سقوط”الإخوان” أخلاقيا وقيميّا
تونس-19-8-2021
احترفت جماعة “الإخوان” الإرهابية صناعة الفتنة ، ولم تُدرك الشعوب العربية حقيقة التنظيم إلا بعدما تصدر المشهد السياسي في بعض البلدان، وبدأ الرفض الشعبي لهذا التنظيم يأخذ مساحة أكبر وأوسع، وباتت جماعة”الإخوان” في مواجهة مع النّاس والحياة والشعوب، وكان السقوط الحقيقي.
وأوضحت دراسة حديثة أعدها الباحث منير أديب، المتخصص فى الجماعات الإرهابية، أن ثورة المصريين على تنظيم “الإخوان ” في مصر عام 2013 لم تكن مفاجئة، فإرهاصات الرفض الشعبي كانت واضحة، ولم يكن الأمر متعلقًا بأداء التنظيم سياسيًا فحسب، فقد يكون الأداء السياسي جزءً من عملية السقوط، إلا أن سقوط الحركة كان سقوطًا قيميًا يتعلق بالفكرة المؤسسة للتنظيم، وهو أصعب أنواع السقوط، فمعه لا يستطيع التنظيم أن يعود إلى الحياة من جديد.
ولفتت الدارسة إلى أن سقوط التنظيم في الدولتين (مصر وتونس) ارتبط فى المقام الأول بكشف الشعبين لأفكاره وفضح ممارساته ، ولذلك ما يحدث هو بمثابة انهيار للفكرة المؤسسة له.. اكتشفت الشعوب العربية أن جماعة “الإخوان المسلمين” لا تمتلك أي مشروع، سواء أكان سياسيًا أو فكريًا، بل لا تمتلك مقومات الحياة، فلفظتها كما يلفظ جسم الإنسان أى عضو غريب يمكن زراعته بداخله.
وأكدت الدراسة أن الجماعة الإرهابية أصبحت مصنعا متنقلا للفوضى، لا تؤمن بفكرة الوطن ولا بالآخر المختلف فكريًا أو دينيًا، كما أنها لا تؤمن بالمواطنة، فعلى قدر ما ترفع من شعارات من عينة “لهم ما لنا وعليهم ما علينا” فى إشارة إلى حقوق المسيحيين مثلا في مصر على قدر ما ترفض توليهم الحكم من منطلق فقهي، فخيارات الجماعة الفقهية لا تتّسق مع شعاراتها التي ترفعها والعكس صحيح.
وأضافت الدراسة أنه على غرار فكرة الشعارات، زعيم “حركة النهضة” التونسية راشد الغنوشي، يرفع شعار ضد الإستبداد والدكتاتورية، وهو أول من مارسها، فلك أن تتخيل أنه يتولى رئاسة الحركة أكثر من ثلاثين عامًا، وأجهز عليها ولا يزال، بدعوى أنه الأكثر حكمة وحنكة فى إدارة التنظيم.
وأكدت الدراسة أن وجود الغنوشي على رأس السلطة التشريعية في تونس،يتنافى مع شعارات التنظيم التي يرفعها، من ضرورة إتاحة مساحة للشباب يتولون فيها المناصب السياسية، فهم وقود الحياة في أي دولة.. الشباب وقود ولكنه قد يتحول إلى حطام إذا ما اصطدم ذلك بسلوك التنظيم الذي يبحث عن مصالحه الخاصة ومصالح أمرائه وقادته.
وأوضحت الدراسة أن الكثير من المراقبين تحدثوا عن خطر تنظيم “الإخوان “، ويربطون بين هذا الخطر واستخدامهم العنف، غير أن الشعوب كانت أكثر ذكاءً ورصدًا لهم، فقد تجاوزت الجدل حول علاقة “الإخوان” بالعنف، حيث أدركت أن التنظيم تعدى مرحلة التهديد بالعنف إلى استخدامه فعلًا، ولذلك كان ردها سريعًا وحاسمًا من خلال لفظ التنظيم، وهو ما حدث فى مصر والسودان وتونس، وما زال العقد ينفرط.
واختتمت الدراسة بالتأكيد على أن سقوط “الإخوان ” في تونس، وسقوط التنظيم لم يختلف كثيرًا عن سقوطه فىي مصر، والسقوط لم يكن سياسيًا ولكنه كان أخلاقيًا وقيميًا، وهو ما يدفعنا إلى القول، إن السقوط أشبه بأفول الفكرة وانهيارها، وهو ما يؤكد ما ذهبنا إليه بأن ما حدث في مصر والسودان وتونس، سوف يتكرر في بقية دول المغرب العربى وبقية العواصم التي وُجد فيها التنظيم، مهما كان قويًا، فالعبرة ليست بالقوة السياسية ولكن بقوة الفكرة التي انهارت تحت سقف الشعوب التي ما عادت تتسامح مع من يكذب عليها..”الإخوان” لم يكونوا مختلفين عن بقية التنظيمات المتطرفة، فقد يكونون أخطرها، وهو ما أدركته الشعوب فلفظتهم.