عفوا سيد الدبيبة… الحقيقة لا يراها العاجزون ولا المنكسرون!
طرابلس-ليبيا-28-8-2021
اعداد : الدكتورة بدرة قعلول رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتجية الأمنية والعسكرية
الأمن القومي التونسي خط أحمر
قال رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة، مساء أمس الجمعة، “إن ”الشعب الليبي لا يقبل مطلقا اتهامه بالإرهاب من قبل بعض دول الجوار”. وأشار الدبيبة، في كلمة توجه بها إلى الشعب الليبي، إلى أن بلاده هي التي تضررت من الإرهاب، قائلا: ”10 آلاف إرهابي دخلوا بلادنا من الخارج… الإرهاب دخل إلينا من الخارج خاصة من بعض الدول الجارة” في اشارة منه الى الجارة تونس مع العلم أن ليبيا لها الكثير من الجيران، والسؤال الذي يطرح على الدبيبة :
من أين جاء هؤلاء؟
عفوا سيد الدبيبة.. أنتم من جلبتموهم لنا… تدرك ويدرك الليبيون أن البعثة الأممية وما سبق أن صرح به السيد غسان سلامة وبعده السيدة ستيفاني وليامز من أن سطوة الميليشيات المسلحة تحط بثقلها على ليبيا، وهي المتحكمة أساسا في كثير من القرارات الأمنية والسياسية والمالية في ليبيا، وهذا شأن داخلي لم نتدخل فيه… لكن الأسئلة المحيرة التي تؤرق الجميع:
من جلب المتشددين الإرهابيين ومن استقبلهم ومن آواهم واحتضنهم ووفر لهم الغطاء المادي واللوجستي داخل ليبيا قبل انتقالهم للقتال مع”الدواعش”في سوريا؟
ولماذا السكوت إلى حد الآن عن “العشرة آلاف إرهابي” الذين تحدث عنهم السيد الدبيبة؟
ومن هم هؤلاء؟
ولماذا لم يتم اتخاذ أي إجراء بشأنهم وتركهم إلى الآن في ليبيا؟
ومن يصرف عليهم؟
ومن الذي أغرق ليبيا بالمرتزقة السوريين الذين ما فتئت الأمم المتحدة والمؤتمرات الدولية بما في ذلك مؤتمر برلين، تطالب بضرورة إخراجهم؟
ثم ألم تعلن ميليشيات تابعة لتنظيم “الإخوان” غربي ليبيا حالة الطوارئ داخل معسكراتها، تزامنا مع قرارات الرئيس التونسي في 25 يوليو الماضي، حيث جاء ذلك الموقف بعد قليل من إعلان خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة رفضه لقرارات الرئيس التونسي، واصفا إياها بـ”الانقلاب”؟
عفوا السيد الدبيبة : لعلك لن تجد ما يقنع شعبك وشعبنا، وكفاك شعبوية جوفاء لن تمدّد لك في فترة حكمك المؤقت الذي شارف على النهاية المخزية مثلك مثل من سبقك، وهي نهاية طبيعية لكل من وضع يده بيد الاخوان ومن تغطى برداء تركيا.
نجيبك نحن :
من المؤكد أن السلطات التونسية لم تتعامل في هذا الملف إلا من خلال معطيات مثبتة، وهي الحريصة على علاقات الأخوّة وحسن الجوار، بعيدا عمّا يتداول في الإعلام أو مواقع التواصل الإجتماعي، ووزيرتك السيدة نجلاء المنقوش، التي بعثت وأحرجتها قد رجعت اليك من تونس بالعلم الموثق واليقين والبراهين والدلائل والصور، فكانت اجابتك غير صائبة وآثرت سلوك المهاجم وليس المدافع عن نفسك، ووقعت بين محضورين خطيرين :
ان كنت لا تعلم بما يحاك على الحدود التونسية الليبية من معسكرات وحاويات ودبابات… فأنت لا تستحق أن تكون رئيس حكومة ليبيا، وهذا نعتبره خطير.
وان كنت تعلم فأنت مساهم، وهذا أخطر على ليبيا وعلى جيرانك، وبالتالي انت لست مؤهل بأن تكون رئيس حكومة بل أنت خطر على الليبيين.
مع العلم أنك لا تمثل الشعب الليبي لأنه لم يخترك، بل جاءت بك توافقات وبيع وشراء وان نسيت الميليارات التي دفعت لكي تفوز قائمتك فيمكن أن نذكرك بتلك الليلة المشهودة.
برغم ما تناهي من تحذيرات عديدة على غرار ما صرح به رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان الليبي، طلال الميهوب، من أن الحدود مع تونس تقع تحت قبضة “المليشيات” الأمر الذي يجعل من السهولة انتقال العناصر الإرهابية بين البلدين، إلى جانب ما أشار إليه عضو المجلس الأعلى للدولة بليبيا سعد بن شرادة، إنه بعد أحداث تونس الأخيرة من المتوقع دخول إرهابيين عبر ليبيا إلى الأراضي التونسية، الا أنكم تكابرون ولازلتم تغالطون الرأي العام وتريدها فتنة بين الشعبين.
بل وأكثر من ذلك، أثارت تصريحات السيد الدبيبة التي اتهم فيها تونس بتصدير الإرهاب إلى بلاده، انتقادات واسعة لدى الشعب التونسي… وعبّر نشطاء تونسيون عن استيائهم من تلك التصريحات متهمين إياه بالتحامل على تونس لكونه اختار الرد على تقارير إخبارية، فيما لم يصدر عن السلطات التونسية أي إساءة تجاه ليبيا.
وبهذا نقول لكم لقد تحاملتم على تونس وعلى الشعب التونسي الذي لم يفرض عليكم تأشيرة ولم يفرض عليكم رقابة، ومكنكم من الملكية، بل الشعب التونسي فتح حدوده وبيوته ونحن نعتبره واجبا اتجاه جارنا… لكن عندما نستمع الى خطابك المهتز الركيك، ندرك أنك لست سياسي، بل أنت انفعالي تحركك الأيادي وتزج بك الى الانتحار السياسي وستبقى كلمتك هذه وصمة عار على جبينك ان مازال لك مستقبل سياسي.
وهذه رسالة اليك السيد دبيبة من الكاتب والمحلل السياسي التونسي في الشأن الليبي الدكتور رافع طبيب :
كلمات هادئة للسيد الدبيبة:
أعلم جيدا ما مثلته بالنسبة اليك صدمة ابقاء الحدود مقفلة وما يعني لكم الموقف السيادي للسلطة الجديدة في تونس وانتم من اعتدتم على التعامل مع إخوان تونس العملاء الذين انبطحوا الى أوامركم …
ولكن، اسمح لي ان أصحح لكم بعض السقطات المفاهيمية والمغلطات التي غلبت على كلمتكم اليوم وخصوصا في ما يهم تونس :
1/لم ترسل تونس، دولة وشعب تونس، اي ارهابي الى ليبيا الحبيبة … ليبيا العمق الاستراتيجي. ما حصل يا “سي حميدة” ان حركة النهضة، حزب الاخوان، شحنوا الى طرابلس قطيعا من الارهابيين، أو ما اصطلح على تسميته ب”اللحم الناتن” (حاشى قدرك) بطلب من الشيخ الإيرلاندي المولد البريطاني الهوى المجرم المنتهى المهدي الحاراتي قائد “لواء الأمة” الليبي المنشأ، ليتم ارسالهم لقتل السوريات والسوريين. اذا، ما دخلنا كتونسيين في هذه الجريمة؟
2/باستثناء ثلة من الاكاديميين والصحافيين المهتمين بشؤون ليبيا الحبيبة، لا أحد من الرسميين او المسؤولين، يخوض في المعضلة الليبية التزاما بواجب التحفظ. وكم كنت اتمنى ان يكون التعامل بالمثل من جانبكم.
هل يمكنك”سي حميدة” ان تنكر ان في ظرف اسابيع قليلة تدخل في الشأن الوطني الداخلي بشكل فج مجموعة ممن يمثلون طيف الكارثة الليبية التي لم تتبرأ يوما منها وخاصة :
– خالد المشري رئيس مجلس الدولة
– اتحاد ثوار طرابلس (جماعة برنار هنري ليفي … ثوار هلبة!”
– المفتي المعزول الصادق الغرياني
هل قمت بالرد عليهم؟
هل نهرتهم عن التعرض لمؤسسة الرئاسة التونسية والتدخل في ما لا يعنيهم؟
هل طلبت منهم احترام أواصر القربى بين الشعبين ام خلت نفسك استاذا ويمكنك اسداء الدروس للتونسيين؟
في الأخير، عليك ان تقبل بالأمر الواقع الجديد وان تختار بين الهيمنة الاردوغانية الاطلسية والجيرة الأخوية لتونس الملاذ… وألا تكون ذراعا تخريبيا بيد أنقرة، لان في تونس جيشا عصيا عن الإختراق ولا يشبه بأي حال من الأحوال ما اعتدت عليهم في جوارك من ميليشيات.
اما في ما يخص اعادة الاعمار وغيرها من سراب اقتصادي لن يأتي وانت في السلطة، فلنا حديث مستقبلي مع شركائنا من ابناء الشعب الليبي …
كذلك هذه رسالة أخرى من الباحث محمد ذويب على رئيس الحكومة الليبية قائلا:
”بعد أن فشل في إيجاد حل لمشاكل بلاده ورفض إحراج حلفائه الأتراك وإيقاف عربدتهم وإجرام ميليشياتهم على كامل التراب الليبي، يحاول اليوم في خطابه تبرير فشله عبر تصدير أزمة حكومته إلى تونس، حيث ذكر أن “تونس صدّرت لبلده عشرة آلاف إرهابي، ولكنه رفض ذكر بقية الحقيقة ولم يقل من المسؤول عن تسفير هذا الشباب المغرر به إلى بؤر التوتر من ليبيا إلى سوريا إلى العراق وغيرها؟”
من حق ليبيا وكذلك من حق دول الجوار أن تتخذ اجراءات احترازية بسبب انفلات السلاح والأوضاع الأمنية تماما مثل ما فعلت الجزائر وتونس ومصر، وتشاد التي تطالب بإخراج المتمردين التشاديين من ليبيا…
ألم يكن المسلحون الذين قتلوا الرئيس التشادي الراحل إدريس دبي قد انطلقوا من ليبيا حسب تأكيدات الحكومة التشادية؟!
اذا فنحن ننصح السيد الدبيبة، أن يلتزم الصمت عندما يكون عاجزا منكسرا وارادته ليست بيده، فهو لا يمثل الشعب الليبي بل أن الاتفاق الدولي قد سلّطه على الشعب الليبي فلا فرق بينه وبين السراج.