ضربات إيران تفجّر صراعًا داخل الكونغرس الأميركي وترمب يفجّر الجدل مجددًا بالدعوة إلى تغيير النظام في طهران

قسم الأخبار الدولية 23/06/2025
أشعل قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب توجيه ضربات عسكرية إلى منشآت نووية إيرانية في 21 يونيو 2025 فتيل أزمة تشريعية ودستورية داخل أروقة الكونغرس، حيث تباينت المواقف الحزبية وتفاقم الانقسام حول دستورية القرار وجدواه السياسية والعسكرية، وسط مفاجأة فجّرها ترمب نفسه بدعوته العلنية إلى «تغيير النظام» في طهران، في تغريدة على منصة “تروث سوشيال” قلبت مواقف حلفائه قبل خصومه.
خلافات ديمقراطية وعجز تشريعي
رغم رفض الغالبية العظمى من الديمقراطيين للضربات بوصفها غير دستورية، فإن الحزب بدا عاجزًا عن تقديم رد موحد أو استراتيجية واضحة لمواجهة قرارات ترمب. يعود هذا التخبط إلى الانقسامات الداخلية ووجود أصوات ديمقراطية أيّدت التدخل العسكري مثل النائب ستيني هوير، الذي اعتبر أن الضربات ضرورية لردع إيران نوويًا، وزميله جوش غوتيمر، الذي وصف الهجوم بأنه ساهم في “جعل العالم أكثر أمانًا”.
أمّا زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب حكيم جيفريز، انتقد بشدة عدم إخطار الحزب مسبقًا بالضربات، بينما أعلن السيناتور تيم كاين عزمه فرض التصويت على مشروع قانون يمنع أي تدخل عسكري ضد إيران دون موافقة الكونغرس، قبل عطلة 4 يوليو، في محاولة لحشد موقف تشريعي يحاصر صلاحيات الرئيس العسكرية.
النائبة الديمقراطية ألكسندريا أوكاسيو كورتيز ذهبت أبعد من ذلك، ملوّحة بخيار عزل ترمب، معتبرة أن تجاوز الكونغرس في قرارات الحرب يمثل انتهاكًا صارخًا للدستور، بينما شكّك آخرون في نوايا الإدارة الحقيقية، بعد دعوة ترمب المفاجئة إلى تغيير النظام الإيراني، والتي تتناقض مع تصريحات مسؤوليه وعلى رأسهم وزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الدفاع بيت هيغسيث.
صف جمهوري منقسم رغم الولاء لترمب
ورغم أن أغلب الجمهوريين أظهروا دعمهم المطلق للهجوم، فإن الانشقاقات لم تغب، إذ انتقد النائب توماس ماسي العملية العسكرية، وتضامن مع الديمقراطي رو خانا لتمرير مشروع قانون يمنع أي تدخل أميركي في إيران. لكن ترمب سارع إلى مهاجمته ونعته بـ”الفاشل”، داعيًا أنصاره من حركة “ماغا” إلى التخلي عنه، في إشارة إلى سعيه لقطع الطريق أمامه في الانتخابات التمهيدية المقبلة.
وفي مفارقة لافتة، عارضت النائبة الجمهورية مارجوري تايلور غرين الضربة هي الأخرى، لكنها تجنبت غضب ترمب بذكاء، قائلة إنها تدعم الإدارة “في إنجازاتها الكبرى” مع احتفاظها برأيها الرافض للانخراط في حرب ساخنة ضد إيران.
إدارة تتحدث بلُغتين
تصريحات ترمب بتغيير النظام في إيران أربكت المشهد السياسي الأميركي، إذ بدت متعارضة مع الرسائل الرسمية التي أرسلتها إدارته عبر قنوات متعددة إلى الكونغرس والرأي العام. فمن جهة، يقول مسؤولوه إن الهدف لا يتعدى منع إيران من تطوير سلاح نووي، ومن جهة أخرى، يلمّح ترمب إلى تغيير شامل للنظام الحاكم في طهران، ما يعزز الاتهامات بأن قراراته فردية وتفتقر إلى التوافق المؤسسي.
أزمة تتجاوز إيران
أزمة الضربات الأميركية على إيران فتحت الباب على مصراعيه لجدل دستوري أوسع بشأن حدود صلاحيات الرئيس في إعلان الحرب من دون الرجوع إلى الكونغرس. ويخشى الديمقراطيون من أن تشكل هذه السابقة رخصة دائمة للسلطة التنفيذية لتجاوز الدور الرقابي للسلطة التشريعية، فيما يسعى الجمهوريون إلى التوفيق بين دعمهم السياسي لترمب وحماية قواعدهم الانتخابية التي ترفض الحروب الخارجية.
وبينما ينتظر الكونغرس إحاطة سرية الثلاثاء المقبل، يبقى السؤال الأهم: هل يدفع ترمب البلاد إلى مواجهة مباشرة مع إيران، أم أن تصريحاته هي مجرد استعراض انتخابي قبل تصاعد الحملات الرئاسية في 2026؟