كيف كثفت روسيا حصارها الشرقي على الولايات المتحدة الأمريكية؟
عزة الدريدي قسم العلاقات الدولية
تقديم
مع وصول الأسطول البحري الروسي إلى موانئ كوبا المجاورة للولايات المتحدة الأمريكية، يزداد التهديد الروسي، و الشرقي في سياق عام، على منافسه الامريكي.
إذ يأتي نشر القوات العسكرية الروسية، المتكونة من غواصة تعمل بالنووي وبواخر، على سواحل كوبا ردا على الموافقة الأمريكية للسماح لأوكرانيا بإستعمال الأسلحة الغربية لضرب الأراضي الروسية، تحديدا مراكز إطلاق الهجمات الروسية على الأراضي الأوكرانية، إلى جانب توقيع إتفاقية تعاون عسكري لمدة 10 سنوات بين الولايات المتحدة وأوكرانيا خلال قمة مجموعة السبع في إيطاليا.
وإن كان هذا الرد العسكري في إطار تمرين مشترك مع كوبا، إلا أنه يمثل تنبيه خاصة وأن روسيا لم تنشر قواتها العسكرية في كوبا منذ بدأها الحرب على أوكرانيا، التي تواجه من خلالها قوة الغرب. وهو ما يذكرنا بأزمة الصواريخ في 1962 خلال الحرب الباردة.
- الشرق الأوسط ساحة دولية متوهجة
دارت الحرب الباردة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بين الكتلة الغربية الليبيرالية و الشرقية الإشتراكية، و إنتهت بفوز الولايات المتحدة الأمريكية كالقوة العالمية الجديدة على الإتحاد السوفياتي في 1991 مع سقوط جدار برلين.
و بعد أكثر من ثلاثين سنة من سياسة الهيمنة العالمة واستيلائها على العرش الجيوسياسي و الديبلوماسي، أصبحت مكانة الولايات المتحدة كقوة مهيمنة محل تساؤل خاصة في ظل مساندتها لإسرائيل بعد الحرب الدامية في غزة منذ 7أكتوبر.
إذ مثّل هذا الحدث نقطة فارقة في السياسة الخارجية لعديد الدول تجاه الحرب الإسرائيلية الفلسطينية فمع صدور حكم المحكمة الجنائية الدولية الذين يدين أعمال إسرائيل في غزة في إطارالقضية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، إعترفت كل من إسبانيا، إيرلندا، النرويج و سلوفينيا بالدولة الفلسطينية. وطلبت الشيلي، كولومبيا و المكسيك، إلى جانب دول أخرى، الإنضمام إلى جنوب إفريقيا في التحقيق الذي فتحته ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في ديسمبر 2023. - تغير سياسة حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية
وهو ما يحيل على تحول ملحوظ لجل هذه البلدان من بلدان مساندة لإسرائيل إلى بلدان تدينها و تعترف بفلسطين كدولة. خاصة و أن هذه الدول تمثل أبواب إستراتيجية كإيرلندا في أوروبا و المكسيك و كوبا في أمريكا اللاتينية. ويعبر هذا عن التغير في سياسات حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية، من موالية لها إلى محاصرة لها. أي أن نتائج الحرب الباردة في تغير لصالح الكتلة الشرقية بعد أن كانت في صالح الغرب و أن سياسة الحصار التي وضعتها الولايات المتحدة على روسيا و الصين، أصبحت الآن مسلطة عليها.
و ما زاد الحصار جدية و تهديدا، هو التواجد العسكري الروسي على مقربة من كاليفورنيا الأمريكية. مما جعل الولايات المتحدة الأمريكية تتأهب و تنشر قواتها قرب الحدود مع كوبا لتبقى متيقظة كما صرح مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض “جايك سوليفان”.
فهل سيكون هناك تصعيد للمواجهة بين روسيا و الولايات المتحدة ؟ أم سيكتفي كل طرف بالتهديد الحذر لتجنب تطور النزاع لكي لا تعيد أحداث الحرب الباردة نفسها ؟
علما أن إذا تصارعت كتلتين متنافستين على المكانة الأولى، و أصبح النظام العالمي غير مستقر في طور التحول، فلا يمكن للعالم إلا أن يكون في طور حرب باردة و لكن نتائجها هذه المرة ستكون لصالح كتلة مغايرة ألا وهي الشرق.