شواهد على جرائم “دولة الخلافة”التي يتباكى عليها الدواعش و”الإخوان”!
تثبث وقائع التاريخ أن الحذّاق والمتسلطين المهووسين بالسلطة والتسلط، مدى استغلالهم البسطاء في التفكير والجهلة والسطحيين لتمرير مخططاتهم والسطو على مقدرات الشعوب، وما ظهور التيارات السياسية التي تتستر بعباءة الدين واستغلال الجانب الروحي، ومن بينها جماعة “الإخوان”، إلا دليل على ذلك.
لقد كرم الله العرب بأن اصطفى منهم نبيا لحمل آخر رسالات السماء ونشرها،وحافظت الأجيال على مقومات دينها الحنيف بنقائه حتى في أقسى فترات التاريخ حلكة، إلى أن ابتلي الوطن العربي والعالم الإسلامي بظهور حركات “الإسلام السياسي” التي شوهت ذلك النقاء وأدخلت المنطقة في دوامة من العنف والإرهاب لم تتوقف إلى يوم الناس هذا.
كل سلاح لدى هذه الحركات مستباح، وكل ترويج وتزوير مباح..وتستمر عمليات التغفيل واستغلال سطحية التفكير والتحليل لدى العامة تحت يافطات متعددة،للرجوع إلى مجاهل أنظمة بالية شهدت أبشع المآسي في تاريخ الإنسانية،على غرار السلطنة العثمانية التي تروج لها جماعة “الإخوان” ولكن يكفي الرجوع إلى الوثائق التاريخية المسجلة لإدراك حقيقة ممارساتها.
وفي هذا المقام، ترصد الباحثة في تاريخ دولة الخلافة العثمانية، أشجان غباشي، في دراستها عن “التقاليد العثمانية في دولة الخلافة، جانبا من العقلية الإجرامية لرموز تلك الخلافة والتي لم تستثنِ حتى الإخوة والأبناء داخل العائلة الواحدة، فما بالك بعامة الناس.
تذكر غباشي، أن خلافا نشب بعد وفاة أرطوغرول بين ابنه عثمان وعمه دوندار، وانتهى بقتل عثمان لعمه واستيلائه على الحكم، ليقيم بعد ذلك الدولة العثمانية عام 1299، ويبدأ معه تاريخ القتل العائلي داخل الأسرة العثمانية الحاكمة..
وخلف أورهان والده عثمان الذي توفي عام 1324، من دون أن يقتل أيًا من أشقائه أو أقربائه، لكن نجله مراد الأول قتل شقيقيه إبراهيم وخليل (وهما من أُمَين أخريين)، ثم كوى، بتحريض من زوجته الأولى، عيني ولده ساوجي بالنار، وأعدمه حتى لا ينافس أولاده الآخرين على السلطة.
ولم يتردّد السلطان مراد، وهو على فراش الموت في معركة كوسوفو عام 1389، في إصدار تعليماته، حسب الرواية الرسمية، من أجل خنق نجله يعقوب حتى لا ينافس شقيقه بيازيد الأول، الذي اختاره مراد خليفة له، ومن دون أن يراعي أحد ظروف مقتل يعقوب، الذي كان في ساحة المعركة مع الصرب، عندما استدعي إلى خيمة والده وهو على فراش الموت.
ودفع بيازيد ثمن غدره هذا بالوقوع في الأسر واستبعاده من الحكم من قبل المغولي تيمورلينك عام 1402، وقد كان له 6 أولاد من 3 زوجات: تركية وبلغارية وصربية. ليقع الخلاف والاقتتال سريعًا بين هؤلاء الأولاد الستة، فقُتل 3 منهم وهرب آخران، وبقيت السلطة لمحمد الأول، الذي حكم حتى عام 1421.
أراد محمد الأول، الذي كان مريضًا، أن يحمي ولده الصغير من غدر ولده الأكبر مراد الثاني، فأوصى بأن يذهبا إلى الدولة البيزنطية بعد وفاته، وهو ما لم يتحقق له؛ لأن مراد الثاني قتل عمه مصطفى وشقيقه مصطفى أيضًا بعدما استولى على السلطة، وكوى عيني شقيقه الأصغر يوسف.
وتُبين المعلومات أن السلاطين العشرة الذين حكموا الدولة العثمانية ما بين عامي 1299 و1566 ميلادي قد قتلوا جميعًا أولادهم أو أشقاءهم أو أبناءهم من دون أي رحمة من أجل السلطة، وقد استمرت هذه «العادة» في العائلة العثمانية حتى انتهاء الحكم العثماني عام 1924، فارتكب جميع السلاطين، وعددهم 36، باستثناء 9، جرائم عائلية.
وتبقى حكاية السلطان محمد الثاني، أي محمد الفاتح الذي فتح إسطنبول، وهو نجل مراد الثاني، لافتة، بعدما أصدر محمد أمرًا شرعيًا حلل فيه قتل السلطان لشقيقه من أجل وحدة الدولة ومصالحها العليا.
أما قصة مراد الثالث، وهو نجل السلطان سليم الثاني، فهي الأكثر إثارة في عالم القتل والغدر من أجل السياسة، إذ قتل أشقاءه الخمسة فور تنصيبه سلطانًا على البلاد خلفًا لوالده.
ولم يكن ولده محمد الثالث أقل إجرامًا من والده مراد الثالث، بحيث قتل أشقاءه التسعة عشر فور تسلمه للسلطة ليصبح صاحب الرقم القياسي في هذا المجال.
ولم يكتف محمد الثالث بذلك، فقتل 7 جوارٍ حوامل قيل إنهن كنّ على علاقة بأشقائه.
كذلك فإنه لم يتردد في قتل ولده الصغير محمود، الذي يبلغ من العمر السادسة عشرة عامًا، كي تبقى السلطة لولده البالغ من العمر الرابعة عشرة عامًا، وهو السلطان أحمد، الذي اشتهر فيما بعد ببنائه جامع السلطان أحمد في إسطنبول، والمعروف بالجامع الأزرق.
أما السلطان أحمد الشاب، فلم يتردد بدوره في وضع شقيقه مصطفى البالغ من العمر 13 عامًا في قفص خاص حتى لا يشكل خطرًا عليه بحجة أنه مجنون.
هذا هو التاريخ “المشرق” لآخر دولة خلافة يتباكى عليها الدواعش وجماعة”الإخوان” ومن لف لفّهم!