عسكرة أوكرانيا كوكيل استفزازي لزعزعة استقرار البيئة الإستراتيجية الروسية
كييف-أوكرانيا-20-12-2021
تظل نزعة التسلط والهيمنة لدي الدول الغربية كامنة في أعماق الثقافة السائدة لتبرز إلى السطح حين تستدعي ضرورة”الحفاظ على المصالح” أو تحت مبررات “الأمن القومي” حيث لاتتورع تلك الدول عن تحريك أذرعها العسكرية للعدوان على الشعوب وتركيعها وابتزازها، وقائمة الأمثلة على ذلك طويلة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية إلى اليوم.
ويستثمر الغرب هذه الأيام في مناورات عدوانية في أوكرانيا، حيث يرسل مقاتلين مسلحين إلى الأراضي الأوكرانية، بدعوى أنهم “مدربون عسكريون”، لكن بالنظر إلى الأيديولوجية العنصرية المعادية لروسيا التي توجّه مواقف حكومة كييف الموالية للغرب، وتؤدي إلى المزيد من العنف يوما بعد يوم، فإن عسكرة أوكرانيا تشكّل خطورة بالغة للغاية.
وقالت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، في تصريحات صحفية: “يتمّ ضخ الأسلحة إلى أوكرانيا، ويدور الحديث عن توريدات مباشرة وعقود مستقبلية تبلغ قيمتها المليارات. علاوة على ذلك، يتمّ إرسال المسلحين إلى هناك بدعوى أنهم مدربون عسكريون”.
ولا يزال الدور الذي سيلعبه مقاتلو الناتو المشتبه بهم، أو المستشارون على الأراضي الأوكرانية غير واضح، ولكن يمكن توقع الكثير من التكهنات نظراً للواقع السياسي والاجتماعي الحالي لأوكرانيا، حيث يمكنهم العمل مع مختلف عصابات النازيين الجدد والميليشيات شبه العسكرية التي تخدم الحكومة الأوكرانية.
تاريخياً، ترعى الولايات المتحدة “البارانويا المعادية لروسيا” في أوكرانيا، ولكن هناك الآن جهات جديدة في الناتو على استعداد لدخول اللعبة، على سبيل المثال، كثفت تركيا أنشطتها في كييف بهدف خلق توترات مع روسيا، وازدادت خلافات أنقرة وموسكو مؤخرا، وذلك بسبب دعم تركيا نشر حلف شمال الأطلسي قواعده في منطقة وسط آسيا في دول الاتحاد السوفييتي السابقة، وإجراءات تركيا المزعزعة للاستقرار في أزمة ناغورنو كاراباخ. ونتيجة لذلك، عزّزت الحكومة التركية أنشطتها مع قوى الناتو الأخرى لإثارة التوترات وعدم الاستقرار على الحدود الغربية الروسية.
وتعمل واشنطن وأنقرة حاليا على عسكرة أوكرانيا حيث تمّ نشر معدات عسكرية أمريكية وتركية على الأراضي الأوكرانية، تتضمن طائرات بدون طيار التركية”بيرقدار تي”، وأنظمة أمريكية مضادة للصواريخ ، فضلاً عن أجهزة اتصالات واستخبارات هائلة. كما وافقت الحكومة الأمريكية مؤخراً على حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 300 مليون دولار لأوكرانيا. كما قدمت المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي مساعدات مماثلة، بينما لا تزال تركيا تساعد بشكل أكثر سرية، ، لكنها ظلت مستعدة لإرسال المزيد من الأسلحة والعملاء.
ويخلق هذا النوع من “المساعدة” القادمة من الغرب، إحساساً زائفا بالاستقرار والأمن لأوكرانيا، حيث يعمل الناتو ببساطة شديدة على خلق التهديد (ما يُسمّى بخطة الغزو الروسي) ثم يقترح الحل الذي يناسبه
ويبدو أن الحكومة الأوكرانية على ثقة تامة في أنه إذا تفاقم الوضع بالفعل ونشأ صراع، فإن الناتو سيأتي على الفور للمساعدة في إحباط أي تهديد، لكن هذا وهم خطير للغاية. إذ بحسب مخطط أمن الناتو، يتمثل دور أوكرانيا في أن تكون بمثابة وكيل استفزازي لزعزعة استقرار البيئة الإستراتيجية الروسية، إذ لا قيمة لكييف بالنسبة للغرب غير ما يمكن أن تقدمه لإلحاق الضرر بموسكو، لذا يخصّص الناتو المزيد من الأسلحة والمسلحين على الأراضي الأوكرانية ويشجّع الصراع، لكن هذا سيستمر إلى حدّ معيّن.