أخبار العالمالشرق الأوسطبحوث ودراسات

رؤية مستقبلية عن مخاطر الميليشيات المسلحة في الشرق الأوسط: من يشعل حروب الميليشيات بالوكالة الراعي إم الوكلاء؟

مقدمة:

لم يعد النظام الدولي يقتصر على الفاعلين الدولين، من دول/منظمات دولية حكومية في تفاعلات النظام العالمي، الاّ أنه بعد إحداث 2001م في الولايات المتحدة و7إكتوبر 2023م في إسرائيل، ايقن العالم إن لعبة النظام العالمي دخل فيها لاعبين جدد وهم الفاعلين الدوليين من غير الدول بشقيها مسلح / غير مسلح، فأصبح مفتاح الهيمنة للقوة الصلبة والناعمة وإلارغام ممزوج فيما بينهم فى الساحة الدولية، عدا القوي النووية التي لا زالت تحتكرها القوي الكبرى، الإ إن الفاعلين الدوليين من غير الدول من أهم أهدافهم امتلاكهم للقوي النووية.

فأصبح الواقع الدولي المحكوم بتفاعلاته الثلاثة- تعاون- تنافس- صراع ليس حكرا على الدولة، بل برُز فاعلين جدد خارجين عن الدولة من العابرين للقوميات مسلح- غير مسلح وكلاء للقوي الكبري والإقليمية أصبحوا لهم تأثير كبير على المشهد الدولي الحالي كلاعبين جدد، وهذا راجع لعوامل كثيرة منها العولمة والفضاء السيبراني.

هذه التفاعلات الدولية بلاعبيها الكلاسيكيين والجدد جعلت من الساحة الدولية ومنطقة الشرق الأوسط “قلب العالم” على الخصوص مسرحا مفتوحا لجميع تفاعلات الوكلاء واختلط بها النظام العسكري بشبه العسكري الغير نظامي، في محاولة لإجهاض السلطة الشرعية للدول التي كانت في السابق لها حق إمتلاك السلاح  والعنف الشرعي لإستخدام السلاح، لتدخل المنطقة في حالة من التواهان ما بين ما هو عسكري وما هو مدني ومن له حق حمل السلاح، وإين هو العدو في الداخل إم في الخارج.

كان من ضمن مخططات الحراك العربي 2011م والتي دفع بها وكلاء التغير الإجتماعي، أن تصبح دول المنطقة دول هشّة ومقسمه ضمن خريطة إجتماعية وسياسية جديدة، ففقدت بعض تلك الدول سلطتها على مناطق حيوية عديده داخل دولهم، خاصة المناطق التي تحتلها ميليشيات مسلحة تطالب بالانفصال او حق تقرير المصير مثل ما حصل في جنوب السودان عام 2011م.

أثرت هذه الميليشيات بشكل كبير على رسم حدود دولهم داخلياً مما تسبب في تدمير العديد من اشكال الدولة مثل الإستقرار بأنواعه السياسي والأمني والنسيج المجتمعي، واليوم يرجع التاريخ بأشكال جديدة تواكب الظرفية الحالية، فأصبحوا يمثلون معادلة صعبة في استراتيجيات رسم خريطة المنطقة، لتعمق بها الصراعات العرقية والطائفية والعشائرية التفكُيكية لتتغير منها الهوية والتماسك السياسي للإمن الاجتماعي، ومنها ينهار النسيج الوطني، لتصبح الدول”بدول اللامجتمع” او “مواطنين بدون دول” فهؤلاء الميليشيات ينسلخون عن الدولة التي تريد لنفسها أن تكون وحدها في الميدان واللعبة ليخرج عليها منافس من نوع آخر، واقرب مثال هو المشهد السوري وكذلك اللبناني والسوداني واليمني.

أصبحت هذه الميليشيات تصارع من أجل السلطة ليصبح “التنظيم” هو السلطة فانتقل من مجرد تنظيم “ارهابي” مصنف الى نظام سلطة، والمعادلة اليوم اصبحت “من حق الإنفصال الي النزاع على سلطة الحُكم” وبناء علية رفعوا سقف المتطلبات من القيادة والزعامة داخل دولهم الى الزعامة الإقليمية.

تمثل الميليشيات العسكرية في السابق الجناح العسكري لتنظيمات هدفها التغير الجيوسياسي وبحقها في السلطة، الاّ انه منذ 2011م  أصبحت الميليشيات المسلحة على رأس حربة الحروب بالوكالة، فمنها أصبحت الميليشيات المسلحة تنظيم حاضن للمسلحين العابرين للقوميات مما شكّل نقلة نوعية من حيث الهدف والهيكل والتنظيم والإفراد والانتماء،  فالمجموعات الخارجة عن الدولة، أصبح لها إمكانيات رهيبة وتعتبر قوة تُضاهي السلطة في مفهومها الكلاسيكي خاصة في إدارة العمليات العسكرية والقدرات التسليحية التي وصلت لقدرات الجيوش النظامية، لتفرض نفسها كلاعب في الميدان الإقليمي والدولي.

بسبب هشاشة بعض دول المنطقة منذ الحراك الجماهيري العربي2011م احتلت الميليشيات المسلحة مناطق عديدة داخل إقليم الدول الهشّة وشكلت تحالفات مع وكلاء من تنظيمات مسلحة/ غير مسلحة، وفتحت بذلك جبهات قتال وحروب لم تشهدها المنطقة من قبل، مما جعل اللعبين الدوليين يجدون الأرضية الخصبة حتى يتلاعبوا بالمفاهيم ويخوضون الحروب عبر الوكلاء، ومنها اختلطت المفاهيم بين “صاحب الحق وقوي الشر” وليضيع الجميع داخل نفس الخانة وهذا ما جعل المنطقة تسقط في “اللاموضوعية”.

وهذا ما يحدث اليوم في منطقة الشرق الأوسط فهي تخوض حروب بالوكالة المقنعة بربطة عنق وبهرج وحروب بالوكالة مسلحة وحروب صاحب الأرض وحروب مع مغتصب الأرض وكلها مفاهيم يجب النظر اليها بدقة وعقلانية وخاصة بموضوعية بعيدا عن الحياد التي تطلبه القوى المهيمنة، حتى لا تستمر المنطقة في “اللاموضوعية” والأحكام المعيارية التي لا نعلم عنها شيء سوى مخططات داخل الغرف المظلمة للقوي الراعية. (مثل الحروب اللإموضوعية بالوكالة في السودان ما بين ميليشيا الدعم السريع التي كانت في السابق مليشيا “الجنجويد” وبعدها أصبحت فرع من فروع الجيش السوداني لترجع الى اليوم الى مليشيا مرتزقة ترفع السلاح في وجه الدولة وتعتبر نفسها هي الدولة).

لذلك سوف تقُدم هذه الورقة رؤية مستقبلية عن مخاطر الوكلاء من الميلشيات المسلحة في منطقة الشرق الأوسط، وسوف نطرح إشكالية مركزية للورقة بحثية وهي:

 إلى إي مدي ستظل قوة التنظيمات المسلحة من الميليشيات كتنظيم عسكري في معادلة السلم والأمن للمنطقة؟

تقُسم الورقة البحثية الي محورين هما:

المحور الأول: رؤية مستقبلية عن هيكلية الميليشيات المسلحة في المنطقة:

في البداية يجب علينا وضع تعريف موضوعي للميليشيات المسلحة: فلقد عرفها مجلس الاستخبارات القومي الأمريكي “بأنهم كيانات غير سيادية تمارس سلطة ونفوذاً اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً ولها تأثير على المستوى الوطني والدولي”.

وتندرج الميليشيات المسلحة ضمن الفواعل فوق الدولة/تحت الدولة/عابرين للدولة والحدود.

وإذا أخذنا التعريف “تحت الدولة” فهذا لإنهم غير حكوميين نشؤا ويمارسون أنشطتهم داخل حدود دول وطنية.

وأما بالنسبة لتعريف“عابري للدولة” وذلك لوجود رابط متصل له تأثير يصل للطابع الرسمي والإنتمائي مع إفراد في دول عديدة إقليمية وعالمية.

وأمّا بالنسبة لتعريف “فوق الدولة” فهو يرجع لعدم التزامهم بأي قوانيين محلية أو دولية ولا إنسانية، فالعالم ساحة مفتوحة لعملياتهم، حيث تتمثل اهدافهم الى تغير الوضع القائم من النظام السياسي والاجتماعي والهوية في الدولة، ومنهم من يهدف الي تغير النظام العالمي ككُل.

تتميز الميليشيات المسلحة بإنها صاحبة قوة بشرية وإستراتيجية حركية سريعة عن التنظيمات العسكرية الاخرى، حيث إنها تمتلك هيكل تنظيمي ونمط للقيادة، ومصادر للتمويل، وقدرات عسكرية وتسليحية متطورة، ونطاق جغرافي لأنشطتها، سواء بالتركيز على ساحة العمليات داخل الدولة التي نشأت فيها أو على الساحة الإقليمية او الدولية التي ينفذوا بها عملياتهم للإعلان عن تنظيمهم وأيديولوجيتهم الخاصة بهم ومطالبهم بالاعتراف الرسمي بهم.

لذلك سوف نعرض رؤيتنا المستقبلية لهيكلية الميليشيات المسلحة من التجنيد/ التدريب/ التسليح/ساحة العمليات:

التجنيد:

  • التخلي عن سياسة التجنيد العشوائي والتركيز على التجنيد الانتقائي، من المؤثرين في مجال الفضاء السيبراني والذكاء الاصطناعي ومهندسي الصناعات العسكرية المتطورة من مسيّرات وصواريخ موجهة عن بعد، وغيرهم من الأسلحة الحديثة والمتطورة.
  • تجنيد العلماء أصحاب الخبرات في مجال الأسلحة المحرمة دولياً، خاصة المنتمين لنفس الإيديولوجيا واهداف الميليشيات. (مثلما تم تجنيد العالم النووي الباكستاني “إي كيوخان” للبرنامج النووي الإيراني وليبيا وكوريا الشمالية).
  • تجنيد جيل جديد من أطفال معسكرات النزوح واللجوء والهاربين من ويلات الحروب، القربين من المناطق التي تحتلها الميليشيات، لفقدهم مقومات الدولة، فلا ملجأ لهم غير الميليشيات.
  • المشهد الجيوسياسي المعقد لقضية المنطقة(مثل رفع الحوثين راية الانتصار على العدو الأمريكي والإسرائيلي) دفع الميليشيات بالإعلان عن أهدافهم ومشروعاتهم وإنهم حاملي راية النصر على العدو الخارجي-الداخلي، مما يحفز تجنيد إفراد من التنظيمات المتفككة هيكلين (مثل القاعدة وداعش وغيرهم) للانضمام، ومن ينجذب لشعارات الميليشيات، (خاصة بعد الضربات التي نفذها الحوثيين على إسرائيل)
  • ما حققته الميليشيات من انتصارات وتحولهم من تنظيمات غير حكومية الى شبة دولة وطنية، حفز على تجنيد المقاتلين السابقين المرفوض عودتهم لوطنهم، فأوجدوا لهم الوطن البديل. (مثل انضمام إفراد من داعش الي ميليشيات قسد في سوريا)
  • الإعلان عن قناة ومتحدث رسمي للميليشيات، أعطي الثقة لتجنيد مسلحين من جنسيات ومن تنظيمات مختلفة، وبأن مستقبل المنطقة سوف ترسمه الميليشيات المسلحة.
  • تحفيز عملية التجنيد برفع العائد المالي للمقاتلين السابقين بالانضمام للميليشيات، على مبدأ شراء العبد ولا تربيته ليزيد من القدرات القتالية للميليشيات من ذوي الخبرة القتالية، ويضعف منها الكيانات العسكرية الأخرى، ويحقق للمقاتلين رغباتهم القتالية حيث من الصعب عودتهم للحياة المدنية.
  • إطلاق الشعارات التي تُحفز على التجنيد من الشعارات الإيدلوجية والإنسانية، وإن الميليشيات أهم أهدافها نصره القضية الفلسطينية قضية القضايا، وإنهم يخوض “حرباً عادلة” مفتوحة لنصرة المستضعفين في المنطقة.

التدريب:

يتمثل تدريب إفراد الميليشيات ما بين تدريب واختبار للولاء، إما أساليب ووسائل التدريب فيتم تحديد مستوى ا بناء على قدراتهم القتالية والعقلية والهندسية والسيبرانية.

ويتصف ميدان وأساليب تدريب الميليشيات كالتالي:

  • ميدان التدريب القتالي هو إقليم الميليشيات أو أرض الوكلاء من التنظيمات الآخرى كنوع من تنسيق التعاون ما بين الوكلاء، ويتم التدريب على مستوي السلاح ذات العيار الصغير والمتوسط للقتال المباشر.
  • تتشابه أرض التدريب مع جميع ساحات الحروب من بر/بحر/جو، فمثلاً استطاعت إيران من استخدام ميناء الحديدة البحري لتدريب الحوثين على مسرح العمليات البحري على عكس مسرح عملياتهم التقليدي في الجبال، إلاّ إنه لم يُسمح بتدريب الميليشيات على الدفاع الجوي لصد الهجمات الجوية والصاروخية، مما شكل نقطة ضعف يتم استهداف الميليشيات منها.
  • التدريب العقلي داخل الفضاء السيبراني والذكاء الإصطناعي لتنفيذ عمليات سيبرانية من هجوم/ردع/دفاع/جمع معلومات.
  • تمثل أرض تدريب الهندسة العسكرية كساحة إختبار وحقل تجارب لتطوير الصناعات العسكري، وبما إن القوانيين الدولية تجرّم تجارب الأسلحة المحرمة دولية يلجأ الرعاة من الدول-غير الدول لإقليم الميليشيات بتنفيذ تجاربهم وتدريبهم على الأسلحة المحرمة دولياً على أرض الميليشيات (مثل التجار الأمريكية في العراق والصومال مع ميليشيات حركة الشباب الإسلامي في الصومال والحشد الشعبي في العراق وغيرهم)
  • تشير دلالات مناطق التدريب على إنها محطّة وبوصلة انتقال الوكلاء نحو مسرح عملياتهم القادم.

التسليح:

  • يمثل التسليح هو العنصر الرئيسي والقوة الضاربة لمستقبل الميليشيات، خاصة في حالة عدم تحقيق مرحلة التجنيد والتدريب بالمستوي المطلوب من القوة البشرية القادرة على تنفيذ العلميات العسكرية.
  • يأتي تسليح الميليشيات ضمن صراع التسلح من تقيم وتطوير الأسلحة، كما تمثل أرض الميليشيات كحقل تجارب لأي نوع من الأسلحة المحرم دولياً، الى إن وصلنا إن قادة الميليشيات يتم دعوتهم لمعارض الأسلحة الدولية مثلهم مثل ممثلي الجيوش النظامية.
  • اكتسبت الميليشيات من الدول الراعية الخبرات التصنيعية والتكنولوجية الحديثة من الصناعات العسكرية المتطورة من المُسيرات والصواريخ عابري للقارات والفرط صوتية، حتى إنهم وصلوا الى تسمية المسيرات والصواريخ بأسماء يعلنون بها عن قدراتهم التسليحية وإلايدلوجية للميليشيات وإنهم قادرين للوصول لعمق الدول والتنظيمات المعادية للدول الراعية. (مثل صواريخ “طوفان الباليستية” الحوثية القادرة على حمل رأس نووي).
  • تمثل الصناعات العسكرية للميليشيات السوق الخلفي للدول الصادر ضدّها عقوبات اقتصادية وتسليحية.

ساحة العمليات:

  • لا تنحصر عملياتهم بدولة أو منطقة واحدة فهم عابرين للقوميات والحدود، بل أنهم يعتبرون أن المنطقة والعالم ساحة مفتوحة لعملياتهم.
  • تحتل الميليشيات أراضي حيوية داخل ة الدول، ويمارسون عليها سلطة الدولة، ليطلبوا الاعتراف الجيوسياسي الدولي أو حق تقرير المصير، لترُسم منها خريطة المنطقة من دول الى دويلات.
  • في حالة الاعتراف الدولي بإحدى الميليشيات يحفز الميليشيات الأخرى بزيادة عملياتهم العسكرية، ليتم الاعتراف بهم أيضاً.
  • تُشير الدلائل إن ساحة العمليات سوف تشهد انقلاب الميليشيات على الدول الراعية، بعد إن يتم الاعتراف الرسمي بالميليشيات (مثل انقلاب الحوثيين على إيران بعد الاتفاق مع امريكا) ولتجنب هذا الانقلاب سوف يتم محاصرتهم لكبح قوتهم لا لتدميرهم.
  • لكي تحُسن الميليشيات الصورة الذهنية لدى الرأي العام بسبب عملياتهم الدموية ولكسب القبول الشعبي المحلي والإقليمي، سوف توجه مسرح عملياتهم نحو إسرائيل على إنها نصُرة القضية الفلسطينية، وهنا تصبح اسرائيل ضحية ويعطي المبرر لإسرائيل بالقيام بعمليات عسكرية ضد الميليشيات والقوي الراعية لها تحت بند حق الدفاع الشرعي عن الدولة والحروب الاستباقية.
  • يمثل مسرح العلميات ساحة الباب الخلفي لقيام القوات النظامية أو إي تنظيم مسلح بضربات بغرض الردع او التحذير او لرد الاعتبار ضد القوي التي ترعها الميليشيات.

المحور الثاني: المخاطر المستقبلية على المنطقة واستغلال القوي الراعية للوكلاء من الميليشيات المسلحة:

تعيش منطقة الشرق الأوسط عصر الاستعمار بالوكالة، فأصبحت الميليشيات المسلحة دولة داخل الدولة مثلها كمثل البؤر السرطانية في الجسم.

إن التطور الذي حدث للميليشيات المسلحة من حيث التجنيد والتدريب والتسليح وساحة العمليات، أظهر بصمة القوى الراعية التي نقلت الميليشيات لتصبح القوة الضاربة بالوكالة في عمق الدول المعادية لها، فمثلما استطاعت إيران من تطوير مسرح  عمليات الحوثين من القتال الجبلي داخل اليمن الى القتال البحري في البحر الأحمر، وإمدادهم بالقدرات العقلية والتسليحية والتدريبة لتصنع منها صواريخ عابرة للقارات ومسيرات لتنفيذ هجمات في عمق الدول المعادية لإيران.

لهذا أصبحت الميليشيات المسلحة قوة ضاربة بالوكالة لا يُستهان بها وقادرة على تغير موازين القوة في المنطقة، وعلى دول المنطقة التعامل مع القوي الراعية لها كرهاً او طوعاً.

مثلت فرضية أن القوي التي ترعى وكلائها من الميليشيات لها سلطة السيطرة المطلقة على وكلائها بحكم نشأتهم والعلاقة الاعتمادية من الإمداد اللوجيستي والتسليح والدعم السياسي والإيديولوجي وغيرها، ألا أن المخاطر التي صدرتها لنا مسارح العمليات برسائل مرعبة لا يُؤمن عُقباها وهذا راجع للاتي:

  • تسعي الميليشيات للإستقلالية عن القوي الراعية لتتحول العلاقة بينهم لشراكة أو تحالف، والخطر الأكبر من تبديل الوظائف. (مثل الدعم السريع في السودان والحوثين في اليمن وقسد في سوريا وغيرهم).
  • عدم سيطرة القوي الراعية على سلوكيات الميليشيات الأمر الذي يُضعف من قدرتها على وقف عملياتهم بالوكالة. (مثل خروج الحوثين عن سيطرة إيران بعد الإتفاق مع إمريكا)
  • في حالة وقف التدفق المستمر من الأموال والسلاح والرعاية السياسية للميليشيات يصعب على أفرادها العودة لحياتهم المدنية أو لبلادهم، مما يسهل تجنديهم من عصابات المخدرات او تهريب السلاح وغيرهم.
  • في حالة رفع القوي الراعية رعايتها عن الميليشيات سوف تنفذ الميليشيات عمليات مسلحة لا إنسانية همجية ودموية إنتقامية ضد مصالح القوي الراعية، مما يدخل المنطقة في دوامة حروب لا نهاية لها، حيث من الصعب أن القوي الراعية تعترف برعايتها للميليشيات فهذا يسُقط من هيبتها الدولية وحتى لا تحاسب قضائياً عن العمليات التي تقوم بها الميليشيات.
  • إخفاء أهداف القوي الراعية عن الميليشيات يدخل المنطقة في حروب ليست لها نهاية.
  • تستهدف الميليشيات المسلحة من امتلاك أسلحة محرمة دولياً لتُهدد بها الجيوش النظامية والقوي الراعية نفسها، فيُستحال منها مواجهة الميليشيات المسلحة بالتكتيك العسكري التقليدي، مما يدفع للقوات النظامية بإمتلاك أسلحة محرمة دولية لتتفوق على الميليشيات المسلحة في سباق التسلح.
  • صعوبة تحديد عوامل النصر أو الهزيمة، ومن يرفع علامات النصر أو يعترف بالهزيمة القوي الراعية إما الميليشيات المسلحة، خاصة إذا كان للميليشيات لها أكثر من قوي راعية لها، والأصعب من هذا الميليشيات المسلحة ذات الروابط الدينية او العنصرية او السياسية فسقوط الميليشيات التابعة لهم يعني سقوطهم للأبد سياسياً وعسكرياً وفكرياً وإنتمائياً على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي.
  • إرغام سكان المناطق التي تحتلها الميليشيات المسلحة بالهجرة أو النزوح ليسكُنها أفراد الميليشيات عابري القوميات، لينزع منها الهوية الوطنية ويتم تشكيل سكان المنطقة بناء على القوي المستعمرة بالوكالة. (مثل احتلال ميليشيات الدعم السريع مدينة الفاشر السودانية).
  • تحتل الميليشيات المسلحة المناطق الحيوية الغنية بموارد الطاقة أو المياه وغيرها لترغم بها الدول بقبول التفاوض أو التقاسم مع القوي الراعية حتى لا تُحرم الدولة من الإستفادة من مواردها.
  • يتمثل فشل القوات النظامية التغلب على الميليشيات المسلحة حالة من السخرية من قدرات الجيوش النظامية، وهو المطلوب تنفيذه (مثل ميليشيات الدعم السريع والجيش السوداني وغيرهم) مما يدفع المواطنين بطلب الحماية من تنظيمات اخري حتى لو كانت إرهابية أو اللجوء للحماية الفردية أو من دول أو تحالفات دولية.
  • بسبب العقوبات التسليحية والاقتصادية على دول عديدة في المنطقة، سوف تتجه شركات أسلحة الذكاء الاصطناعي بالإستثمار في الميليشيات المسلحة ليتم نقل مسرح العمليات للفضاء السيبراني ويصبح سوق مفتوح لعرض أسلحة الذكاء الإصطناعي وبالتالي يستحيل إنهاء حالة الحرب.
  • مخاطر ميليشيات الفضاء السيبراني(المنتمين/المستأجرين) من قيامهم بعمليات هجوم/ردع/إختراق /تهديد /حرمان من الخدمة السيبرانية في عمق كل دولة معادية لهم وللقوي الراعية فيجعل الدول في حالة تأهب وتهديد دائم من إفعال الميليشيات السيبرانية.

الخاتمة:

مما تقدم يثبت بالدليل القاطع أن الميليشيات المسلحة مسؤولة عن هندسة رسم خريطة النظام الإقليمي لمستقبل المنطقة بتقسيمها الي دويلات بلا مجتمع وطني، ومناطق يستعمرها أفراد من قوميات متنوعة ليس لهم ولاء لوطن ولا للأرض، لترُفع عليها أعلام غير وطنية، وتعيد منها رسم الحدود وتُقيم أنظمة جديدة وبمفاهيم جديدة بناء علي خرائط القوي الإستعمارية بالوكالة.

تزامنا مع الحراك الجماهير 2011م وانفصال جنوب السودان من نفس العام، تحولت العديد من دول المنطقة الى دول مفككة وأكثر من هشة، حفز منها القوي الراعية للميليشيات المسلحة من إنشاء وتوغل العديد من الميليشيات لاحتلال مناطق حيوية في عمق البلاد، لترغم العالم منها بحق تقرير المصير أو الاعتراف الدولي بالميليشيات (مثلما تم الاعتراف الأمريكي بالحشد الشعبي في العراق وبالحوثيين في اليمن وغيرهم).

لقد طورت القوي الراعية للميليشيات المسلحة قواعد الاشتباك ونقلت القتال البري التقليدي الى القتال البحري والجوي والعابر للحدود من المسيرات والصواريخ الفرط صوتية إلى أن وصلت الميليشيات للفضاء السيبراني، مما ينذر بأن أهداف الميليشيات انتقلت من احتلال الجيوسياسي لتحتل الفضاء السيبراني العسكري منه والمدني.

تتمثل الميليشيات المسلحة البيئة الخصبة الحاضنة لجميع الوكلاء من التنظيمات المسلحة العابرة للقوميات لما توفره من تجنيد/تدريب /تسليح /مسرح عمليات، كما إن الرابط والشعارات التي تتبنها الميليشيات من نصرة المظلومين والقضية الفلسطينية ومن حق تقرير المصير واستعطاف الراي العام وقبول إي عمل دموي ولا إنساني تنفذه الميليشيات.

تشير المستهدفات المستقبلية للميليشيات المسلحة بإن تمتلك أسلحة محرمة دولياً، فهذا إنذار بإنهيار دول المنطقة بالكامل الهشة منها والمستقرة لمستنقع التدمير النووي.

تشير التحركات المدروسة للميليشيات المسلحة من احتلال مناطق حيوية ومركزية تم أختيارها بمنتهي الدقة يثبت منها على مدى قدرة العقل المدبر من القوي الراعية، وبأن المستقبل القادم من الاستعمار بالوكالة على رأس حربة الميليشيات المسلحة، خاصة بعد تفكك التنظيمات المسلحة الأخرى بالوكالة وتخلي القوي الراعية عنهم مؤقتاً.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق