“قاعدة ميرون”: قاعدة مراقبة جوية صهيونية تحت صواريخ المقاومة اللبنانية
فاتن جباري قسم العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية
مراجعة الدكتورة بدرة قعلول
تونس 08-01-2024
هكذا جاء الرد حيث تلتهب نيران المقاومة بلبنان أكبر قاعدة جوية صهيونية، فماذا وراء تكتم إسرائيلي على عملية استهداف “قاعدة ميرون الجوية” يوم السبت 06 يناير 2024؟
في إطار ردّها الأولي، على جريمة اغتيال الشهيد القائد صالح العاروري ورفاقه الشهداء في الضاحية الجنوبية لبيروت.
قامت المقاومة في لبنان “حزب الله”، بإطلاق مكثف للصواريخ باستهداف قاعدة “ميرون” للمراقبة الجوية بـ 62 صاروخاً من أنواع متعدّدة، وأوقعت فيها إصابات مباشرة ومؤكّدة، لأن الدفاعات الصهيونية لم تقدر على تعقب الصواريخ ومنظومة الدفاعات الإسرائلية لا تتعقب نوع الصواريخ التي تمّ إطلاقها.
فما هي أبرز المعلومات حول هذه القاعدة وعن أهميتها بالنسبة لكيان الاحتلال وجيشه والتي تتكتم عليها إسرائيل وفضحتها المقاومة؟
قاعدة مراقبة جوية على نطاق دولي
تتولى هذه القاعدة تنظيم وتنسيق وإدارة كامل العمليات الجوية باتجاه سوريا ولبنان وتركيا وقبرص والقسم الشمالي من الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط.
كما وتُشكل هذه القاعدة مركزاً رئيسياً لعمليات التشويش الإلكتروني على الاتجاهات المذكورة، ويعمل في هذه القاعدة عدد كبير من نخبة الضباط وجنود الاحتلال.
وعليه نكون أمام ردّ أولي لحزب الله، لم يكن ثأرياً كما يأمل البعض، بل استراتيجياً يمكّن المقاومة من تعطيل قدرات مهمة لجيش الاحتلال وكما سبق وقلنا في مقالات سبقة فقد “فقأت المقاومة في لبنان “عين” كيان الإحتلال الصهيوني، “خلال هذه المعركة بالتحديد وفي ظل تزايد احتمالات توسع الاشتباكات”، سواءً في القدرات البشرية التي يصعب ترميمها وإصلاحها بسهولة، أو في المعدات التكنولوجية التي ستكون كلفتها المادية عالية جداً، نسبةً لحساسية ما تقوم به من مهام… وخسارة أخرى لا تقدر بثمن وهي إتلاف كل المعطيات الإستخباراتية التي كانت داخل القاعدةكما لا ننسى صورة المعدات العسكرية الإسرائلية التي سقطت في العالم ولهذا فالكيان يتحفظ كثيرا على الخسارة التي تكبّدها في “قاعدة ميرون”.
وتبلغ مساحة القاعدة حوالي 193 ألف متر مربع، أي ما يعادل مساحة 27 ملعب كرة قدم دولي، وتبعد عن الحدود اللبنانية الفلسطينية حوالي 7 كم.
ويشار إلى أن القاعدة تقع في قمة جبل الجرمق – ميرون الذي يعدّ أعلى جبل في فلسطين المحتلة غرب الأردن. ويقع بين مدينتي صفد ومعلوت ترشيحا، وترتفع قمته 1204 أمتار عن سطح البحر.
من قمة الجبل هذا، يمكن رؤية معظم منطقة الجليل الأعلى، كما يمكن رؤية كامل عرض أرض فلسطين أي من البحر الأبيض المتوسط، والجليل الأسفل، وبحر الجليل وصولاً الى الجولان.
وتتمركز وحدة التحكم الجوي التي تُسمى وحدة المراقبة الإقليمية الشمالية ذات الرمز 1BA 506 في هذه القاعدة (التي تعتبر إحدى الوحدات السرية التابعة للقوات الجوية)، وتتبع هذه الوحدة لنظام التحكم في سلاح الجو الإسرائيلي 517.
كما تتلخص مسؤولية هذه الوحدة بإنشاء الصورة الجوية (أي صورة جميع الطائرات الموجودة في المجال الجوي لكيان الاحتلال والمناطق المحيطة به. أي الدول التي ذكرها بيان الإعلام الحربي للمقاومة بصورة دائمة أي 24/24 ساعة و 7/7 أيام طوال 365 يوم من السنة بغية تأمين الإنذار المبكر).
وتتولى أيضاً مراقبة الحركة الجوية في كافة أنحاء الأجواء، بالإضافة إلى كشف وتحديد هوية محاولات اختراق الأجواء وتفعيل منظومات الأسلحة المختلفة وتوجيه الطائرات الاعتراضية التابعة لجيش الاحتلال، وتوجيه بطاريات الدفاع الجوي تجاه الأهداف الجوية.
ما يعني أن تعطيل هذه القاعدة سيعطل سلاحي الجو الإعتراضي والدفاع الجوي في منطقة شمالي فلسطين المحتلة كحد أدنى (وهو ما سيفيد حزب الله حتماً، في حال تطور الاشتباك العسكري المباشر الى مرحلة إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة الهجومية باتجاه عمق الكيان وهذا ما لم يعمل له حساب كيان الإحتلال فهو يتخبط ويتهوّر ويقود حربا إنتقامية غير محيوبة لا تكتيكيا ولا إستراتجيا بل إنه يعتمد على سياسة الهروب الى الأمام وفتح كل الجبهات وإستدراج المنطقة الى حرب إقليمية طاحنة وخاصة توريط أمريكا والغرب في هذه الحرب لأنه يتصوّر أن حلفائه قد خذلوه ولم يدخلوا معه الحرب بالرغم من المساعدات اللوجستية والمعدات الحربية والمالية والإستخباراتية.
ووفقا لتقارير سرية تحتوي هذه القاعدة على رادارات متقدمة موجودة في قباب رادار ضخمة (Radome). وتتيح الرادارات اكتشاف الطائرات على مسافة تزيد عن 200 ميل بحري (حوالي 360 كم) كما تتحكم هذه الوحدة بمنطاد المراقبة “سكاي ديو– صاروخ السماء” ولكن كل الردارات لم تستشعر ولم تقدر على التصدي ل62 صاروخا.
هدف حزب الله اللبناني من العملية: إعماء المنظومات الإسرائيلية في المنطقة الشمالي
كما أكّد أمين عام حزب الله، حسن نصر الله أنه وضع منذ بدء الحرب هدفاً وهو “إعماء المنظومات الإسرائيلية في المنطقة الشمالية” وقد نجح الى حدّ كبير.
فيما قال محلل الشؤون العسكرية في القناة 14 الإسرائيلية، إنّ “قدرات حزب الله يجب أن تقلق إسرائيل كثيراً، ولا سيما بعد عملية اغتيال العاروري .
ووفقا لمعطيات، تقع قاعدة ميرون للمراقبة الجوية على قمّة جبل الجرمق، وهي أعلى قمّة جبل في فلسطين المحتلة، وتُعتبر قاعدة ميرون مركزًا للإدارة والمراقبة والتحّكم الجوّي الوحيد في شمال الكيان الصهيوني، ولا بديلًا رئيسيًا عنها، وهي واحدة من قاعدتين أساسيتين في كامل الكيان الغاصب وهما: ميرون شمالًا، والثانية “متسبيه رامون” جنوبًا.
كما أشار محلل قناة 14 الإسرائيلية إلى أنّ الجيش الصهيوني يُخفي مسألة مدى الضرر الذي أصاب المنظومة الاستخبارية في قاعدة سلاح الجو في ميرون بسبب عدم تزويد جماعة نصر الله بأيّ توضيحاتٍ بشأن نتائج الهجوم.
هذا وعلّقت وسائل إعلام إسرائيلية على استهداف المقاومة لـ “ميرون” بالقول أن المقاومة قد سجلت هدفا تابعا لإسرائيل، وهو مقلق من ناحية كمّ المعلومات لدى حزب الله عن أماكن استراتيجية جداً، وهو هجوم تجاوز نظام الدفاع الجوي ويثير التساؤلات حول ما إذا كانت هذه الصواريخ دقيقة أم لا؟
يأتي ذلك، بعدما أعلنت المقاومة الإسلامية في لبنان “حزب الله” في بيان استهداف قاعدة “ميرون” بـ62 صاروخاً في إطار الرد الأوّلي على جريمة اغتيال القائد في كتائب القسّام صالح العاروري وإخوانه في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وأعلن “حزب الله”، مسؤوليته عن 9 هجمات على شمال إسرائيل، وفي أحدها أصيب فندقًا في بلدة المطلة الشماليّة بصاروخٍ، وفقاً للإعلام العبريّ الذي يعتمد على المؤسسة الأمنيّة.
وفي وقت سابق، قال الجيش الإسرائيليّ إنه نفَّذ غارات جوية على أهداف عدّة تابعة لـ “حزب الله” في لبنان.
وأشار إلى أنّ انفجارات ثانوية شوهدت في بعض المباني التي أصيبت، ما يشير إلى أنها كانت تُستخدم كمستودعات أسلحة.