قراءة في احتفالات الغير شرعيين بذكرى سقوط سوريا

فادي عيد المحلل السياسي المتخصص في شئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: قسم البحوث والدراسات الاستراتجية 09-12-2025
نعيش تلك الأيام ذكرى سقوط سوريا في براثن الإرهاب، بعد ان صمدت سوريا منذ عام 2011 أمام العالم أجمع، بداية من ثباتها أمام دول غرفة الموك (غرفة ملتقى رؤوسا أجهزة الاستخبارات المعادية لسوريا) والذين أجتمعوا هناك لتخطيط والإعداد من إجل إسقاط نظام بشار الأسد، وصولا لاجتماعات رؤوساء وملوك وأمراء ليس لتدمير الدولة العميقة السورية فقط بل ومحو هوية الدولة العريقة السورية.

وبعد ان وصل أحدث منتجات مختبرات أجهزة المخابرات الأمريكية لسدة الحكم في دمشق، ظهر الوجه الحقيقي لقطاع كبير من الناس كان مختفي وقت حكم بشار الأسد، أناس لا تعرف كيف يحمل هولاء الجنسية السورية، فلم أرى في حياتي شعب يسعى بكل قوته لحرق تاريخه ومحو هويته كما أرى فيما تبقى من سوريا الأن، حتى قام العديد من الأفراد في أكثر من موقع بحرق العلم ذو النجمتين أصبح العلم الرسمي لسوريا سنة 1958م أي قبل حكم عائلة الأسد، وجاء للإشارة للوحدة بين مصر وسوريا، ويبدو ان المستهدف فعلا هي عروبة سورية وأي رابط بينها وبين مصر وليس الانتقام من عائلة الأسد، وأكبر دليل على ذلك تلسين الجولاني سابقا أحمد الشرع حاليا على مصر والعراق دوما، فعندما تسمع له تشعر وكأنك تقرأ لتغريدات الذباب الالكتروني السعودي على منصة تويتر / X.
فحقيقة الأمر إسلاميين الـ CIA و MI6 ينفذون اليوم ما هو كان مطلوب من اليهود عندما زرعتهم بريطانيا في فلسطين، فإن كان غرض اليهود العودة الى أرض الميعاد لبناء الهيكل وإستكمال مسيرة أسلافهم، فكان غرض الانجليز كما أعلنوا وقتها هو إستكمال مسيرة أسلافهم (ريتشارد) أيضا بالفصل بين الساعد والذراع أي مصر والشام، فأي إنتصار سجل للعرب على مدار تاريخهم كان بفضل وحدة مصر والشام.
كما ان طريقة احتفالات الشعب نفسه بعيدا عن العرض العسكري الغريب الذي نظمه جيش هيئة تحرير الشام وباقي تكفيريين دول أسيا والذي في الغالب جاء لتطمين نتنياهو وليس العكس، تعكس لك وجه أزمة جديدة، فحتى المكون السني الذي يمثل وحده سوريا الجديدة هو نفسه ساحة تنازع بين الوهابية (السعودية) والمشروع العثماني (تركيا) والشواهد كثيرة.
فبعد نجاح تركيا في عملية تتريك شمال سوريا وإقتطاعه على غرار ما فعلته في إقليم هاتاي / لواء الاسكندرونة 1939م، ومشاهدة أعلام تركيا في المسجد الأموي في كل صورة دوما، أرسلت السعودية منذ أيام قليلة صندوق زجاجي ضخم يحمل كسوة الكعبة للمسجد الأموي بدمشق مغطى بغطاء أخضر عليه شعار السعودية (السيفين والنخلة) وشعار سوريا الجديدة (النسر الذي يميل لشعارات البيزنطيين ولا أرى له أي علاقة بهوية أو تاريخ سوريا)، وكأنك ترى ورقة معاهدة بين الدولة الأموية والبيزنطيين، وان كانت مصادفة فأن الواقع يقول ان ما جرى من اتفاق بين محمد بن سلمان وترامب في الرياض بحضور أحمد الشرع بشهر مايو الماضي كان كذلك.
عموما لست مندهش من كل ما أراه، فمن قرأ التاريخ جيدا وعرف ما كان يفعله أمراء الشام على مدار أي حقبة وليس فترة الحملات الصليبية أو التتار فقط والتي أمتدت لقرون سيرى ان التاريخ يعيد نفسه مع اختلاف الأسماء فقط وليس أكثر.



