أخبار العالمإفريقيابحوث ودراسات

كيف أصبحت تونس متجرا للبضاعة التركية من خلال مسالك التوزيع غير الرسمية ؟

فاتن الجباري- باحثة بالمركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الامنية والعسكرية بتونس

مراجعة: الدكتورة بدرة قعلول

اعتبر اقتصاديون وخبراء  في ظل محدودية موارد الدولة من العملة الصعبة و بفعل تعطل التمويل الأجنبي،انه من الضروري اليوم التركيز على الحلول الداخلية عبر إصلاح عوامل عجز ميزان  الدفوعات الخارجية والميزان التجاري لسيما مع اتفاقيات التبادل التجاري الحر المبرمة مع  تركيا محورالعديد الازمات و التي ادت الى حصول عجز اسهم في استنزاف الاحتياطي من العملة بما يهدّد جدّيا الإنتاج المحلي. فوفقا  لمؤشرات اصدرها  المعهد الوطني للإحصاء تبلغ قيمة الواردات التركية الى تونس  خلال 2022 قرابة 7.4 مليار دينار في حين لم تتجاوز الصادرات التونسية الى تركيا مليار دينار.

وتتركز الواردات التونسية من تركيا بالخصوصفي  قطاع النسيج والملابس و المعدات المصنعة الجاهزة  ومنتجات استهلاكية مختلفة وهي منتجات تقدر تونس على تصنيعها دوم اللجوء الى استيرادها …في حين لا  تمثل الصادرات التونسية الا نسبا محدودة ، وفق بيانات موقع مركز التجارة الدولي بالخصوص في الاسمدة والمنتجات الكيميائية باعتبار ان جل الواردات التركية تتم خارج المسالك المهيكلة أي يقع ضخها في الأسواق العشوائية و المسالك الغير الرسمية بشكل مضاعف عن المسالك الرسمية .

من ناحية أخرى تدخل السلع التركية بكميات كبرى للبلاد عبر توجيه مسافرين تونسيين لتركيا بعنوان “السياحة” ياتون بشحنات من السلع من  تركيا بعد خلاص قيمتها به لأطراف يتعاملون معهم ويتكفلون بكافة اجراءات تصديرها الى تونس وهو ما يوفر عائدات مالية هامة جدا تضخ الى  تركيا .

كما تساهم الشركات العاملة في اطار “الاستغلال تحت التسمية الأصلية” في استيراد كميات كبرى من السلع التركيةعلما انه لا وجود لأرقام دقيقة حول انشطتها ومعاملاتها رغم حضورها الكبير والمتزايد في السوق التونسية منذ سنوات ناهيك عن العامل الترويجي الكبير الذي تؤديه وسائل الاعلام التونسية وعبر شبكات الأنترنات لهذه البضاعة التركية على حساب المنتوج المحلي التونسي الذي تم استئصاله عن ثقافة التونسي بما يهدم نسيج السياسة التجارية المجتمعية  ومجال التصنيع المحلي و تجميد اليد العاملة التونسية .

كما تتسم الواردات التركية الى تونس  بحسب معطيات منظمة الدفاع عن المستهلك بمخالفتها للمواصفات الصناعية التونسية فضلا عن تعمد العديد من الصناعيين الاتراك تغيير منشأ المواد التي يصدرونها لتونس ذلك للاستفادة من امتيازات الاعفاء الديواني التي تخولها اتفاقية التبادل التجاري بين تركيا وتونس لسنة 2004 والمنقحة في اتجاه التفكيك الكامل للرسوم الديوانية على الواردات التركية الى تونس سنة 2013.

ادى ذلك الى ارتفاع العجز التجاري مع تركيا إلى 3.6 مليار دينار وهو ما يفوق اجمالي التمويل الخارجي الصافي للبلاد طيلة سنة 2022 المقدر بنحو 3.4 مليار ديناراستنادا الى أحدث معطيات وزارة المالية الصادرة في تقريرها الأخير حول تنفيذ ميزانية الدولة بعنوان شهر فيفري 2023. تفسّر هذه الوضعية على الأرجح بلجوء بعض الموردين الى تضخيم قيمة الواردات من تركيا في سياق تعامل مع شركات تربطهم بها في هذا البلد علاقات شراكة وهو ما يندرج في إطار عمليات تهريب الاموال وتبييضها في سياق التدفقات المالية غير المشروعة.

علما ان تونس تعد البلد الأول عربيامن حيث التدفقات المالية غير المشروعة وذلك بنسبة 16.2 بالمائة من اجمالي حجم التجارة الخارجية للبلاد باستثناء المنتجات البترولية  بحسف تقرير نشره المرصد التونسي للاقتصاد . وهذهالتدفقات المالية غير المشروعة  عبر جرائم التهريب و التجارة الموازية يصعب قياسها نتيجة لتعقد المسالك الحدودية التي تتدفق عبرها شبكات التجارة المهربة  اعتمادا على نظام التلاعب بالفواتير  و الرشوة و الاحتكار على مستوى التجارة الخارجية و حتى المعابر الحدودية  وعلى الرغم من تفعيل مراجعة للاتفاقية والذي مكن من الترفيع في المعاليم الديوانية على مجموعة من المنتجات الاستهلاكية ذات المنشأ التركي الا وان هذا الاجراء لم يشمل سوى 20 بالمائة من مجمل واردات المنتوجات الاستهلاكية. الامر الذي أدى حتما الى اختلال توازن الميزان التجاري بين البلدين لصالح تركيا وذلك منذ دخول اتفاقية التبادل التجاري بينهما حيز النفاذ.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق