رسوم ترامب الجديدة تهدد قانون “أغوا” وتعيد صياغة العلاقات التجارية بين واشنطن وأفريقيا

قسم الأخبار الدولية 08/04/2025
فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب مطلع الشهر الجاري تعريفات جمركية جديدة تتراوح بين 10% و50% على منتجات واردة من 185 دولة، بينها 50 دولة أفريقية، ما أثار مخاوف حقيقية بشأن مستقبل “قانون النمو والفرص الأفريقية” (AGOA) الذي كان قد أُقر قبل ربع قرن لتشجيع الصادرات الأفريقية إلى السوق الأميركية دون رسوم جمركية.
وأتاح قانون “أغوا” الذي صادق عليه الكونغرس الأميركي عام 2000 في عهد الرئيس بيل كلينتون، لأكثر من 1800 منتج أفريقي دخول الأسواق الأميركية دون ضرائب، ما ساعد في خلق آلاف الوظائف وتحفيز النمو الصناعي في عدد من الدول الأفريقية. غير أن الرسوم الأخيرة التي فرضها ترامب تمثل خرقًا مباشرًا لروح القانون، وتهدد جدواه مع اقتراب موعد انتهائه في سبتمبر المقبل، وسط غموض بشأن تجديده.
خسائر مباشرة واقتصادات متضررة
أشد الضربات وُجّهت إلى دول الجنوب الأفريقي، وعلى رأسها ليسوتو التي فُرضت عليها تعريفة بـ50%، ومدغشقر (47%)، وموريشيوس (40%)، وبوتسوانا (37%)، وأنغولا (32%). كما طالت الرسوم نيجيريا وجنوب أفريقيا بنسبة 31%، وهي من أكبر اقتصادات القارة وأكثرها استفادة من “أغوا”، خاصة في قطاعات المنسوجات والصلب والسيارات.
وكانت جنوب أفريقيا، على سبيل المثال، تصدر مركبات وقطع غيار بقيمة ملياري دولار إلى السوق الأميركية ضمن هذا الإطار، قبل أن تُفرض عليها رسوم إضافية بنسبة 25% على السيارات.
ردود فعل متباينة وأفريقيا بين الحوار والاحتواء
تراوحت ردود الفعل الأفريقية بين الغضب والاحتواء. جنوب أفريقيا وصفت الإجراءات بالـ”عقابية” وأعلنت سعيها نحو تفاوض ثنائي جديد مع واشنطن، بينما اختار رئيس زيمبابوي الرد بخطوة مغايرة، معلنًا إلغاء كل الرسوم المفروضة على السلع الأميركية، في محاولة لفتح صفحة جديدة مع إدارة ترامب.
التأثيرات المحتملة على المدى البعيد
يشير خبراء إلى أن الرسوم الجديدة قد تقوّض التنافسية الأفريقية، خاصة أن غالبية صادرات القارة لا تزال تقتصر على المواد الخام والسلع الأولية، وليس المنتجات المصنعة ذات القيمة المضافة العالية. ومن شأن هذا التغيير أن يرفع تكاليف التصدير، ويضعف فرص العمل، ويؤدي إلى خلل في الميزان التجاري لدول تعتمد على الأسواق الأميركية كمصادر رئيسية للعائدات.
وفي كينيا مثلاً، ارتفعت عائدات الصادرات في ظل “أغوا” من 55 مليون دولار عام 2001 إلى أكثر من 600 مليون دولار بحلول 2022، لكن هذه المكاسب باتت مهددة اليوم في ظل السياسة الحمائية التي يتبناها ترامب تحت شعار “أميركا أولاً”.
مصير القانون على المحك
برغم أن القانون جرى تمديده آخر مرة عام 2015 لمدة عشر سنوات، إلا أن محللين يرون أن ترامب لن يسعى إلى تجديده. ويرى شيتا نوانزي، من شركة “SBM Intelligence”، أن الرسوم الجديدة تضع “أغوا” على طريق التصفية، ما لم يتم التوصل إلى حلول سياسية وتجارية تحفظ مصالح الطرفين.
ومع غياب موقف أفريقي موحد، وتفضيل معظم الحكومات خيار التفاوض الفردي، يبدو أن القارة قد تخسر واحدًا من أبرز المكاسب التجارية التي حققتها في علاقتها مع الولايات المتحدة خلال العقدين الماضيين.