أخبار العالمإفريقيا

كينيا تعيش على وقع الغضب الشعبي مع تصاعد القمع وارتفاع عدد قتلى احتجاجات “سابا سابا”

ارتفع منسوب الغضب الشعبي في كينيا بشكل غير مسبوق بعد أن تحولت ذكرى “سابا سابا” هذا العام إلى مشهد دموي، خلّف 31 قتيلا ومئات الجرحى والموقوفين، وفق ما أعلنت اللجنة الوطنية الكينية لحقوق الإنسان، وسط دعوات محلية ودولية لمحاسبة المسؤولين، وتحذيرات من عودة ممارسات القمع التي سادت في عهد الرئيس الراحل دانيال آراب موي.

تحدى آلاف المتظاهرين في مختلف مناطق البلاد الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع، رافعين شعار “روتو ولاية واحدة”، في إشارة مباشرة إلى رفضهم لترشح الرئيس وليام روتو لولاية ثانية، وذلك في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وتصاعد القمع الأمني. المتظاهرون الذين قادهم شباب “جيل زد” – الطبقة الجديدة من النشطاء المتعلمين والمتمكنين من أدوات التواصل الرقمي – أعربوا عن سخطهم من استمرار البطالة، وتجاهل الحكومة لمطالبهم، وقتل المتظاهرين العزّل، وآخرهم المدون ألبرت أوجوانغ الذي توفي في عهدة الشرطة أواخر يونيو الماضي.

شهد يوم 7 يوليو، الموافق للذكرى الـ35 لاحتجاجات “سابا سابا” التاريخية، مواجهات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين، وسط تحذيرات أممية من “الاستخدام المفرط للقوة”، ورفض حكومي للاحتجاجات باعتبارها “محاولة انقلابية” كما وصفها وزير الداخلية كيبشومبا موركومين. فيما أُحيل 37 موقوفا إلى المحاكمة بتهم تتعلق بالإرهاب، ما عمّق الشكوك حول توجّه النظام نحو عسكرة التعامل مع الاحتجاجات.

وسلطت الصحف المحلية الضوء على اتساع دائرة القمع، حيث نشرت صحيفة ستار أن عدد قتلى الاحتجاجات منذ عام 2023 بلغ 140 شخصا، وتحدثت عن عودة “فرقة كينوتي” الأمنية المتهمة سابقا بتنفيذ إعدامات خارج القانون، في خرق واضح للوعود التي أطلقها روتو في بداية حكمه بإصلاح الأجهزة الأمنية.

على المستوى الاقتصادي، بدأت آثار الاضطرابات تنعكس بشكل مباشر على مناخ الأعمال. فقد تراجع مؤشر ثقة الشركات إلى ثاني أدنى مستوى له بحسب بنك ستاندرد كينيا، وسط مخاوف من انسحاب الاستثمارات في ظل استمرار الإغلاق والاحتقان.

سياسيا، لا تزال المعارضة عاجزة عن تشكيل بديل موحد، في وقت نجح فيه روتو في تحييد عدد من خصومه عبر ضمهم لحكومته. لكن محللين يرون أن غضب “جيل زد”، والتحول في المزاج الشعبي، قد يشكلان تهديدا جديا لطموح روتو في الفوز بولاية ثانية خلال انتخابات 2027، خصوصا إذا تواصلت سياسات الإنكار والتصعيد.

ويحذر المراقبون من أن تجاهل مطالب الشارع، والاعتماد على الأجهزة الأمنية في إسكات الأصوات المعارضة، قد يعيد كينيا إلى مربع العنف السياسي الذي عاشته في مراحل حرجة من تاريخها، ويقوّض التقدم الديمقراطي الذي تحقق على مدى العقود الثلاثة الماضية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق