قمة الرياض الخليجية الأميركية تؤسس لرؤية جديدة في الشراكة الاستراتيجية وسط تحديات إقليمية ودولية متصاعدة

قسم الأخبار الدولية 14/05/2025
احتضنت العاصمة السعودية الرياض، يوم الأربعاء، أعمال القمة الخليجية – الأميركية الخامسة، بمشاركة قادة دول مجلس التعاون الخليجي والرئيس الأميركي دونالد ترمب، في أول جولة خارجية له منذ عودته إلى البيت الأبيض، حيث ناقش الطرفان ملفات حيوية تمس الأمن الإقليمي والتعاون الاقتصادي والتحولات الجيوسياسية المتسارعة.
وشكّلت هذه القمة محطة مفصلية في العلاقات الخليجية – الأميركية، في ظل تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، من الحرب المستمرة في غزة، والتصعيد في البحر الأحمر، والمفاوضات الأميركية – الإيرانية في مسقط، وصولاً إلى الأزمة الأوكرانية، بما يجعل من الخليج مركز توازن إقليمي واستراتيجي لا غنى عنه في الحسابات الأميركية، كما رأى محللون تحدثوا لصحيفة الشرق الأوسط.
الدكتور محمد العريمي، الباحث في الشؤون الخليجية، اعتبر أن القمة وفّرت منصة لتأكيد التزام واشنطن بأمن الخليج، مشيراً إلى سعي دول المجلس إلى تعزيز استقلالية قرارها السياسي مع الحفاظ على الشراكة مع الولايات المتحدة. ولفت إلى أن دول الخليج حملت معها رسائل استراتيجية أبرزها المطالبة بالتعامل معها كشركاء متكافئين، والسعي لتوسيع نطاق التعاون في مجالات الأمن البحري، والتكنولوجيا، والطاقة المتجددة، وتوطين الصناعات الدفاعية.
وفي هذا السياق، تطرقت القمة إلى ملفات شائكة أبرزها الضمانات الأمنية الأميركية، والملف النووي الإيراني، ودور طهران في زعزعة استقرار عدد من دول الجوار، إضافة إلى قضايا اليمن وسوريا وفلسطين، وسط دعوات خليجية لوقف التصعيد الإسرائيلي في غزة، وفتح ممرات إنسانية عاجلة.
ومن جانبه، أشار المحلل السياسي أحمد العيسى إلى أن اختيار ترمب بدء جولته من الخليج يعكس المكانة المحورية للمنطقة، التي تحولت إلى ساحة مركزية لصياغة المبادرات الدبلوماسية، مشيراً إلى تحركات فاعلة من قبل دول الخليج في ملفات سوريا ولبنان، ما جعلها منطلقًا لجهود إقليمية أوسع نحو التهدئة وبناء السلام.
وأكد العيسى أن دول الخليج طرحت خلال القمة أربعة ملفات محورية: ضبط السلوك الإيراني ووقف تدخلاته، منع تأثير طهران على الانتخابات العراقية، ضمان استقرار سوق الطاقة، وتوسيع الشراكات الاقتصادية مع الولايات المتحدة، لا سيما في مجالات الاقتصاد الجديد المرتبط بالتكنولوجيا ونقل المعرفة.
كما شدد على أهمية الاستقرار الاقتصادي العالمي في ضوء التقلبات في أسعار النفط، منوهاً إلى الدور الحيوي لدول الخليج التي تنتج نحو ربع نفط العالم، وتملك ما يقارب ثلث احتياطاته المؤكدة.
القمة الخليجية – الأميركية في الرياض بدت بذلك أكثر من مجرد لقاء تقليدي، إذ رسمت ملامح مرحلة جديدة من الشراكة ترتكز على التوازن، والتكافؤ، وتعدد المصالح، مع إدراك الطرفين لأهمية الحوار المستمر لمواجهة التحديات التي تتطلب حلولاً جماعية ومقاربات واقعية في عالم متغير.