آسياأخبار العالمبحوث ودراسات

كيف وقع استهداف الأمن القومي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في ظل تحالف أذربيجان مع إسرائيل؟

تتصاعد المواجهة ما بين “إسرائيل وإيران” خلال السنوات الأخيرة، في مياه الخليج العربي والبحر الأحمر، فيما تأرجحت العلاقات “الإيرانية الأذربيجانية” خلال العقود الماضية بين الهدوء والتصعيد على خلفية الصراع على إقليم “ناغورنو كاراباخ”  من جهة والتقارب مع إسرائيل من جهة أخرى.

تكشف التصعيدات والتوترات في العلاقة بين إيران وأذربيجان بأن “باكو” باتت تمثل تهديد رئيسي لإيران على خلفية بعض المظاهر التي تكشف عن تزايد العلاقات الخاصة بين باكو وتل أبيب والتي يتمثل في اتساع نفوذ “تل أبيب” داخل الهيكل السياسي والأمني والاستخباراتي”لباكو” الأذرية، وفي تعزيز الحضور التكنولوجي الاستخباراتي لإسرائيل. وتنظر إيران بعين الريبة إلى دور أذربيجان المتزايد في محاولات تطويقها إقليمياً في إطار استراتيجية العقوبات والضغوط التي تمارسها واشنطن على طهران.

أقامت أذربيجان تعاونًا دفاعيًا وأمنيًا قويًا مع إسرائيل منذ أوائل عام 2010. ومع ذلك  فإن سيطرة جمهورية “ناغورنو كاراباخ” على حدود 135 كيلومترًا مع إيران أعطت طهران المرونة والثقة في أن هذه المناطق لن تستخدم في أنشطة مناهضة لإيران لكن  حرب 2020  غيرت هذا الوضع بشكل كبير، حيث سمحت أذربيجان لإسرائيل بدخول تلك الأراضي بحجة أنشطة إعادة الإعمار وإنشاء القرى الذكية.

وترى إيران أنه بدعوة إسرائيل لاستغلال الأراضي الأذربيجانية، غيرت باكو ميزان القوى في المنطقة واتخذت موقفا علنيا معاديا لإيران.

فبدون شك تستثمر إسرائيل “القرى الذكية” عند الحدود الأذرية، من أجل شن هجمات سيبرانية، تسيير طائرات مسيرة، مسح جوي، وتجنيد عملاء والتسلل عبر الحدود، هذه العمليات جميعها تعتبر تهديدا مباشراً على أمن إيران القومي اذ تستهدف المفاعلات النووية ومنشآتها الحيوية وكذلك البنى التحتية.

يقابل التهديدات الإسرائيلية السيبرانية عبر الحدود الأذرية، قدرة إيران على صد أو كشف بعض تلك الهجمات، لكن في الحقيقة قدرات إسرائيل السيبرانية أوسع من إيران، وتعزز إسرائيل قدراتها الإستخبارتية وتهديدها إلى إيران، حيث تتمتع بوضع أمني استخباراتي واسع في أذربيجان ومن المتوقع تعزيز نشاط الجماعات الانفصالية الإيرانية داخل أذربيجان.

لا شك في أن التصاعد في العلاقات الإيرانية الأذربيجانية سينعكس سلبا على نشاط الممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب (INSTC) بالإضافة إلى عرقلة الصادرات الإيرانية إلى أوروبا الشرقية وروسيا.  

يشكل التقارب مصدر قلق لإيران، حيث يعتبر هذا التقارب تحولًا استراتيجيًا قد يؤثر على التوازنات الإقليمية. وتخشى إيران أن يؤدي التقارب الأذربيجاني الإسرائيلي إلى زيادة التأثير الإسرائيلي في منطقة القوقاز وتهديد مصالحها الإقليمية وأمنها القومي.

صحيفة هآرتس كشفت أن تحقيقا استقصائيا كشف بيع إسرائيل لأذربيجان معدات حربية تبلغ قيمتها مليارات الدولارات مقابل النفط وتوفير موطئ قدم في إيران، مضيفة أن السنوات السبع الأخيرة شهدت هبوط 92 رحلة جوية لطائرات شحن تابعة لشركة “سيلكوي” الأذرية في مطار “عوفدا” العسكري جنوبي إسرائيل، وذلك لنقل شحنات الأسلحة والذخائر من إسرائيل إلى أذربيجان، حيث يرتبط البلدان بتحالف استراتيجي منذ 20 عاما.

ونقلت الصحيفة عن مصادر خارجية قولها إن “أذربيجان أتاحت لجهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (الموساد) إقامة محطة متقدمة، توفر للأخيرة قدرة عالية على تعقب ورصد ما يجري في إيران، كما أن السلطات الأذرية عملت على تأهيل مطار مخصص لمساعدة إسرائيل في حال قررت مهاجمة منشآت نووية إيرانية”، وكشفت أن “عملاء الموساد الذين سرقوا الأرشيف النووي الإيراني قاموا بتهريبه إلى إسرائيل عن طريق أذربيجان”.

إن وجود قاعدة جوية إسرائيلية بالقرب من الحدود داخل الأراضي الأذربيجانية، يعني أن منطقة القوقاز وآسيا الوسطى قد دخلت عملياً في دائرة الدور الإسرائيلي الساعي إلى محاصرة إيران، و دول الطوق الإسرائيلي في لبنان وسوريا والعراق واليمن وقطاع غزة والضفة الغربية ويشار في هذه النقطة بالذات الى أن أي واقعة أو عملية أو استهداف أمني  ما واقع في الحدود الإيرانية المتاخمة لأذربيجان يكاد يكون تدبيرا صهيونيا بتعاون أذري يستهدف مصلحة الأمن القومي لإيران وهو أقرب الى اليقين من الشك وهو ما ستثبته التجارب والأحداث عن كثب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق