياسي لسنة قادمة.
السيناريو الثاني: في حال فوز خالد المشري
أما المرشح خالد المشري الرئيس السابق للمجلس لديه فآراء مختلفة ولديه تقارب مع عقيلة صالح، ويعتبر هذا التقارب أو التحالف تقارب مؤقت ولكنه سوف يقود البلاد لإنهاء حالة الجمود السياسي وسيصل البلاد إلى حكومة جديدة.
هذه الحكومة ستقود البلاد للانتخابات لأن المشري لم يعترض على قوانين بوزنيقة التي اتفقت عليها لجنة 6+6، ولكن مشكلة المشري بأنه يواجه في كتلة مضادة له داخل المجلس وهي كتلة كبيرة، ناهيك عن الخلفيات الإسلامية الموجودة لدى المشري.
السينارية الثالث: في حال فوز عادل كرموس
وقال إن المرشح عادل كرموس لديه آراء مختلفة عن تكالة وعن المشري، لأنه يرى حسب تصريحاته بأنه ليس ضد حكومة حماد أو حكومة الدبيبة وقد لا ينوي تغيير الحكومتين مرة واحدة، أي أنه يطرح فكرة جديدة تضمن دمج حكومتين وصولا للانتخابات في ظل الانقسام السياسي الحالي، يبدو أنه لا يريد معاداة حكومة الدبيبة أو حكومة حماد لكي يحظى بأصوات أعضاء المجلس الأعلى للدولة، ويريد أن يحظى بقبول سياسي لكي تكون له مرونة بين البرلمان والدولة وبين حكومة حماد وحكومة الدبيبة وتعتبر آراه جديدة كليا.
انتخابات المجلس الأعلى للدولة لن تغير شيء في المشهد مهما كان اسم الفائز
كل العارفين والمتعمقين في المشهد السياسي الليبي اليوم يعلمون جيدا أن المشهد الإنتخابي لن يغير شيئا لأن خيوط اللعبة ليست ليبية ولا داخلية إنما هي اليوم خارجية وبالتحديد أمريكية.
وهناك شق يعوّل على هذه الإنتخابات ويقول أن هذه الانتخابات مهمة واستثنائية لأنها قد تكون سبب في إنهاء ظروف الانقسام التي تشهدها البلاد منذ سنوات، وأن النتائج سوف تكون متقاربة حسب التوقعات وذلك لأسباب سياسية وصراعات بين الكتل داخل المجلس، والمرشح الفائز لن يستطيع تقديم الكثير كون أن مجلس الدولة مجلس استشاري ليس به ذلك التأثير كبير في الملف السياسي، ولكن يمكن هذا الجسم أن يعرقل أي حلول قادمة حسب اتفاق الصخيرات.
ولكن المرشح الفائز هو الذي يحدد الموقف والتوافق مع مجلس النواب من عدمه، لأن المرشحين الثلاثة تختلف أفكارهم عن بعضهم البعض، وبالتالي لا يمكن التنبؤ بأي تقارب مع البرلمان إلا بعد ظهور نتائج الانتخابات المرتقبة.