زيارة وفد الغرب الليبي إلى القاهرة إقرار بدور مصر الفاعل في المنطقة
القاهرة-مصر-17-9-2020
في ظل الضغوطات الدولية وفي مقدمتها دخول واشنطن على الخط، وهي التي كانت تدير الملف الليبي عن بعد وبالإنابة منذ 2011،حيث عصفت الأزمة الليبية بالمنطقة طيلة عشر سنوات من الفوضى وانتشار السلاح وتهديد مصالح دول الجوار والدول الأوروبية وبلدان منطقة الساحل والصحراء،جاءت الحركية الحالية إقليميا ودوليا لوضع ترتيبات لمرحلة قادمة بعد أن اتضحت صورة تقاسم النفوذ بين القوى المتدخلة في هذا الملف.
ومن الواضح أن الموقف المصري وخاصة ما أعلن عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي من عزم أكيد على عدم التهاون بشأن الأمن القومي المصري خاصة، والأمن القومي العربي عامة، بوضع خطوط حمراء للجم التدخل الخارجي في ليبيا،الأمر الذي أحدث هزة في الأوساط السياسية العالمية،مثل نقطة تحول حاسمة في حلحلة الأوضاع في ليبيا والمنطقة.
وعادت إلى القاهرة الزيارات التي انقطعت لما يقرب من عامين لوفود من المنطقة الغربية الليبية الذين يدعمون حكومة الوفاق.
يأتي ذلك بعد أقل من شهر من إعلان السلطتين المتنازعتين في ليبيا، في بيانين منفصلين، وقف إطلاق النار بشكل فوري وكامل،في 21 آغسطس الماضي بين الفرقاء الليبيين، الأمر الذي سرّع في خطوات عملية جمعت الفرقاء الليبيين على طاولة حوار واحدة في كل من المغرب وسويسرا ومصر.
نجحت مصر في تجميع خيوط الأزمة،بعد تحركات دبلوماسية وعسكرية عديدة،ما جعل قوى دولية كبرى تقرّ بالدور الإقليمي الفاعل في لمصر.
وفي 9 سبتمبر الجاري وصل وفد ليبي يضم أعضاء من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة إلى العاصمة المصرية لبحث الحل السياسي في إطار إعلان القاهرة، إلا أن زيارة وفد من “الوفاق” مثلت خطوة إيجابية بعد كل التصعيد السابق بين القاهرة وحكومة طرابلس، ما أعطى مؤشرات على تقارب مصري تركي.
أحد أعضاء وفد الغرب الليبي صرح بأن” مصر هي الأقرب إلينا جغرافيا واجتماعيا” في تأكيد واضح على مدى الدور المصري في المساهمة في وضع حد للأزمة وفي الإرتباط المصيري والتاريخي بين البلدين الشقيقين.
تصريحات بعض المشاركين في اجتماع القاهرة، خلفت تفاؤلا بالمضي نحو عملية حل سياسي شامل للأزمة الليبية،بيد أن إمكانية استمرارية هذا المسار أو عرقلته ترتبط مباشرة بالموقف الأمريكي إزاءه.
وأكد وفد الغرب الليبي من أعضاء مجلس النواب والأعلى للدولة، وشخصيات قيادية ليبية، على التمسك بالقيم والمبادئ الوطنية المتمثلة في وحدة التراب الليبي واستقلال ليبيا وسيادتها وعلى حرمة الدم الليبي.
وشدد الوفد الذي التقى أعضاء اللجنة المصرية المكلفة بمتابعة الملف الليبي، خلال زيارته لمصر استمرت أربعة أيام، في بيان له، الأحد الماضي، على ضرورة التوصل إلى آليات تثبيت لوقف إطلاق النار والدفع بالعملية السياسية تحت إشراف الأمم المتحدة.
وأكد الوفد على الإلتزام بقرارات مجلس الأمن والإعتماد على مسارات الحوار الثلاثة في الوصول إلى اتفاق ينهي الأزمة في جوانبها السياسية والأمنية والإقتصادية.
واتفق الوفد على تحديد موعد إجراء انتخابات في مدة لا تتجاوز شهر أكتوبر 2021، كما تم تحديد موعد للإتفاق على الأساس الدستوري للعملية الإنتخابية التي يجب وضع الإعتبار فيها لمشروع الدستور الذي قام أعضاء هيئة صياغة الدستور بالتصويت عليه في مدينة البيضاء الليبية عام 2017.
وتم الاتفاق على إعادة هيكلة المجلس الرئاسي لحكومة “الوفاق” من رئيس ونائبين ورئيس حكومة مستقل، ومعالجة القضايا المتعلقة بكفاءة إدارة الثروة وعدالة توزيع الموارد ضمن آليات اقتصادية تحقق مبدأ اللامركزية ويتضمن رفع المعاناة عن أبناء الشعب الليبي.
وتمثل هذه الزيارة اختراقا في العلاقات بين القاهرة والمجلس الأعلى للدولة الذي يرأسه أحد أقطاب جماعة”الإخوان” في ليبيا خالد المشري، لكنه برغم ذلك لم يتمكن من فرض وجهة نظر الجماعة على كامل تشكيل المجلس.
القاهرة من جانبها بادرت بتقديم حزمة من التسهيلات الموجهة لليبيا بشكل عام من بينها استمرار آلية الربط الكهربائي بين المنطقة الشرقية الليبية ومصر، وتسهيل إجراءات الحصول على تأشيرات الدخول مع توفير إعفاءات للطلبة والمرضى الليبيين، والسماح باستئناف الرحلات الجوية التجارية مع كافة المطارات الليبية، وكذلك البحث مستقبلًا في آليات عودة العمالة المصرية إلى مدن الغرب الليبي.
وتؤشر النتائج التي تم التوافق عليها إلى أن اجتماعات مماثلة قد تتم مستقبلًا، وهذا سيساهم بشكل قطعي في دعم وجهات النظر الموجودة في المنطقة الغربية الليبية والتي تناهض الوجود التركي ودور أدواته في التأثير على حاضر ليبيا ومستقبلها.