أخبار العالمبحوث ودراسات

شبح داعش يخيم على الشرق الأوسط من جديد

تونس-رباب حدادة-10-2-2021

سقط مشروع الخلافة لداعش في العراق في 2017 بعد إعلان رسمي للرئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي لكن بعد خسائر بشرية تقدر ب250 ألف قتيل و آلاف الجرحى و المفقودين و مالية ضخمة و محزنة تقدر ب88 مليار دولار.

أما في سوريا فقد تواصلت محاربة داعش حتى مارس 2019 حيث استطاعت قوات التحالف الدولي و قوات النظام السوري إجبار بقايا داعش على الانسحاب من مدينة باغوزآخر معقل له في سوريا هذا التشتت للهيكل الأساسي للتنظيم لا يعني تلاشيه الكليإذأفادت تقرير رسمية للأمم المتحدة أن له أكثر من 10 آلاف مقاتل بين سوريا و العراق .
بقيت هذه الجيوب الارهابية طوال الفترة الماضية في حالة ركود و لكنها يقظة تماما و في حالة ترصد تستعد للحراك في الوقت المناسب و تنتظر الاشارة الخضراء للتحرك بالرغم انها تتخذ استراتيجية جديدة لتحركاتها و ذلك بإطلاق المبادرة الفردية و الجماعية لعناصرها الارهابية.


إلى جانب هذه العناصر انضمت مجموعات أخرى استطاعت الهروب من السجون التي تشرف عليها قوات سوريا الديمقراطية و تسربت بعد ذلك للعراق و قدرت حسب التقارير الاستخباراتية بين 500 و ألفإرهابي محترف الارهاب و حرب العصابات.
عادت العمليات الإرهابية الاستعراضية و الدموية للتنظيم منذ ديسمبر 2020 خاصة المنطقة الحدودية التي تضم القرى جنوب و غرب الموصل و غرب الانبار و صلاح الدين.

و شهدت كل من العراق و سوريا عمليات عديدة منها التفجير الانتحاري في بغداد ،21 جانفي 2021 الذي أسفر عن مقتل 30 شخصا و جرح 100 آخرينأما سوريا فقد عاشت في الشهر المنقضي 100 عملية منها تفجير قافلة قتل فيه 40 مواطن إلى جانب عمليات الاقتحام الليلي للمنازل و الاختطاف التي تهدف بالأساسإلى جمع الأموال و الفدية من التجار و رؤوس الأموالفي سعي للتنظيم لضمان تمويلات صغرى إلىأن يستعيد تمويلاته المالية الأساسية و خطوط إمداده التقليدية و بالأساس استثماراته التي حافظ عليها في كل من سوريا والعراق و تركيا .

عاد داعش إلى المنطقة مستفيدا من انسحاب القوات الأجنبية و انشغال السلط العراقية في حل أزماته السياسية و مواجهة باقي الفصائل المسلحة التي تبلغ 82 مجموعة مسلحة في العراق .

أزمةالكوفيد 19 أيضا مكنت التنظيم من التقاط الأنفاس بعد أن شغلت السلطات و القوى الكبرى التي بدأت بسحب قواتها منذ بداية الأزمة فالولايات المتحدة الأمريكية وحدها سحبت 3000 جندي من المنطقة و هذا ما اثار قلق الكثيرين لأنهم يعتبرونه .

على ضوء هذه المتغيرات بدأت المجموعات الإرهابيةالداعشية من القيام بعمليات انتحارية في الأسواق و المساحات العامة و تفخيخ وسائل النقل لبث الرعب و الخوف في نفوس المدنيين الذين هم الهدف الأول للتنظيم لجذب الأنظار الدولية من جديد و الإعلان عن وجوده.

هذا الخوف و الذعر طال حتى السلطات المسلحة في سوريا حيث أصبحت تنسحب ليلا من المناطق التي تستهدفها داعش نظرا عن عجزهم لمواجهة العناصر الإرهابيةو استفادت ميليشيات أخرى من هذا الوضع و أصبحت تقوم بعمليات قتل و نهب باسم التنظيم لدرجة أنالأهاليأصبحوا يستغيثون بعناصر معروفين في داعش لصد باقي الفرق المسلحة و قالت إحدى المواطنات السورية في تصريح لبي بي سي”إذا استمر الوضع على ماهو عليه اعتقد ان الناس سيعودون فعليا إلى دعم التنظيم في المنطقة لأنه عندما كان التنظيم يسيطر ،نعم كان الأمر مخيفا و نعم كانوا يقتلون و لكن كان هناك نوع من الأمان بالمقارنة مع الوضع الحالي”.


روائح الخوف و الموت التي تنبعث مع اسم التنظيم أشبهبصفارةإنذار وطنية و دولية فمنذ استئناف داعش عملياته، التي بالرغم من أنها عمليات صغرى غير مكلفة و لا تحتاج تنظيما كبيرا إلاأنها تنجح في كل مرة من إحداثأضرار كبرى، عادت السلطات العراقية من تنظيم خطط أمنية وعسكرية لمجابهة خلايا التنظيم قبل أن يتماسك من جديد.
ما يعرقل دائما الجهود العسكرية لمكافحة داعش هي عودة الاحتقانات الطائفية التي تدعوا الى استهداف الحواضن العقائدية للتنظيم و يختلط مكافة الفكر المتطرف بالصراع الطائفي و تنتشر بذلك خطابات التحريض و تندلع المواجهات بين الطوائف تجعل من الميدان اكثر تعقيدا .

يستفيد داعش دائما من الخلافات الطائفية و السياسية بما انه محترف في عقد الاتفاقيات و التحالف سواء مع الاطراف السياسية الوطنية او الاجنبية و حتى الميليشيات المسلحة و التنظيمات الارهابية الاخرى ما يمكنه من الوصول الى مقاليد السلطة من خلال اذرع سياسية و يفتح له ابواب التمويل و الامداد العسكري بالاسلحة الثقيلة.

تمكن التنظيم من الوصول إلى العاصمة بغداد و استعادة نشاطه في شمال شرق سوريا و المناطق الحدودية حيث عملت الولايات المتحدة الأمريكية على دعم قوات سوريا الديمقراطية لمواجهة داعش في ذلك دليل على أن التنظيم يخطط في الخفاء لفترة طويلة و ربما حضي بدعم أطراف خارجية.

أينما رفعت الرايات السوداء لداعش وجهت دعوة إلى القوى الدولية التي وجهت أنظارها للمنطقة من جديد بعد فترة من التغافل النسبي عن ملفات الشرق الأوسط .

أعلنت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي في الشهر المنقضي عن الخوف الفرنسي من عودة التنظيم في العراق و سوريا و أن”فرنسا تعتبر أن داعش لا يزال موجودا حتى انه يمكن الحديث عن شكل من أشكال عودة داعش في سوريا و العراق “.

ربما عدلت قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات الأمريكية من الانسحاب من الشرق الأوسط خاصة و أن بايدن عدل موقف دولته من التواجد في سوريا معتبرا أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست شركة و حماية مصالح الشركات النفطية ليس من أولوياتها غير أن الهدف محاربة داعش و منعها من الوصول إلى المناطق النفطية في شمال شرق سوريا في مقابل توفير مداخيل لقوات سوريا الديمقراطية.

هذا الموقف لن بغير شيئا في الخطط و المواقف الأمريكية المستفيد الأول من المناطق النفطية في تلك المنطقة غير أن سياسة بايدن تقوم على استعادة المكانة القيادية للولايات المتحدة الأمريكية بصفتها شرطي العالم .

كما أعلن البنتاغون على لسان ماكينزي قائد القيادة المركزية للقوات المسلحة الأمريكية في مؤتمر صحفي عقده الاثنين 8 فيفري””في سبتمبر 2020 نشرت القيادة المركزية شرق سوريا، ردا على الارتفاع الخطير للاتصالات غير المرخصة وغير الآمنة للروس مع قوات التحالف، محطة رادارات للرقابة الإلكترونية ومجموعة من مركبات المشاة القتالية من نوع برادلي، إضافة إلى زيادة عدد تحليقات الدورية القتالية للقوات الأمريكية… أتوقع أن تواصل روسيا تحدي وجود الولايات المتحدة مع توافر الإمكانيات الملائمة من خلال عرض نفسها كبديل للغرب ومحاولة لعب دور الوسيط في النزاعات الإقليمية وعبر توريد الأسلحة دود فرض قيود على قائمة مستخدميها”.

على الأغلب عقد الاستئجار الروسي للقاعد العسكرية بطرطوس و التي شهدت توسيعات كبيرة مؤخرا و تكاد تتحول إلى قاعدة روسية كبرى ستمكن روسيا من استخدامها كمنصة انطلاق عسكرية نحو البحر الأبيض المتوسط و إفريقيااصطبحت تثير المخاوف الأمريكية خاصة و أن روسيا قد أنزلت بها طائرات حربية كبرى على غير المعتاد بما ان هذه الصنف من الطائرات ينطلق عادة من القواعد الروسية الوطنية مباشرة .

فإلى أي مدى يعتبر تأجج الصراع الروسي الأمريكي في سوريا و العراق و عودة داعش و سياسات مكافحته صدفة؟

 
 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق