أخبار العالمإفريقيا

لقاء مرتقب بين الدبيبة وحماد.. خطوة نحو الحل أم مناورة جديدة في مشهد الانقسام الليبي؟

تشهد الساحة الليبية حراكاً سياسياً متسارعاً في ظل تصاعد الحديث عن جهود توحيد الحكومة المنقسمة بين الشرق والغرب، ويبرز في هذا السياق اللقاء المرتقب بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة ورئيس الحكومة الليبية المنتخبة من البرلمان أسامة حماد، في خطوة قد تمثل تحولاً مهماً في مسار الأزمة السياسية المستمرة منذ سنوات.

يأتي هذا التطور بعد ضغوط محلية ودولية متزايدة لإنهاء حالة الانقسام وتهيئة البلاد للاستحقاقات الانتخابية، ورغم الآمال التي يعقدها البعض على هذا اللقاء، تبقى الأسئلة قائمة حول نوايا الأطراف وتوازنات القوى الفعلية، كما يثير اللقاء تساؤلات حول دور الأطراف الإقليمية والدولية في دفع أو عرقلة هذا التقارب، فهل تكون هذه الخطوة بداية انفراج سياسي أم مجرد مناورة جديدة ضمن لعبة النفوذ.

تحركات محلية

أكد المحلل السياسي الليبي “حسام الدين العبدلي” أن اللقاء المرتقب بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة ورئيس الحكومة المكلفة من البرلمان أسامة حماد، يأتي في إطار تنسيق جرى بحسب تصريحات محافظ مصرف ليبيا المركزي، الذي أشار إلى جهود تُبذل لترتيب هذا اللقاء.

وقد أبدى حماد ترحيبه بالمقترح معتبرا أن هذا الاجتماع سيكون له تأثير إيجابي كبير، كونه يجمع الفرقاء السياسيين حول طاولة واحدة في محاولة لإيجاد حلول للمشكلة الاقتصادية المتفاقمة، والتي زادت حدتها نتيجة استمرار الخلافات السياسية بين الأطراف المختلفة.

وأشار العبدلي في حديثه لـ”سبوتنيك” إلى أن آليات الصرف المشترك بين الحكومتين أسهمت في خلق أزمة حقيقية، انعكست بشكل واضح على قيمة الدولار مقابل الدينار الليبي، وأدت إلى عجز كبير في المصروفات مقارنة بالإيرادات.

وأضاف أن تحرك محافظ المصرف المركزي، الناجي عيسى جاء عقب لقائه الأخير مع وفد من صندوق النقد الدولي يوم الثلاثاء الماضي، في إشارة إلى أن التحركات السياسية والاقتصادية الكبرى في ليبيا، غالبًا ما تكون مدفوعة بتدخلات خارجية، وأكد أن الجميع يدرك أن هذه التدخلات تشكل المحرك الرئيسي للعديد من قرارات المسؤولين الليبيين.

وأضاف أن ترحيب حماد بلقاء الدبيبة قد يكون ناتجًا عن ضغوطات دولية، تهدف إلى تقديم حلول لبعض الإشكاليات الاقتصادية والمالية العالقة، كما أشار إلى أن محافظ المصرف تطرق في تصريحاته إلى مسألة الإصلاحات الاقتصادية، وربما تحدث عن نية رفع الدعم عن المحروقات واستبداله بالدعم النقدي المباشر.

وتساءل العبدلي عمّا إذا كان المحافظ قادرًا على ضمان استقرار سعر صرف الدولار مقابل الدينار الليبي، محذرًا من أن خطوة كهذه قد تؤدي إلى مزيد من الانهيار في قيمة العملة المحلية، مما سيؤثر سلبًا على قدرة المواطن الليبي في شراء الوقود والمواد الغذائية الأساسية، مستشهدًا بتجارب سابقة أثبتت فشل سياسة رفع الدعم عن السلع في ليبيا.

وشدد العبدلي على أن جوهر الأزمة في ليبيا هو سياسي بالدرجة الأولى، وأن هذا الانقسام السياسي هو السبب الرئيسي في تفاقم المشكلات الاقتصادية، مؤكدًا أن استمرار وجود حكومتين لا يخدم مصلحة الشعب الليبي، وأنه من الضروري إبعاد كل من الدبيبة وحماد عن المشهد السياسي في أقرب وقت ممكن.

كما وجّه العبدلي انتقادات حادة لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، واصفًا إياها بـ”الميتة”، وقال إن محافظ مصرف ليبيا المركزي تمكن من جمع الأطراف الليبية على طاولة حوار، في حين فشلت البعثة الأممية في أداء هذه المهمة رغم أنها من صميم عملها.

واعتبر أن البعثة تستفيد من الوضع الحالي، ولا ترغب في الوصول إلى حل جذري للأزمة الليبية.

ودعا العبدلي الشعب الليبي إلى المطالبة بطرد بعثة الأمم المتحدة من البلاد، إذا ما أرادت فعليًا الوصول إلى حلول واقعية تنهي الانقسام.

وأضاف أن البعثة أدركت أن الشعب الليبي منقسم، ولا توجد رغبة حقيقية في التنازل من قبل الأطراف المتنازعة، وهو ما يجعل استمرار وجود البعثة يُكرّس بقاء الأجسام السياسية الحالية، مؤكدا أن الضغط الشعبي على البعثة الأممية قد يسهم في تفكيك هذه الأجسام ويدفع نحو إحداث إصلاحات اقتصادية حقيقية تنقذ البلاد من أزمتها.

حلول منتظرة

يرى المحلل السياسي الليبي معتصم الشاعري أن العقبة الأساسية التي تعرقل جهود توحيد الحكومات في ليبيا تتمثل في مسألة القوانين الانتخابية التي أحيلت إلى البرلمان من قبل لجنة 6+6، والتي صيغت لاحقًا في شكل قانون وأُحيلت إلى المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، بهدف المضي قدمًا نحو إجراء الانتخابات. إلا أن حكومة الوحدة الوطنية رفضت هذا المسار، معتبرة أن هذه التعديلات ما زالت محل خلاف، وتحتاج إلى مراجعة وتعديل.

وأوضح الشاعري في تصريح خاص لـ”سبوتنيك” أن اللجنة الاستشارية التي شكّلتها بعثة الأمم المتحدة جاءت للنظر في القوانين الانتخابية والنقاط الخلافية بين الأطراف السياسية، معربًا عن أمله في أن تتمكن اللجنة من التوصل إلى حلول قبل نهاية أعمالها هذا الشهر.

وأشار إلى أن المتغيرات السياسية الأخيرة جاءت في أعقاب طرح مسألة الميزانية الموحدة في البلاد، وضرورة الحفاظ على استقرار سعر صرف الدينار الليبي. من هذا المنطلق، جاءت فكرة عقد لقاء مشترك بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة ورئيس الحكومة المكلفة من البرلمان أسامة حماد، باعتبار أن الطرفين يتحملان مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع السياسية والاقتصادية، وقد يشكل هذا اللقاء خطوة نحو اتفاق يمكن أن ينعش الاقتصاد الليبي.

وبحسب الشاعري، فإن محافظ مصرف ليبيا المركزي لعب دورًا أساسيًا في الترتيب لهذا اللقاء، إدراكًا منه أن المصرف لا يستطيع الاستمرار في تمويل حكومتين في آن واحد، وسعيًا منه لتفادي مزيد من التدهور الاقتصادي ودعم الاستقرار المالي. وقد اقترح المحافظ حزمة من الإصلاحات، من بينها تفعيل آلية المبادلة وخلق فرص اقتصادية جديدة لضبط السوق.

وأكد إن نجاح هذا اللقاء سينعكس بشكل مباشر على المسار السياسي، وقد يسهم في تقليص الفجوة بين الأطراف المتنازعة، تمهيدًا لتشكيل حكومة موحدة تقود البلاد نحو الانتخابات، وتنهي حالة الانقسام السياسي التي طال أمدها.

المصدر وكالة سبوتنيك

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق