سياق جيوسياسي لافت للتقارب الصيني ــ الروسي ــ الهندي

قسم الأخبار الدولية 24/09/2025
شهدت قمة منظمة شنغهاي للتعاون في مدينة تيانجين الصينية مشهداً جيوسياسياً لافتاً، حيث تبادل الرئيس الصيني شي جينبينغ ونظيره الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي رسائل ودية علنية، في خطوة اعتُبرت محاولة لإبراز تقارب ثلاثي في مواجهة الضغوط الغربية. وقد قرأ مراقبون هذه الأجواء كإشارة إلى رغبة الأطراف الثلاثة في التمهيد لمعادلة عالمية بديلة تقلّص من هيمنة واشنطن، حتى وإن ظلت الخلافات الجوهرية بين بكين ونيودلهي قائمة.
منظمة شنغهاي، التي تأسست عام 2001 وتضم حالياً عشر دول كاملة العضوية إلى جانب شركاء ومراقبين، باتت تمثل ما يقارب نصف سكان العالم وربع الاقتصاد العالمي. وفي ظل الاضطراب الذي يعيشه النظام الدولي، سواء نتيجة إعادة تشكيل سلاسل التوريد أو تصاعد الحروب التجارية، بدا أن القمة توفر منصة للتأكيد على ضرورة تنويع الشراكات وتقليل الاعتماد على الغرب. وقد ربط محللون هذا التلاقي مباشرة بالسياسات التجارية الأميركية، خصوصاً فرض الرسوم الجمركية الباهظة على صادرات الهند وانتقادها استمرار نيودلهي في استيراد النفط الروسي.
العلاقات الهندية – الصينية بدت أكثر حساسية، إذ حملت زيارة مودي للصين لأول مرة منذ مواجهات 2020 الحدودية رمزية خاصة، وسط حديث عن إعادة تعريف العلاقة الثنائية من الخصومة إلى الشراكة. وحرص شي على دعوة الهند للتعاون باعتبارها «شريكاً لا خصماً»، بينما ركّز مودي على مفهوم «الجنوب العالمي» ودعا إلى إصلاح المؤسسات الدولية، موجهاً دعوة للصين لحضور قمة بريكس المقبلة في الهند.
أما روسيا، فاستثمرت حضور بوتين لإظهار انتقال استراتيجيتها بالكامل نحو آسيا بعد عزلتها في الغرب، فعقد لقاءات ثنائية مكثفة مع كل من شي ومودي. كما بدا واضحاً أن تقاطع المصالح مع الهند يتعزز في مجالات الطاقة والتجارة، رغم التوتر القائم في علاقات نيودلهي مع واشنطن.
في المقابل، جاء الغياب الأميركي عن مشهد تيانجين ليس فقط رمزياً، بل مؤشراً على تآكل فاعلية تحالفات مثل “كواد” (الذي يضم الولايات المتحدة، اليابان، الهند، وأستراليا)، في ظل تصاعد شكوك نيودلهي إزاء جدوى استمرار الانخراط ضمنه تحت وطأة الضغوط الأميركية. ورد الرئيس ترمب على القمة بانتقادات حادة، معتبراً أن مشهد المصافحة بين شي وبوتين ومودي تحدٍ مباشر للمصالح الأميركية.
تزامنت القمة مع عرض عسكري ضخم في بكين بمناسبة الذكرى الثمانين لانتصار الصين في الحرب العالمية الثانية، حضره بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون. وقد قرأ محللون في هذا الاستعراض رسالة واضحة تؤكد وحدة محور يسعى إلى إعادة تشكيل موازين القوى العالمية، من خلال إظهار القوة العسكرية والتضامن السياسي في وجه الغرب.