قلق أوروبي من الاعتماد المفرط على التسلّح الأميركي وسط تهديدات ترامب وتعقيدات السياسات الداخلية

قسم الاخبار الأمنية والعسكرية الدولية 27-06-2025
في الوقت الذي تُقبل فيه دول أوروبية وكندا على تعزيز قدراتها الدفاعية في ظل التوترات الدولية المتصاعدة، يُبدي عدد متزايد من حلفاء الولايات المتحدة حذراً من الاعتماد الزائد على الصناعات العسكرية الأميركية، رغم ريادتها في مجالات التكنولوجيا والصواريخ المتقدمة.
وأشارت وكالة “بلومبرغ” إلى أنّ الحلفاء الذين أقرّوا أكبر زيادة في الإنفاق العسكري منذ عقود، باتوا ينظرون بشكّ إلى شعار “اشترِ المنتجات الأميركية”، الذي روج له الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال زيارته الأخيرة إلى أوروبا، في حين “قد لا يكون أمامها خيار آخر”.
قلق من الاعتماد وتحديات داخلية
يشعر الزعماء الأوروبيون بأنّ تعزيز الاعتماد على الأسلحة الأميركية قد يعرّضهم لمخاطر استراتيجية أكبر، خاصةً في ظل التهديدات العلنية التي أطلقها ترامب، والتي تُعد مثيرة للجدل داخلياً.
وفي هذا السياق، يتخوّف العديد من الساسة الأوروبيين من تداعيات سياسية داخل بلدانهم في حال توسيع العلاقات الدفاعية مع واشنطن.
أوروبا تبحث عن بدائل… وكندا تدرس الانسحاب من ال”ـF-35″
على سبيل المثال، سعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، منذ انتخاب ترامب، لتعزيز الاستقلالية الدفاعية الأوروبية عبر الاعتماد على الشركات المحلية، وهو ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى إنشاء صندوق دفاعي بقيمة 150 مليار يورو لدعم هذا التوجه.
كذلك، تدرس كندا الانسحاب من برنامج المقاتلة الأميركية “إف-35″، والاتجاه بدلاً من ذلك إلى شراء طائرات سويدية، إذ قال رئيس الوزراء الكندي مارك كارني مؤخراً: “لا ينبغي لنا بعد الآن أن نرسل ثلاثة أرباع إنفاقنا الدفاعي إلى أميركا”.
الدنمارك: شراء الأسلحة الأميركية يشكل خطراً أمنياً
وتعكس الحالة الدنماركية هذا الحذر، إذ أبلغ مسؤولون دنماركيون وفداً من الكونغرس الأميركي زار كوبنهاغن هذا الربيع أنّ تهديد ترامب بالاستيلاء على غرينلاند، وهي إقليم دنماركي، جعل من الصعب سياسياً شراء أسلحة أميركية، بحسب “بلومبرغ”.
وكتب النائب المحافظ راسموس يارلوف على منصة “إكس” أنّ “شراء الأسلحة الأميركية يُشكل خطراً أمنياً لا يُمكننا تحمّله”.
شكوك بشأن تبادل المعلومات وموثوقية الأسلحة
ووفقاً لـ”بلومبرغ”، فإنّ قرار ترامب بتعليق تبادل المعلومات الاستخباراتية مع أوكرانيا لفترة قصيرة، “قد ساهم في تعميق المخاوف بين الحلفاء، إذ أبدى البعض قلقاً من احتمال تعطيل واشنطن لاستخدام الأسلحة الأميركية في حال حدوث أزمة”.
وقد بلغ القلق حدّ إصدار وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) توضيحاً علنياً يفيد بأنّ طائرات “إف-35” لا تتضمن “مفتاح إيقاف” يمكن التحكم به عن بعد.
ميزانيات ضخمة لكن اعتماد بلا بديل
ورغم تلك الشكوك، فإنّ خطط الحلفاء لتعزيز قدراتهم الدفاعية تتطلب استثمارات هائلة، إذ قدّر تقرير لـ”كارلايل” حجم الإنفاق العسكري الأوروبي بنحو 14 تريليون يورو (16 تريليون دولار) خلال العقد المقبل، بما في ذلك البنية التحتية، ما يفوق بكثير القدرات الحالية للصناعات العسكرية الأوروبية المجزأة التي تراجعت بعد الحرب الباردة.
كما أن ريادة الولايات المتحدة في مجالات رئيسية، وخاصة الصواريخ وغيرها من الأسلحة عالية التقنية، “تعني في كثير من الأحيان عدم وجود بديل حقيقي لشراء الأسلحة الأميركية”، وفق “بلومبرغ”.
ويُقرّ مسؤول كبير في حلف شمال الأطلسي بأن الدول الأوروبية “لن يكون أمامها بديل سوى شراء الأسلحة الأميركية لتحقيق أهداف الناتو”، خاصة مع استنزاف مخزونات السلاح إثر الدعم المستمر لأوكرانيا.