كيف سيكون الرد الإيراني على الهجوم الصهيوامريكي؟

قسم البحوث والدراسات الاستراتجية والعلاقات الدولية 13-06-2025
يسجّل الإيرانيون منذ الساعات الأولى، لما بعد تكشف آثار العدوان الإسرائيلي الأمريكي على الجمهورية الإسلامية، موقفاً موحداً وحاسماً في التصدي له، سواء على المستوى الرسمي أم الشعبي، وهو ما يعدّ أمراً أساسياً للدفاع عن البلاد.
وهذا ما كانت بدايته ببيان قائد الثورة علي الخامنئي، الذي خاطب الشعب “الإيراني العظيم” ببيان منذ الساعات الأولى. بحيث شدّد علي الخامنئي أن “على الكيان الإسرائيلي أن ينتظر عقابًا شديدًا”، مؤكّدًا بأن القوات المسلحة لجمهورية إيران الإسلامية القوية لن تتركه، بإذن الله”.
مشيراً إلى أن الهجمات التي نفذها الكيان المؤقت فجراً، قد “أسفرت عن استشهاد عدد من القادة والعلماء، مشيرًا إلى أن خلفاءهم وزملاءهم سيتابعون مهامهم فورًا، إن شاء الله”. ووصف الإمام الخامنئي الجريمة الإسرائيلية قائلاً: “مدّ الكيان الصهيوني يده الشريرة والملطّخة بالدماء ليرتكب جريمة في بلدنا العزيز، وكشف عن طبيعته الخبيثة أكثر من أي وقت مضى باستهداف المراكز السكنية”. متوعداً كيان الاحتلال الإسرائيلي بأنه أعدّ “مصيرا مريرا ومؤلما لنفسه، وسيجنيه حتمًا”. وهذا ما يبيّن نجاح إيران في السيطرة على تداعيات العدوان من جهة، وتفعيل قرار الردّ عليه من جهة أخرى.
وفي هذا السياق، جاءت أيضاً تصريحات السلطة السياسية في الجمهورية الإسلامية، من رئيس الجمهورية الدكتور مسعود بزشكيان، مروراً برئيس مجلس الشورى الإسلامي محمد باقر قاليباف، ورئيس السلطة القضائية الشيخ غلام حسين محسني إجئي، وتبعهم بذلك العديد من الوزراء، للتأكيد على الموقف الواحد والموحد للنظام الإسلامي، بأنه سيردّ على الجريمة الإسلامية حتماً.
وفي سياق متّصل، برز نشاط وزير الخارجية عباس عراقجي، ليظهر ميداناً آخر لمواجهة إيران، وهي الجبهة الدبلوماسية من خلال تواصله مع الكثير من الجهات الدولية والعربية، وتبييّن مشروعية الجمهورية الإسلامية في ردها، على مستوى الانظمة والمؤسسات الحقوقية الدولية.
فبشكل قاطع، يمكّن الحسم بأنه كان لقرار مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية الدولية، دوره الأساسي، في إعطاء إسرائيل الذريعة المزعومة لتنفيذ عدوانها. وهذا ما يكشف أيضاً، بعض جانب التواطؤ والمشاركة الأمريكية ومن خلفها المعسكر الغربي في حصول هذا العدوان.
الشعب الإيراني ينتفض رفضاً للعدوان
وفي نقيض لما يحلم به بنيامين نتنياهو دائماً، سجّل شعب الجمهورية الإسلامية موقفاً حازماً، عندما شهدت العاصمة طهران والعديد من المناطق الرئيسية في البلاد، بعد صلاة الجمعة، مظاهرات شعبية حاشدة، تطالب بالرد والثأر على العدوان الإسرائيلي. ورفع المحتجون صور القادة الذين ارتقوا شهداء، هاتفين ضد إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، ومعبّرين عن عدم ثقتهم بالأخيرة، ومشيرين إلى دور لها في الهجوم، ومردّدين أحد هتافات الثورة الإسلامية الأساسية وهو “الموت لأمريكا”.
الوحدة الإيرانية في الميزان الاستراتيجي
وبعد استعراض مشاهد الوحدة التي سجّلت هذا اليوم، فإن من المهم الإشارة الى مدى أهمية هذه المواقف، ليس في إظهار الوحدة الوطنية – الرسمية والشعبية – كرمز للصمود فحسب، بل كضرورة استراتيجية لإيران أيضًا. فالوحدة الوطنية أساسية للحفاظ على الاستقرار الداخلي وإتاحة الظروف المثالية للقوات المسلحة الإيرانية في تنفيذ عملياتها الدفاعية والهجومية ضد العدوان الإسرائيلي المتواصل، ولردع إسرائيل، وطمأنة الحلفاء خاصة المقاومة الفلسطينية التي سارعت الى التنديد بالعدوان الإسرائيلي والتأكيد على أن موقف إيران الثابت من القضية الفلسطينية هو أحد المسببات الرئيسية للعدوان، وللتعامل مع شبكة الدبلوماسية الدولية المتزايدة التعقيد.
وتبرز هذه الوحدة في الميزان الاستراتيجي من خلال:
- مزامنة القيادة والسيطرة، وعامل أساسي في تماسك القوات العسكرية.
- تعتمد الجمهورية الإسلامية على الردع المتكامل، الذي لا يستند فقط الى ما تملكه من قدرات وترسانة صاروخية، بل عامل الصمود والقدرة على امتصاص الاعتداءات، والردّ الدقيق والحاسم بنطاق واسع.
- الوحدة السياسية تحصّن النظام الإسلامي أمام التحديات: مثلما حصل خلال حرب الدفاع المقدس ضد صدام حسين بين الأعوام (1980 – 1988)، بحيث نجحت الجمهورية الإسلامية في الحفاظ على كيانها، رغم التحدي الوجودي (فصدام حسين كان واجهة لكل أعداء الجمهورية الإسلامية وبخاصةً أمريكا)، بفضل القيادة الموحدة وتعبئتها الفعالة للدعم الشعبي المنقطع النظير.
- منع العزلة الدبلوماسية: بحيث تؤدي الوحدة الداخلية ليس فقط الى ترهيب الأعداء والخصوم، بل طمأنة الشركاء الدوليين المترددين.
- كسب حرب المعلومات: فالحرب الحديثة تعتمد بشكل كبير على السرد بقدر ما تعتمد على الرصاص. لذلك فإن ظهور الوحدة – من خلال التصريحات الرسمية، والمؤتمرات الصحفية المُنسّقة، والتضامن الشعبي – على دحض المزاعم الإسرائيلية.
المصدر: موقع الخنادق