غموض محتوى لقاء أردوغان وسعيّد يثير العديد من التساؤلات
تونس-تونس-26-12-2019
قوبلت الزيارة المفاجئة وغير المعلنة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تونس أمس الأربعاء،بغضب وقلق جدي في الأوساط السياسية التونسية التي لا تُخفي خشيتها من المشروع التركي المتغطرس في المنطقة انطلاقا من ليبيا.
الزيارة التي جاءت على عجل، وعتّمت على دوافعها الجوهرية رئاسة الجمهورية التونسية قبل “أن تفضحها وسائل إعلام تركية” ، أثارت تساؤلات عديدة حول أهدافها الحقيقية وما تم الإتفاق عليه وأبرزها طبول التدخّل العسكري- التركي المباشر في الصراع الليبي الذي يندفع نحو التحول إلى نزاع إقليمي في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
هذه الزيارة المفاجئة إلى تونس التي تتقاسم حدودا بطول يزيد على 400 كيلومتر مع ليبيا ، حملت رسالة مشفرة إلى كل المهتمين بالأزمة الليبية دوليا وإقليميا ، الرسالة انطلقت من رائحة الدخان ” التي عقّب عليها أردوغان وصولا إلى اتفاقه مع نظيره التونسي على دعم حكومة فائز السراج.
ولم تكد تمر ساعات على الزيارة حتى أعلنت تركيا،اليوم الخميس، عن دخول الإتفاق الأمني- العسكري حيّز التنفيذ بعد نشره بالجريدة الرسمية التركية.
ويؤكد عديد المراقبين إن تركيا جادة للغاية في لعب دور “سلبي” في المعركة على الأرض، محذرين من جر تونس إلى المربع التركي القطري الإخواني وأفاد آخرون بأن الرئيس التركي جاء ليقدم تطمينات لتونس، المتضرر الأكبر في التدهور الأمني في ليبيا، وأن الإتفاقية مع ليبيا لن تضر بالمصالح التونسية، وهو ما يبدو أن الرئيس قيس سعيد قد اقتنع به عبر تأكيده أن الإتفاق لا يمس حدود تونس أو مصالحها.
من جانبها قالت الدكتورة بدرة قعلول، رئيسة مركز الدراسات الإستراتيجية الأمنية والعسكرية في حديث مع (ستراتيجيا نيوز) اليوم الخميس، إن اللقاء الذي جمع أردوغان بالرئيس التونسي نتج عنه مذكرة أمنية واستخباراتية ثنائية بين البلدين تسمح للأمنيين ورجال الأعمال الأتراك بالتحرك في تونس دون أي تصريح أو مضايقات ، متسائلة ، “مامعنى التعاون العسكري بين الطرفين وماهي مضامينه وماهي اهدافه ؟” .
وكشفت قعلول، غن أن رئيس حكومة طرابلس غير الشرعية ومنتهية الولاية التي يقودها السراج هي من خطّط للزيارة غير المعلنة ومن حدّد الموعد، علما وأن السراج كان قد التقى سعيد قبل أسبوعين في تونس حيث تباحث الطرفان بشأن الأوضاع الأمنية ببلاده ودور تونس في إقرار مبادرة لحلحلة الأزمة وانهاء الحرب الدائرة منذ سنوات.
وتساءلت رئيسة المركز : لماذا جاء أردوغان بهذه السرعة؟ وماعلاقة زيارته بزيارة رئيس البرلمان العربي أول الأسبوع؟
وذكرت أن الملف الليبي هو السبب الذي عجّل بقدوم أردوغان إلى تونس باعتباره ملفًا ساخنًا في الفترة الحالية، خاصة أن الحديث في تركيا يدور عن مشروع قانون لإرسال قوات تركية إلى ليبيا لمساندة حكومة الوفاق، على ضوء الإتفاق العسكري التي وقع عليه البلدان.
ويعلم الرئيس التركي أن تونس تعيش أزمة إقتصادية كبيرة، وتراجعا في صادراتها من محصول زيت الزيتون ، ومن التمور والفسفاط والصناعات المعدنية والكيميائية، ليتفادى الحديث عن جوهر الموضوع ويعلن في المقابل أن أنقرة يمكنها أن تتكفل بهذه المسائل، بالإضافة إلى بناء مستشفى للأطفال، ما يبين درجة استغفال الرئيس التركي لعقول أصحاب حالة الوعي.
يذكر أن موقع”مغرب أنتليجانس” قد أفاد مؤخرا بأن السلطات التونسية تعتزم اقتناء طائرات مسيّرة من تركيا تنتجها شركة”صناعة الفضاء التركية”.
وكان أردوغان قد أشار،في تصريح اليوم الخميس، إلى أنه من المتوقع أن يُمرر البرلمان التركي في الثامن من الشهر المقبل تفويض إرسال جنود إلى ليبيا، وذلك لتلبية دعوة حكومة الوفاق الليبية، مؤكدا أن تركيا “ستقدم جميع أنواع الدعم لحكومة طرابلس”.
وكانت البحرية المصرية قد أعلنت حالة الطوارئ في البحر المتوسط أمس الأربعاء عقب الزيارة قد يكون لها علاقة بتحرك تركي قبالة سواحل ليبيا.
يذكر أن جمهورية مصر العربية هي من أولى الدول التي عبّرت عن رفضها للإتفاقية الأمنية بين أردوغان والسراج، إضافة إلى قبرص واليونان والإتحاد الأوروبي.