دول غرب أفريقيا تتبنى نهجًا واقعيًا جديدًا لمواجهة تصاعد الإرهاب في الساحل وسط أجواء انفراج سياسي

قسم الأخبار الدولية 23/05/2025
تجاوزت مجموعة دول غرب أفريقيا (إيكواس) وتحالف دول الساحل، الذي يضم مالي والنيجر وبوركينا فاسو، خلافاتهما الدبلوماسية والسياسية، وعقدتا أول اجتماع رسمي منذ انسحاب هذه الدول الثلاث من المنظمة، في محاولة مشتركة لمواجهة الخطر الإرهابي المتزايد الذي يهدد استقرار المنطقة.
انعقد اللقاء الخميس في العاصمة المالية باماكو، بحضور وزراء خارجية دول الساحل ورئيس مفوضية «إيكواس»، وسط قلق مشترك بشأن استمرار توسع الجماعات المسلحة العابرة للحدود. وأكد الطرفان، في بيان مشترك، أهمية تعزيز التنسيق الأمني وبناء إطار تفاوضي جديد ينظم العلاقة بين الكتلتين، مع الحفاظ على حرية تنقل الأشخاص والبضائع ومكتسبات التكامل الإقليمي.
ويأتي هذا التقارب بعد سنوات من التوتر، تصاعدت إثر سلسلة الانقلابات العسكرية التي شهدتها مالي وبوركينا فاسو والنيجر منذ عام 2020، وردّت عليها «إيكواس» بفرض عقوبات صارمة. وقد عمّق انسحاب الدول الثلاث من المنظمة في يناير 2024 الانقسام الإقليمي، خصوصاً مع اصطفاف دول الساحل إلى جانب روسيا بعيداً عن الحلفاء التقليديين في الغرب.
بحسب المؤشر العالمي للإرهاب لعام 2024، أصبحت منطقة الساحل بؤرة رئيسية للإرهاب في العالم، إذ سجلت وحدها 51% من الوفيات الناجمة عن هجمات إرهابية، بما يعادل 3885 قتيلًا من أصل 7555 عالميًا. ودفع هذا الوضع الأمني المتدهور الجيوش الحاكمة في دول الساحل إلى تغيير تحالفاتها، ما جعل المنطقة ميداناً لصراع نفوذ دولي بين القوى الكبرى.
ورغم التوترات المتراكمة، أكد الطرفان في بيان اللقاء على «روح الأخوة والمسؤولية» التي طبعت المشاورات، وأعربا عن رفضهما لانزلاق الوضع نحو عزلة متبادلة قد تفسح المجال أمام تنظيمات مثل «القاعدة» و«داعش» لتوسيع نفوذها.
وشملت أجندة اللقاء قضايا تتعلق بالشراكات السياسية الجديدة، والأمن الإقليمي والدفاع المشترك، والتنمية الاقتصادية، مما يشير إلى تحول في الأولويات نحو مقاربات أكثر براغماتية، تضع الأمن والاستقرار في صدارة الاهتمامات.
وتُعد هذه الخطوة بداية محتملة لإعادة رسم خريطة التعاون في غرب أفريقيا، في ظل تهديدات متصاعدة تحتم تجاوز الانقسامات وتوحيد الجهود لمواجهة تحديات مشتركة تهدد أمن المنطقة بأكملها.