المنطقة علئ حافة حرب إقليمية
القاهرة -مصر 30-12-2019
تحت عنوان:”على حافة الحرب الإقليمية في ليبيا” نشرت جريدة(الشروق) المصرية أمس الأحد،مقالا للكاتب عبد الله السناوي،جاء فيه:
تتعدد الإشارات على قرب التدخل العسكرى التركى في ليبيا، كأن نشوب حرب إقليمية فوق أراضيها مسألة وقت.
كانت مذكرتا التفاهم بين الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» ورئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني «فايز السراج» بشأن ترسيم الحدود البحرية والتعاون العسكرى والأمنى والإستخباراتي أقرب إلى إعلان حرب توشك أن تبدأ عملياتها.
بدت مذكرة ترسيم الحدود البحرية إنذارا باحتمال صدام مسلح شرق المتوسط فى الصراع على حقوق الغاز، غير أن اتجاه الصدام ذهب إلى العاصمة الليبية طرابلس وفق المذكرة الأخرى.
الصدام في شرق المتوسط يكاد يكون مستبعدا بحكم تداخل القوى الأوروبية وحساباتها يصعب تجاوزها، كما حجم المخاطر المروعة على السلم الدولي التى لا يحتملها أحد في العالم.
التدخل فى ليبيا تكلفته أقل نسبيا من حيث درجة المخاطر وغض الطرف ممكن في لعبة المصالح الدولية.
يوم بعد آخر وتصريح بعد آخر تنزلق الأزمة الليبية إلى أعنف مستوياتها.
حكومة «السراج»، تطلب تدخلا عسكريا جويا وبحريا وبريا من تركيا وفق المذكرة الموقعة، و«أردوغان» يتأهب للتدخل بعد استصدار تفويض برلمانى متوقع أوائل يناير المقبل بإرسال قواته لليبيا.
بالتزامن جرى نقل نحو ألف مقاتل موالٍ لتركيا من سوريا إلى ليبيا، حسب ما هو منشور.
هؤلاء المقاتلون قد يلعبون على الأغلب نفس الدور الذي لعبوه فى عملية «نبع السلام» التركية فى الشمال السورى، أن يتقدموا كمفرزة أمامية تتحمل المخاطر فيما يوفر الجنود الأتراك قوة الإسناد.
في تتابع الحوادث بدت تونس موضوع تساؤلات قلقة حول ما إذا كان ممكنا توريطها في الحلف الذي يقوده «أردوغان»، أو أن تكون معبرا لمرور القوات التركية إلى الأراضي الليبية.
الرئيس التركي زار تونس بصورة مفاجئة بصحبة وزير دفاعه ورئيس استخباراته ومستشاريه الأمنيين، بالإضافة إلى وزير الخارجية.
تشكيل الوفد يوحى دون لبس بطبيعة مهمته.
ما الذى دار بالضبط في الإجتماعات المغلقة؟
هذا سؤال أول.
من الذى نظم الزيارة المفاجئة ووضع جدول أعمالها؟
هذا سؤال ثان.
ما حقيقة توجهات الرئيس التونسى الجديد «قيس سعيد»؟
هذا سؤال ثالث.
هل جرت فعلا تفاهمات سياسية وأمنية وعسكرية في الشأن الليبي، حسب ما أوحى «أردوغان»، قبل التراجع عنها بضغط الرأي العام وقوى سياسية وبرلمانية ونقابية عديدة؟
هذا سؤال رابع.
الأسئلة تكتسب أهميتها من وزن تونس الجغرافي في الأزمة الليبية؛ حيث تمتد حدودهما المشتركة إلى نحو (500) كيلو متر.
لم تكن مصادفة أن يدعو الرئيس التركي إلى انضمام تونس والجزائر وقطر إلى مؤتمر برلين المزمع مطلع العام المقبل للبحث في تسوية سياسية للأزمة الليبية تحت غطاء الأمم المتحدة.
في الدعوة محاولة لجذب دولتى الجوار، تونس والجزائر، إلى صفه، وتأكيد حضور حليفه القطري في الملف.
أسوأ ما يمكن تصوره أن تتباين المواقف بين دول الجوار العربية الثلاث، مصر وتونس والجزائر، إلى حدود تسمح بتوظيفها على النحو الذي حاوله «أردوغان».
يستلفت الإنتباه في سعي الرئيس التركي إلى توسيع نطاق تحالفاته قدر المبادرات التى يطلقها، حتى يكاد يصعب ملاحقتها.
كانت قمة كوالالمبور إحدى تلك المبادرات المثيرة فى توقيتها وطبيعة المدعوين إليها.
برغم أن موضوعها المعلن ما يتعرض له العالم الإسلامي من تحديات ومخاطر كان هدفها الفعلي يتلخص في محاولة توسيع دوائر تحالفاته الإقليمية والإسلامية.
استخدمت ماليزيا كمنصة إعلان عن تحالف جديد بديلا عن منظمة التعاون الإسلامي.
برغم أن تلك القمة لم تنجح في تحقيق ما سعت إليه إلا أنها عبرت عن توجه استراتيجي تركي لبناء مركز ثقل قيادي في العالم الإسلامي وبطبيعة الحال في الشرق الأوسط.
المعنى أن التدخل العسكري التركي المزمع فى ليبيا جزء من تصور استراتيجي يعتقد فيه «أردوغان» أنه يوسع بمقتضاه دوائر نفوذه وحجم أدواره.
يريد أن يقول ــ أولا ــ إنه طرف رئيسي في جوائز حقول الغاز ولا يمكن استبعاده باسم القانون الدولي من أية حقوق يتصورها لنفسه.
ويريد أن يقول ــ ثانيا ــ إنه طرف رئيسي في أزمات الإقليم المتفاقمة ولا يمكن تجاهل دوره في أية تسويات محتملة.
ويريد أن يقول ــ ثالثا ــ إنه إذا أرادت الأطراف الدولية استبعاد الحرب الإقليمية في ليبيا، فإنه حاضر بشروطه مع حلفائه في برلين.