في لقاء خاص:عبد الله ميغا يتحدّث عن صفحات من تاريخ مالي والمشهد الحالي بالبلاد
تونس-تونس-23-10-2020
استهلّ عبد الله ميغا، الباحث السياسي من مالي والخبير في شؤون الإرهاب والتطرّف، في لقاء عن بعد مع موقعي “إستراتيجيا نيوز” و”أفريكا باور” ، الخميس 22أكتوبر2020،حديثه عن موقع دولة مالي التي تعتبر بوابة لست دول، منها أربع دول ذات واجهات بحرية هامة، إذ تحدها الجزائر شمالا والنيجر شرقا وبوركينا فاسو وساحل العاج في الجنوب وغينيا من الغرب والجنوب، والسنغال وموريتانيا في الغرب.
وتحدّث الخبير المالي عن ثراء طبيعي رافقه ثراء ثقافي للشعب المالي الذي يقارب عدده العشرين مليون نسمة بأغلبية مسلمة تمثل 90 % وتتبع بالأساس المذهب السني المالكي.
وتعاني مالي ، وفق ميغا، من الإنقلابات العسكرية أبرزها انقلاب 2012 الذي أنهى رئاسة توماني توري ، والذي قاده أمادو سانوغو الذي علق العمل بالدستور وشكل اللجنة الوطنية لاستعادة الديمقراطية والإعمار بضغط من المنظمة الإقتصادية لدول غرب إفريقيا وكذلك الإتحاد الإفريقي،حيث أقرّ سانوغو فترة انتقالية أدت إلى انتخابات رئاسية في 2013 فاز فيها إبراهيم أبو بكر كيتا متوليا رئاسة الدولة إلى غاية 18 أغسطس 2020 بحدوث انقلاب عسكري أخر قاده ساديو كامارا وانتهى بتولي أسيمي غويتا رئاسة اللجنة الوطنية لإنقاذ الشعب وتعيين بان داو رئيسا انتقاليا .
وذكر محدثنا أن انعدام الإستقرار السياسي ، دفع بالإرهاب والجماعات المسلحة إلى التوغل في إقليم الدولة ، وأكثرها نشاطا “أنصار الدين” و”حركة الجهاد والتوحيد” وبعض التنظيمات التابعة لـ” داعش” و”القاعدة”. .
وأكّد عب الله ميغا، أن من أبرز الأزمات التي تعيشها مالي، الثورات المتتالية لقبائل الطوارق الصحراوية حيث انتهت أخر انتفاضة لها في 2012 بتشكل الحركة الوطنية من أجل تحرير الأزواد وتمت سيطرة الطوارق على جزء هام من الإقليم .
وتطرق الخبير والمحلل السياسي المالي، إلى المفاوضات الأخيرة بين الدولة المالية وبعض التنظيمات مؤخلرا والتي انتهت بتحرير رئيس المعارضة سومايلا سيسي وثلاثة رهائن أجانب،مشيرا إلى أن المفاوضات كان منطلقها المطالبة بـ 2 مليون دولار مقابل إطلاق سراح سيسي.
ولفت ميغا، إلى أن الصفقة تمت تحت ضغط فرنسي،نافيا ما روج حول إطلاق سراح 200 إرهابي، مصرحا بأن أغلب من تم إطلاق سراحهم هم سجناء سياسيون، إضافة إلى بعض القادة المتطرفين فقط مثل فواز أولاد أحمد، المكنى بإبراهيم العاشر .
كما أشار عبد الله ميغا، إلى ماروج مؤخرا حول حصار مدينة فرابوغو من قبل متشددين، لافتا إلى أن الخلاف بين الدوغون والفلان ليس جديدا غير أن الجماعات الإرهابية تستغل غياب الأمن والإستقرار لإثارة الفوضى والبلبلة، وتأجيج الأوضاع أكثر.
وفي سؤاله حول التحذيرات من ترّدي الوضع بدولة مالي بعد الإنقلاب الذي أطاح بالرئيس كيتا وإمكانية الدخول في حالة من الفوضى، أفاد ميغا، بأن الرئيس السابق قد استسلم قائلا “أنا لا أريد السلطة ولا أريد أن أعود إلى السياسة”، إلا أنه اتهم كيتا بإساءة استخدام السلطة حيث لم يعطِ للتجربة الديمقراطيّة الماليّة الفرصة للنجاح بسبب التعيينات العشوائيّة لرؤساء الوزراء حيث عيّن وفصل 7 وزراء خلال مدّة نيابته، مما دفع إلى تعكير الوضع في مالي الذي يعاني أساسا من اضطرابات عامّة بقطاع الصحّة والتعليم والتي تعود أبرز أسبابها إلى تردّي الأوضاع الماديّة .
ووفق ميغا، فإن التنحي السلمي للرئيس خوّل شرعيا- حسب الدستور- السلطة لرئيس الوزراء الذي تحوم حوله شبهات فساد وسوء تصرّف على غرار وصوله إلى منصبه عبر تزويرالإنتخابات، ما دفع الشعب المالي إلى عدم القبول بالحلّ الدستوري.
ومن ناحية ما يروج حول تأثير الداعية محمود ديكو، أشار عبد الله ميغا إلى أنه رجل المرحلة ومثّل رغبة الماليين في التغيير وكان صوتَهم لدى الرئيس كيتا ولم يسعَ إلى إسقاطه بل كانت الغاية وضع الخطّة الجديدة التي تنصّ على أن يكون رئيس الوزراء من حزب “حركة 5 يونيو” وأن لا تكون للرئيس سلطة عليه بل ينصبه الشعب ويبقى في منصبه إلى غاية 2023 حين انتهاء الولاية الحاليّة.
ولفت ميغا إلى قيام ديكو بدور الوسيط بين الساسة والشعب وامتصاص غضب الشارع، برغم مساعي القّوات الخاصّة بمكافحة الإرهاب لاغتياله خلال المظاهرات ، إضافة إلى حملات طالته من القنوات الخارجيّة متهمة إياه بالإرهاب والعمالة لحساب لوبيات خارجيّة.
وقال ميغا، إن ديكو ليس سياسيا بل هو عالم دين وله قيادة روحيّة للشعب المالي جعلته همزة وصل بينه وبين الساسة منذ عام 1981 لعلاقاته المقرّبة مع السياسيين والرؤساء وكذلك مناصبه الدينيّة العاليّة مثل رئيس المجلس الأعلى الإسلامي ورئيس مجموعة الوعاظ .
وحول تصريحات الداعية بشأن عودته إلى المسجد والتخلي عن السياسة، صرح محدثنا بأن ديكو لن يتخلّى عن دوره بشكل كامل بل سيواصل مراقبته وتوصياته وسيتدخل مجددا إذا لزم الأمر.