عودة إلى قضية تسليم البغدادي المحمودي..وظلم ذوي القربى…!
تونس: 13-01-2022
جاء في مقال بجريدة”الصحافة”التونسية،بقلم منيرة رزقي:عادت قضية البغدادي المحمودي إلى الواجهة من جديد بعد أن قرر المعني بالأمر مقاضاة الدولة التونسية بتهمة تسليمه إلى الميليشيات لتقتص منه برغم أن البعض خال أن القضية طويت وأصبحت من الماضي حتى وإن كان بعض الحقوقيين يستشهدون بها من حين إلى آخر كعنوان دال على أخطاء حكومة “الترويكا”.
لكن اليوم تبدو المسألة بالغة الخطورة لأن المسؤول الليبي السابق يتوجه إلى محكمة الجنايات الدولية ليتقدم بشكوى ضد تونس متهما السلطات التونسية بتسليمه إلى ميليشيات إرهابية مسلحة كانت تبسط نفوذها على ليبيا في جوان عام 2012.
وأفادت مصادر صحفية بأن البغدادي المحمودي الذي اختار العزلة والنأي عن الشأن السياسي لم يتجاوز ما حدث له من قبل السلطات التونسية التي لجأ إليها فآثرت تسليمه إلى الميليشيات وقرر من إقامته في الإمارات العربية المتحدة التوجه إلى القضاء الدولي.
هنا علينا أن نتوقف قليلا، فنحن معنيون بشكل مباشر بهذه الشكاية وستكون لإدانة تونس ـ وهو أمر مفروغ منه كما يقول أهل القانون ـ تداعيات خطيرة على البلاد حقوقيا وماليا ولاشك في أن الأمر سيقترن بإدانة دولية لتونس وربما ترتب عن ذلك تعويضات مالية تثقل وزر الدولة التونسية.
وعلى هذا الأساس من المهم أن تتحرك الدبلوماسية التونسية من أجل تحميل المسؤوليات الفردية لكل من ساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في عملية تسليم البغدادي المحمودي إلى الميليشيات الليبية.
فمن الواضح أن تونس مازالت تدفع ثمنا باهظا لكل الأخطاء التي ارتكبت في حق شعبها عن جهل أو تعمدا، وقائمة الأخطاء الطويلة ما فتئت ارتداداتها الحادة تنفجر في وجوهنا كما تنفجر الألغام التي زرعها صنّاع الموت في مرتفعاتنا الغربية.
وسيكون من الذكاء استباق مرحلة التقاضي وتحميل المسؤوليات حتى تتبرّأ الدولة التونسية من جرم تسليم أسير إلى ميليشيات مسلحة وهو ما يتعارض مع المواثيق والأعراف الدولية.
وبالرغم من أنه مضى وقت طويل على القضية إلا أنه لا ضير في التذكير بملابساتها..
يجدر التذكير بأن السلطات التونسية كانت قد أوقفت البغدادي المحمودي عندما فر من بلاده واتخذ من بلادنا منطقة عبور بحثا عن لجوء آمن إبان اندلاع الأحداث في ليبيا وبعيد سقوط نظام معمر القذافي الذي كان آخر وزير أول له وأحد أبرز رجاله، وتم اعتقاله في منطقة الجريد التونسية وتحديدا بتوزر في سبتمبر عام 2011.
وقد اختارت السلطة الحاكمة التي أسفرت عنها انتخابات 2011 والمتمثلة في الترويكا الحاكمة المتمثلة في كل من حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل للعمل والحريات، ومراعاة لتحالفاتها الإقليمية بالتحديد أن تقوم بقرار تسليم البغدادي المحمودي إلى بلاده وهو ما رفضه المعني بالأمر الذي دخل في إضراب جوع من سجنه احتجاجا على هذا القرار، لكن تصرفه هذا لم يغير شيئا، وبالفعل تم تسليمه إلى ليبيا عن طريق حكومة حمادي الجبالي، وقيل الكثير عن هذه العملية التي تمت برغم تحذيرات كثيرة من قبل أطراف داخلية وخارجية نبهت إلى مخاطر هذه العملية على السلامة الشخصية له وعلى مصالح تونس.
ولذلك اعتبر البعض أن قرار التسليم تحف به شبهات كثيرة، فهذه الخطوة ليست سوى مجرد صفقة حصلت بموجبها الحكومة على ملايين الدولارات لتمكن الميليشيات المسلحة من غريمها السياسي حتى تنتقم منه. ويمكن أن نستشهد بما أكده الأستاذ مبروك كورشيد المحامي والوزير الأسبق والذي كان ينوب المحمودي والذي أفاد بأن حكومة النهضة باعت البغدادي المحمودي إلى الميليشيات الإخوانية وأنه يمتلك كل الأدلة المادية على ذلك.
فقد أشار إلى أن هناك وفدا خاصا تنقل إلى طرابلس و”قبض الثمن” على حد قوله، وتم إدخال الأموال عن طريق مطار تونس قرطاج الدولي بحضور “أحد وزراء السيادة” وفق إفادة كورشيد دائما، الذي أعلن انه لن ينوب البغدادي المحمودي هذه المرة ضد الدولة التونسية.
هنا سيكون التذكير بالأسماء وتحميل المسؤوليات التاريخية في غاية الأهمية، فعملية التسليم تمت في عهد الرئيس المؤقت وقتها الحقوقي المنصف المرزوقي وفي حكومة يرأسها حمادي الجبالي القيادي النهضاوي أما وزير العدل وقتها فقد كان نور الدين البحيري.
وسيكون من المهم أن تقوم الجهات القضائية المختصة في تونس باستباق عملية الإدانة الدولية عبر التبرّؤ مما حدث حتى لا يكون وزرا آخر ينضاف إلى الأوزار الثقيلة على تونس وشعبها.