أخبار العالمالشرق الأوسطبحوث ودراسات

شبح داعش يخيم على الشرق الأوسط من جديد ويدخل بثوب جديد… دواعش الأمس ثوار اليوم

سقط مشروع الخلافة لداعش في العراق في 2017 بعد إعلان رسمي للرئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي لكن بعد خسائر بشرية تقدر ب250 ألف قتيل و آلاف الجرحى و المفقودين و مالية ضخمة و محزنة تقدر ب88 مليار دولار.

أما في سوريا فقد تواصلت محاربة داعش حتى مارس 2019 حيث استطاعت قوات التحالف الدولي و قوات النظام السوري إجبار بقايا داعش على الانسحاب من مدينة باغوز آخر معقل له في سوريا هذا التشتت للهيكل الأساسي للتنظيم لا يعني تلاشيه الكلي إذ أفادت تقرير رسمية للأمم المتحدة أن له أكثر من 10 آلاف مقاتل بين سوريا والعراق .

بقيت هذه الجيوب الارهابية طوال الفترة الماضية في حالة ركود ولكنها يقظة تماما وفي حالة ترصد تستعد للحراك في الوقت المناسب وتنتظر الاشارة الخضراء للتحرك بالرغم انها تتخذ استراتيجية جديدة لتحركاتها وذلك بإطلاق المبادرة الفردية والجماعية لعناصرها الارهابية.

وفعلا وبعد سنة كاملة من اندلاع طوفان الأقصى استغل التنظيم الصراع لصالح وربط علاقاته مع الكيان الصهيوأمريكي التركي وفي وقت ضائع والكل يراقب الوضع في غزّة سقطت دمش في يد الإرهابيين “أحرار الشام” المصنّفة إرهابية والتي يدّعي الغرب اليوم أنها تنظيم سياسي معارض قاد ثورة ضدّ الدكتاتورية وأصبح الجولاني الإرهابي المطلوب دوليا والذي تسبب في قتل الآلاف من الأبرياء “مناضلا سياسيا” وبالتالي تلعب القوى الغربية ورقتها الأهم في الشرق الأوسط ورقة الإرهاب وتبييضه.

إلى جانب هذه العناصر انضمت مجموعات أخرى استطاعت الهروب من السجون التي تشرف عليها قوات سوريا الديمقراطية وتسربت بعد ذلك للعراق وقدرت حسب التقارير الاستخباراتية بين 500 وألف إرهابي محترف الارهاب وحرب العصابات.

واليوم ومنذ 08 ديسمبر 2024 وإستلام الإرهابيين الحكم في دمشق تمّ إخلاء السجون من المجمرمين السوريين علنا وفي الخفاء تمّ إطلاق سراح الإرهابيين الموجودين في سجون النظام السابق والسؤال المطروح اليوم:

كم عدد الإرهابيين في سجون بشار الأسد؟ ما هي جنسياتهم؟

زمن استلمهم؟ وأين ذهبوا؟ وأين ملفاتهم؟

عادت العمليات الإرهابية الاستعراضية والدموية للتنظيم منذ ديسمبر 2020 خاصة المنطقة الحدودية التي تضم القرى جنوب وغرب الموصل وغرب الانبار وصلاح الدين… واليوم نرى تصفيات عرقية وقتل واختطاف والحرب الأهلية على الأبواب في سورية والدور قادم على اليمن ودول الساحل والصحراء الإفريقية وغيرها من بقاع العالم المأزوم…

و شهدت كل من العراق و سوريا عمليات عديدة منها التفجير الانتحاري في بغداد،21 جانفي 2021 الذي أسفر عن مقتل 30 شخصا و جرح 100 آخرينأما سوريا فقد عاشت في الشهر المنقضين 100 عملية منها تفجير قافلة قتل فيه 40 مواطن إلى جانب عمليات الاقتحام الليلي للمنازل والاختطاف التي تهدف بالأساس إلى جمع الأموال والفدية من التجار و رؤوس الأموال في سعي للتنظيم لضمان تمويلات صغرى إلى أن يستعيد تمويلاته المالية الأساسية وخطوط إمداده التقليدية وبالأساس استثماراته التي حافظ عليها في كل من سوريا والعراق وتركيا .

عاد داعش إلى المنطقة مستفيدا من انسحاب القوات الأجنبية وانشغال السلط العراقية في حل أزماته السياسية و مواجهة باقي الفصائل المسلحة التي تبلغ 82 مجموعة مسلحة في العراق وانشغال العالم بما يحصل في غزّة ولبنان إنه ورقة الغرب الصهيوني والأتراك بالوكالة.

أزمة الكوفيد 19 أيضا مكنت التنظيم من التقاط الأنفاس بعد أن شغلت السلطات والقوى الكبرى التي بدأت بسحب قواتها منذ بداية الأزمة فالولايات المتحدة الأمريكية وحدها سحبت 3000 جندي من المنطقة ليتركونهم يتحركون كما يريدون وهذا ما أثار قلق الكثيرين.

على ضوء هذه المتغيرات بدأت المجموعات الإرهابية الداعشية من القيام بعمليات انتحارية في الأسواق والمساحات العامة وتفخيخ وسائل النقل لبث الرعب والخوف في نفوس المدنيين الذين هم الهدف الأول للتنظيم لجذب الأنظار الدولية من جديد والإعلان عن وجوده ولكن اليوم وبعد طهور التنظيم “كثوار سياسيين” فالمعادلة الإقليمية والدولية أصبحت مفزعة وأغلب التنظيمات الإرهابية في العالم ستتحرك من أجل موطأ قدم لها في الحكم على غرار دواعش سوريا وطالبان افغنستان فالقادم مرعب ضمن حكم النازيين الصهاينة الجدد الذين يحكمون العالم .

هذا الخوف والذعر طال حتى السلطات المسلحة في سوريا حيث أصبحت تنسحب ليلا من المناطق التي تستهدفها داعش نظرا عن عجزهم لمواجهة العناصر الإرهابية واستفادت ميليشيات أخرى من هذا الوضع وأصبحت تقوم بعمليات قتل ونهب بإسم التنظيم لدرجة أن الأهالي أصبحوا يستغيثون بعناصر معروفين في داعش لصد باقي الفرق المسلحة.

 وقالت إحدى المواطنات السورية في تصريح موقع ستراتجيانيوز حول ما يحدث في ساحل سوريا بعد إستلاء الإرهابيين على الحكم ” خطف وقتل وإستلاء على المنازل… فضاعات يرتكبها الإرهابيين الذين استلموا الحكم، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه اعتقد ان الناس سيعودون فعليا إلى دعم التنظيمات الأخرة وسنسير إلى حرب أهلية متوحشة، لأنه عندما كان النظام يسيطر، نعم كان الأمر مخيفا ولكن كان هناك نوع من الأمان بالمقارنة مع الوضع الحالي”.

روائح الخوف والموت التي تنبعث مع اسم التنظيم أشبه بصفارة إنذار وطنية وإقليمية ودولية فمنذ استئناف داعش عملياته اليوم داحل الحكم وإدارة البلاد، التي بالرغم من أنها عمليات صغرى غير مكلفة ولا تحتاج تنظيما كبيرا إلا أنها البداية فقط، عادت السلطات العراقية من تنظيم خطط أمنية وعسكرية لمجابهة خلايا التنظيم قبل أن يتماسك من جديد.

ما يعرقل دائما الجهود العسكرية لمكافحة داعش هي عودة الاحتقانات الطائفية التي تدعوا الى استهداف الحواضن العقائدية للتنظيم ويختلط مكافة الفكر المتطرف بالصراع الطائفي وتنتشر بذلك خطابات التحريض وتندلع المواجهات بين الطوائف تجعل من الميدان اكثر تعقيدا .

يستفيد داعش دائما من الخلافات الطائفية والسياسية بما انه محترف في عقد الاتفاقيات والتحالف سواء مع الاطراف السياسية الوطنية او الاجنبية وحتى الميليشيات المسلحة والتنظيمات الارهابية الاخرى ما يمكنه من الوصول الى مقاليد السلطة من خلال اذرع سياسية و يفتح له ابواب التمويل والامداد العسكري بالأسلحة الثقيلة وهذا ما فعلته تركيا وأمريكا مع هيئة أحرار الشام في اتفاق خطير على المنطقة والعالم.

تمكن التنظيم من الوصول إلى العاصمة دمشق واستعادة نشاطه في شمال شرق سوريا والمناطق الحدودية حيث عملت الولايات المتحدة الأمريكية على دعم قوات سوريا الديمقراطية لمواجهة داعش وفي نفس الوقت تمويل الدواعش في مفارقة غريبة وخطيرة، في ذلك دليل على أن التنظيم يخطط في الخفاء لفترة طويلة ربما حضي بدعم أطراف خارجية.

أينما رفعت الرايات السوداء لداعش وجهت دعوة إلى القوى الدولية التي وجهت أنظارها للمنطقة من جديد بعد فترة من التغافل النسبي عن ملفات الشرق الأوسط واليوم  .أصبح حكام سوريا الجدد يرفعون علم لسوريا جديد وعلم طالبان.

أعلنت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي في في سنة 2021 عن الخوف الفرنسي من عودة التنظيم في العراق وسوريا وأن “فرنسا تعتبر أن داعش لا يزال موجودا حتى انه يمكن الحديث عن شكل من أشكال عودة داعش في سوريا والعراق.” وطبعا هي على علم بما يخطط له سابقا.

ربما عدلت قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات الأمريكية من الانسحاب من الشرق الأوسط خاصة وأن بايدن عدل موقف دولته من التواجد في سوريا معتبرا أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست شركة وحماية مصالح الشركات النفطية ليس من أولوياتها غير أن الهدف محاربة داعش ومنعها من الوصول إلى المناطق النفطية في شمال شرق سوريا في مقابل توفير مداخيل لقوات سوريا الديمقراطية.

هذا الموقف لن بغير شيئا في الخطط والمواقف الأمريكية المستفيد الأول من المناطق النفطية في تلك المنطقة غير أن سياسة بايدن تقوم على استعادة المكانة القيادية للولايات المتحدة الأمريكية بصفتها شرطي العالم .

كما أعلن البنتاغون على لسان ماكينزي قائد القيادة المركزية للقوات المسلحة الأمريكية في مؤتمر صحفي عقده سنة 2021 : “في سبتمبر 2020 نشرت القيادة المركزية شرق سوريا، ردا على الارتفاع الخطير للاتصالات غير المرخصة وغير الآمنة للروس مع قوات التحالف، محطة رادارات للرقابة الإلكترونية ومجموعة من مركبات المشاة القتالية من نوع برادلي، إضافة إلى زيادة عدد تحليقات الدورية القتالية للقوات الأمريكية… أتوقع أن تواصل روسيا تحدي وجود الولايات المتحدة مع توافر الإمكانيات الملائمة من خلال عرض نفسها كبديل للغرب ومحاولة لعب دور الوسيط في النزاعات الإقليمية وعبر توريد الأسلحة دود فرض قيود على قائمة مستخدميها”.

على الأغلب عقد الاستئجار الروسي للقاعد العسكرية بطرطوس والتي شهدت توسيعات كبيرة مؤخرا وتكاد تتحول إلى قاعدة روسية كبرى ستمكن روسيا من استخدامها كمنصة انطلاق عسكرية نحو البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا اصبحت تثير المخاوف الأمريكية خاصة وأن روسيا قد أنزلت بها طائرات حربية كبرى على غير المعتاد بما ان هذه الصنف من الطائرات ينطلق عادة من القواعد الروسية الوطنية مباشرة .

فإلى أي مدى يعتبر تأجج الصراع الروسي الأمريكي في سوريا والعراق وعودة داعش وسياسات مكافحته صدفة؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق