أخبار العالمإفريقياالشرق الأوسطبحوث ودراسات

سد النهضة: كيف تتحول أزمة القرن الإفريقي الى أكبر “حرب مياه” في العصر الحديث؟

من أبرز التحديات التي تواجه العلاقات بين مصر وإثيوبيا هي “شدّ النهضة”، حيث يرتبط السدّ بمسألة حيوية بالنسبة لمصر التي تعتمد بشكل أساسي على مياه نهر النيل لتلبية احتياجاتها المائية و مع تفاقم التوترات بين البلدين تتزايد التساؤلات حول ما إذا كانت مصر قد تلجأ إلى الخيار العسكري لضرب سد النهضة وهو احتمال يحمل تعقيدات كبيرة على المستويات السياسية، العسكرية، والدبلوماسية.

أزمة سد النهضة: ماذا بعد!

أحد أبرز العوامل التي قد تدفع مصر للتفكير في هذا الخيار هو التهديد الذي يشكله السد على مواردها المائية.

فنهر النيل هو المصدر الأساسي لمياه مصر وأي نقص في حصتها من المياه يُعتبر تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي حيث تعتمد قطاعات الزراعة والشرب والصناعة في مصر بشكل كامل على مياه النيل مما يجعل الحفاظ على هذه الحصة أمرا حيويا لاستقرار البلاد

بالإضافة إلى ذلك، لم تسفر المفاوضات الدبلوماسية التي استمرت لسنوات بين مصر وإثيوبيا عن نتائج مرضية، إذ لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن قواعد ملء وتشغيل السد وفي ظل تعثر المسار الدبلوماسي، قد تجد مصر نفسها مضطرة إلى البحث عن بدائل أخرى، بما في ذلك الحل العسكري، إذا رأت أن جميع الوسائل الأخرى قد استنفدت

هل يتحول الصراع الى تدخل عسكري مباشر ؟

في الواقع مصر لديها تاريخ في حماية مصالحها المائية، ولم تتردد في الماضي في التهديد باستخدام القوة إذا تعرضت حقوقها في مياه النيل للخطر. ومع ذلك، يبقى الخيار العسكري محفوفًا بالمخاطر والتحديات

وأحد أهم هذه التحديات هو ردود الفعل الدولية فأي هجوم عسكري على سد النهضة من المحتمل أن يثير غضبًا دوليًا واسعًا، فتعتبر إثيوبيا السد رمزًا للسيادة الوطنية ومشروعًا تنمويًا ضخمًا وبالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي مثل هذه الخطوة إلى فرض عقوبات دولية على مصر

في ضوء هذه التحديات، قد تجد مصر أن البدائل الدبلوماسية والقانونية هي الخيار الأفضل. يمكن لمصر أن تواصل الضغط على إثيوبيا من خلال المؤسسات الدولية مثل مجلس الأمن أو المحكمة الدولية، أو تسعى لتعزيز التعاون مع الدول الكبرى للتوصل إلى حل تفاوضي يرضي جميع الأطراف

هناك أيضًا بعد إقليمي يجب أخذه بعين الاعتبار خاصة فيما يتعلق بالسودان الذي يقع بالقرب من السد أي ضرر يلحق بالسد قد يتسبب في فيضانات مدمرة على الأراضي السودانية مما سيجعل من الصعب على مصر الحصول على دعم سوداني لأي عملية عسكرية

علاوة على ذلك، من المعروف أن إثيوبيا قد استثمرت في تأمين السد من خلال أنظمة دفاعية متقدمة مما يزيد من تعقيد أي عملية عسكرية محتملة

يعتبر السودان في قضية سد النهضة أكبر متضرر من الناحية الإقليمية والعسكرية فأي خطوة عسكرية لمصر ستؤدي وفق الخبراء الى فيضنات كارثية ستهز المنطقة الجغرافية بأسرها .

لا يمكن تجاهل التكلفة الاقتصادية والسياسية لأي تصعيد عسكري ففي ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر حاليًا، فإن الدخول في حرب قد يُثقل كاهل الاقتصاد ويؤدي إلى اضطرابات داخلية وفي النهاية يبقى الخيار العسكري احتمالًا صعبًا ومعقدًا، ولن تلجأ مصر إليه إلا إذا فشلت جميع الخيارات الأخرى ولم يعد أمامها سوى الدفاع عن مصالحها المائية بأي ثمن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق