كيسنجر: فيروس كورونا سيغير النظام العالمي إلى الأبد
واشنطن-الولايات المتحدة-06-4-2020
قال وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، هنري كيسنجر، في مقال له بصحيفة(وول ستريت جورنال) إن وباء فيروس كورونا سيغير النظام العالمي إلى الأبد.
وأشار كيسنجر إلى أن الأضرار التي ألحقها تفشي فيروس كورونا المستجد بالصحة قد تكون مؤقتة، إلا أن الإضطرابات السياسية والإقتصادية التي أطلقها قد تستمر لأجيال عديدة وأوضح أن الظروف الإستثنائية التي يمر بها العالم الآن بسبب الوباء الفتاك، أعادت إلى ذهنه المشاعر التي انتابته عندما كان جنديا في فرقة المشاة خلال مشاركته في الحرب العالمية الثانية أواخر عام 1944، حيث يسود الآن الشعور نفسه بالخطر الوشيك الذي لا يستهدف أي شخص بعينه، وإنما يستهدف الكل بشكل عشوائي ومدمر..
وبرغم أوجه الشبه بين تلك الحقبة البعيدة وما نعيشه اليوم، يضيف كيسنجر، فإن هناك فرقا مهما يتمثل في كون قدرة الأميركيين على التحمل في ذلك الوقت عززها السعي إلى تحقيق غاية وطنية عظمى، بينما تحتاج الولايات المتحدة في ظل الإنقسام السياسي الذي تعيشه اليوم إلى حكومة تتحلى بالكفاءة وبعد النظر للتغلب على العقبات غير المسبوقة من حيث الحجم والنطاق العالمي المترتبة على تفشي الوباء.
وأضاف أن قادة العالم يتعاطون مع الأزمة الناجمة عن الوباء على أساس وطني بحت، إلا أن تداعيات التفكك الإجتماعي المترتب على تفشي الفيروس لا تعترف بالحدود.
وقال إن الجهود المبذولة لمواجهة تفشي الوباء، برغم ضخامتها وإلحاحها، ينبغي أن لا تشغل قادة العالم عن مهمة أخرى ملحة تتمثل في إطلاق مشروع موازٍ للإنتقال إلى نظام ما بعد كورونا.
وأكد أنه لا يمكن لأي دولة، حتى وإن كانت الولايات المتحدة، أن تتغلب على الفيروس بجهد وطني محض، وأن التعاطي مع الضرورات المستجدة الآن ينبغي أن يصاحبه وضع رؤية وبرنامج لتعاون دولي لمواجهة الأزمة، مضيفا أن الإخفاق في العمل على المحورين في آن واحد قد تترتب عليه نتائج سيئة.
وحث كيسنجر الإدارة الأمريكية على التركيز على ثلاثة مجالات رئيسية لمواجهة تداعيات الوباء محليا وعالميا، أولها تعزيز قدرة العالم على مقاومة الأمراض المعدية، وذلك من خلال تطوير البحث العلمي.أما المجال الثاني فهو السعي الحثيث لمعالجة الأضرار التي لحقت بالإقتصاد العالمي جراء تفشي الوباء والتي لم يسبق أن شهدت البشرية مثيلا لها من حيث السرعة وسعة النطاق، كما حث الإدارة الأميركية على حماية مبادئ النظام العالمي الليبرالي بصفتها المجال الثالث الذي ينبغي التركيز عليه.
وختم كيسنجر بالقول إن التحدي التاريخي الذي يواجه قادة العالم في الوقت الراهن هو إدارة الأزمة وبناء المستقبل في آن واحد، وإن الفشل في هذا التحدي قد يؤدي إلى إشعال العالم.